المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حزن النبي صلى الله عليه و سلم عندما فتر عنه الوحي


adnan
05-02-2013, 08:00 PM
الأخ / مصطفى آل حمد



حزن النبي صلى الله عليه و سلم عندما فتر عنه الوحي



(http://www.ataaalkhayer.com/)

البداية والنهاية لابن كثير



قال البخاري في روايته المتقدمة‏:‏



[ ثم فتر الوحي حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً

غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال،

فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدَّى له جبريل فقال‏:‏

يا محمد، إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه وتقرَّ نفسه فيرجع،

فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له

جبريل، فقال له مثل ذلك‏ ]



وفي ‏‏الصحيحين‏‏ من حديث عبد الرزاق، عن معمر،

عن الزهري قال‏:‏ سمعت أبا سلمة عبد الرحمن،

يحدث عن جابر بن عبد الله قال‏:‏

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي‏ :



‏(‏‏ ‏ فتَرَ الوحيُ عني فترةً ، فبينا أنا أمشي سمعتُ صوتًا من السماءِ ،

فرفعتُ بصري قِبَلَ السماءِ ، فإذا أنا بالملَكِ الذي أتاني في غارِ حراءٍ ،

على سريرٍ بين السماءِ والأرضِ ، فجنَبْتُ منه فرقًا ،

حتى هوِيتُ إلى الأرضِ ، فأتيتُ خديجةَ ، فقلتُ : دَثِّروني دثِّروني ،

فدَثَّرَتْ ، فجاء جبريلُ فقال :



{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } ‏)

صححه الألبانى



قال‏:‏ ثم حمي الوحي وتتابع فهذا كان أول ما نزل من القرآن

بعد فترة الوحي لا مطلقاً‏.‏

‏( ‏ج/ص‏:‏ 3/24‏ )‏

ذاك قوله‏:‏



‏{ ‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ‏}‏

وقد ثبت عن جابر أن أول ما نزل :



‏{ ‏يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ‏ }‏

واللائق حمل كلامه ما أمكن على ما قلناه، فإن في سياق كلامه

ما يدل على تقدم مجيء الملك الذي عرفه ثانياً بما عرفه به أولاً إليه‏.‏

ثم قوله‏:‏

يحدّث عن فترة الوحي دليل على تقدم الوحي على هذا الإيحاء والله أعلم‏.‏



وقد ثبت في ‏الصحيحين‏‏ من حديث علي بن المبارك، وعند مسلم،

والأوزاعي، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير:



( سأَلتُ أبا سلَمةَ : أيُّ القرآنِ أُنْزِلَ قبلُ ؟

قالَ : يا أيُّها المدَّثِّرُ ،

فقُلتُ : أوِ اقرأ ؟

فقالَ : سألتُ جابرَ بنَ عبدِ اللَّهِ أيُّ القُرآنِ أُنْزِلَ قبلُ ؟

قالَ : يا أيُّها المدَّثِّرُ ،

فقُلتُ : أو اقرأ ؟

قالَ جابرٌ : أحدِّثُكُم ما حدَّثَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، قالَ :

جاوَرتُ بِحِراءٍ شَهْرًا ، فلمَّا قَضيتُ جِواري نزَلتُ فاستَبطنتُ بطنَ الوادي ،

فَنوديتُ فنظرتُ أمامي وخلفي ، وعن يَميني ، وعَن شمالي ، فلَم أرَ أحدًا ،

ثمَّ نوديتُ فنظرتُ فلم أرَ أحدًا ، ثمَّ نوديتُ فرفَعتُ رأسي ،

فإذا هوَ علَى العَرشِ في الهواءِ ( يَعني جبريلَ علَيهِ السَّلامُ )

فأخَذَتني رَجفةٌ شَديدةٌ ، فأتَيتُ خديجةَ ،

فقُلتُ : دثِّروني ، فدثَّروني ، فَصبُّوا عليَّ ماءً ، فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ :



{ يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } )



وهذا صريح في تقدم إتيانه إليه وإنزاله الوحي من الله عليه كما ذكرناه

والله أعلم‏.‏



ومنهم‏:‏ زعم أن أول ما نزل بعد فترة الوحي سورة‏:‏



‏{ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ‏}‏

إلى آخرها‏.‏

قاله محمد بن إسحاق‏.‏



وقال بعض القرَّاء‏:‏

ولهذا كـَّبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أولها فرحاً وهو قول بعيد

يرده ما تقدم من رواية صاحبي ‏(‏الصحيح‏)‏ من أن أول القرآن نزولاً بعد

فترة الوحي‏:‏



{ يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ }

ولكن نزلت سورة ‏(‏والضحى‏)‏ بعد فترة أخرى، كانت ليالي يسيرة

كما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏ وغيرهما، من حديث الأسود بن قيس،

عن جندب بن عبد الله البجلي، قال‏:‏



( اشتَكى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلم يَقُمْ ليلةً أو ليلتَينِ ،

فأتَتْه امرأةٌ فقالتْ : يا محمدُ ، ما أُرى شيطانَك إلا قد ترَكك ،

فأنزَل اللهُ عز وجل :



{ وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى } )

صحيح البخارى



وثم حمي الوحي بعد هذا وتتابع - أي‏:‏ تدارك شيئاً بعد شيء –

وقام حينئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرسالة أتم القيام

وشمَّر عن ساق العزم، ودعا إلى الله، القريب، والبعيد، والأحرار، والعبيد،

فآمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد،

واستمر على مخالفته وعصيانه كل جبار عنيد‏.‏

فكان أول من بادر إلى التصديق من الرجال الأحرار‏:‏ أبو بكر الصديق‏.‏

ومن الغلمان‏:‏ علي بن أبي طالب‏.‏

ومن النساء‏:‏ خديجة بنت خويلد زوجته عليه السلام‏.‏

ومن الموالي‏:‏ مولاه زيد بن حارثة الكلبي رضي الله عنهم وأرضاهم‏.‏



والله جل جلاله اعلم
في الله اخوكم مصطفى الحمد