المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفس و ما تهوى ، و العقل و ما وعى


adnan
03-17-2013, 11:17 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين

النفس و ما تهوى ، و العقل و ما وعى



وقد ذكر الدكتور/ مصطفى محمود العلاقة الدائرة بين الإنسان، النفس،
الشيطان الذي يحاول غواية الإنسان بالدخول إلى نفسه في مقالة له
بعنوان:
" أنا ونفسي والشيطان"
كان على هيئة حوار دائر بين النفس، الإنسان والشيطان
إليكم المقال كاملاً:

" أنا ونفسي والشيطان"

قالت لي نفسي ‏:‏
نارك وجنتك بين جنبيك‏..‏ نارك وجنتك فيما تختار‏,‏ وما تعجل إليه من أقوال
وأفعال‏,‏ وما تبادر إليه من عمل وما تمتد إليه يدك من حلال وحرام‏.‏
يدك هي التي تحفر بها قبرك وتصنع بها مصيرك‏,‏ ولسانك هو الذي يهوي
بك إلى الهاوية أو يصعد بك إلى أعلى عليين‏..‏ أنت ما تقول وأنت ما تفعل‏.‏
انظر ماذا تفعل تعلم مسكنك‏,‏ وتشهد قيامتك قبل قيامتك وتعلم ساعتك قبل
ساعتك‏.‏

قال لي شيطاني مستنكرا‏:‏
وأين أنت الآن من قيامتك وأين أنت من ساعتك؟ هذا الوسواس الشوم
الذي تصحو وتبيت فيه‏..‏ انظر حولك يا فتى ..‏ أنت مازلت في الدنيا اقطف
زهرتها‏,‏ وانعم بلذاتها‏,‏ وأمامك فرص التوبة ممتدة بطول عمرك‏..‏ وأنت
ما عشت فأنت في رعاية التواب الغفار غافر الذنب وقابل التوب‏..‏
لا تعقد أمورك واضحك للأيام تضحك لك‏..‏

قلت وأنا أتحسب كل كلمه
تضحك لي أو تضحك على يالعين‏..‏ ومن أدراني أن ما أقول الآن هو
آخر أقوالي وما افعل الآن هو ختام أفعالي‏,‏ واني ميت اليوم ومن مات
فقد قامت قيامته وبدأت ساعته‏.‏

قال شيطاني‏..‏
أعوذ بالله من غضب الله ما هذا الكابوس الذي تعيش فيه حياه كالموت
وموتا كالحياة لم يبق إلاّ أن تصنع لنفسك تابوتاً وتنسج لك كفنا تتمدد فيه‏..‏
أين أنت من هذا اليوم يا،رجل؟‏!‏

قلت‏:‏
ومن يدريني أن بعد اليوم بعد

قال شيطاني‏:‏
هل أقمت من نفسك قابضاً للأرواح وفالقاً للإصباح أم انك المتنبي الذي
لا تخيب له نبوه‏..‏ الزم غرزك يا،رجل ما أنت إلاّ عبد من عباد الله‏..‏
عش يومك كأنك تعيش أبداً‏.‏

قلت‏:‏
ما قالوها هكذا يا،لئيم‏..‏ بل قالوا‏ اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً‏,‏
واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا‏ أرأيت كيف تقلب كل الحقائق‏.‏

قال شيطاني‏:‏
إنما أردت لك الحياة‏,‏ وأردت أنت لنفسك الموت‏..‏ ومرادي كان
دائماً مصلحتك‏.‏

قلت‏:‏
بل موت النفوس كان مرادك‏,‏ وهلاكها في الجحيم كان شغلك الشاغل‏,‏
وهمك المقيم يا سمسار الجحيم‏.‏

هل كنت أكلم أحداً ؟؟‏‏ أم كان يكلمني احد
هل كان حواراً بحق‏..‏ أم كان خيالاً ..‏ أتخيله
إن حديث النفس حقيقة لاشك فيها‏..‏ وهو نوع من الإعجاز الرباني‏..‏
فهو حيث داخلي لا يسمعه غيرك‏,‏ ولا يطلع عليه سواك‏..‏ ولا يستطيع أي
جهاز الكتروني بشري أن يسجله عليك‏..‏ والنفس فيه طرف‏ والطرف الآخر
يمكن أن يكون النفس ذاتها‏..‏ ويمكن أن يكون الشيطان‏ وإبراهيم الكليم
أبو الأنبياء كلمه ربه‏..‏ وهكذا ترتفع المكالمة لكل نفس على حسب قدرها
ومستواها‏.‏

يقول ربنا محادثا موسي في سوره الأعراف الآية :‏144 ‏

{ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي
فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ }

وحينما تكون وساوس النفس من المستوي الشيطاني‏‏ يمكن أن يكون
الشيطان طرفا في الحديث وحينما ترتفع النفس إلى المستوي الملائكي‏
يمكن أن يكون القرين المتحدث ملائكيا‏‏ وكلما ارتفع مستوي الحديث ارتفع
مستوي المتحادثين‏.‏
وللغيب علومه كما أن للفيزياء علومها وللذرة علومها وللنفس علومها‏.‏
والشيطان حقيقة وليس شخصيه روائيه خيالية من بنات خيال المؤلفين‏.‏
وفي آخر الزمان حينما تقوم القيامة سوف يعترف الشيطان بما فعل بضحاياه
أمام الملأ وأمام الحشر والمجتمع من كل الخلائق‏.‏

{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ
وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ
إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) }
إبراهيم

وهكذا ينزل ستار الختام على الدراما الكبرى للوجود التي استغرقت أجيالاً
وقرونا من آدم أول الخلق إلى الخاتم محمد بن عبد الله آخر الرسل
عليه الصلاة والسلام‏..‏ في كلمات هائلة تتصدع لها القلوب ومشهد جامع
يشيب لهوله الولدان‏.‏

وسوف نري الشيطان ساعتها‏,‏ وهو يتكلم في قلب الجحيم وسوف نسمع
آخر كلماته إن الظالمين لهم عذاب أليم

إن الشيطان حقيقة وليس أسطورة
والنار حق والعذاب حق