المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمراض من نوع آخر


adnan
05-10-2013, 10:14 PM
الأخ المهندس / إبراهيم حسن






أمراض من نوع آخر

مما راق لى




إن الأمراضَ التي تُصِيب الأجسادَ تُجنَّد لها أساطينُ الطبِّ، فتُعالِجُها،

ويُبذَل لها الوقتُ، والمالُ، والجهدُ؛ ليكونَ كشفًا علميًّا يسطِّره التاريخ

بسَبْقٍ وإعجازٍ.



ولكن مرضَ الروحِ والنَّفْسِ والسلوك، وإن تسابقت عقولُ الفلاسفةِ،

وعلماء الاجتماع لحلِّ معضلاتٍ، أو ربما توضيح بعض المنغلِقات -قد يفشَل؛

لأن المنطلَق لهؤلاءِ يَبتَعِد أحيانًا عن المَنبَعِ النَّقِي الصافي لشفاءِ الروح

والنفس، وتعديل السلوك.



ما يُحتَاجُ له هنا حميَّة من مشكاةٍ ربانيةٍ تقصِّي كلَّ الأطباقِ العلمانية،

والليبرالية،والحَدَاثية،والإفسادية، حميَّة تُوقَد من تعاليمَ نورانيةً،

أقلامُها من شجرٍ مباركٍ، وأرضٍ مباركة، ونفوس مخلصة ذاتِ كفاءةٍ.



أقلامٌ لَدَيها مناعةٌ طبيعيةٌ من هذا المرض الجُرْثُومي،

وقد أَخَذت مضادَّاتٍ حيويَّة روحانية من حروفٍ نيِّرات،

استَضَاءت بها؛ لتُنِير الدربَ، وترجِّح الكِفَّة، وتَرمِي بفسادِ الكلماتِ

في مَكَبٍّ لا تَصِل إليه الأيدي.

أقلامٌ لا تَمَلُّ في حربِها، وصوتُ عباراتِها كأسدٍ يَزْأَر في وجهِ تلك السدودِ

التي بَنَوها؛ ليَمنَعُوا نفاذَ النورِ الحق.



أقلامٌ تَنْزِع اللِّثَام عن وجهِ الطُّغَاة الفاسدين، الذين جنَّدوا القلمَ الجُرْثُومِي؛

ليَقِفَ في مواجهةِ الخيرِ والحق والعدل، ويخدِّر العقولَ،

ويكون يدَ إبليسَ الذي قال لربِّ البرية:



{ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ

إِلَّا قَلِيلًا قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا

وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ

وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا }

[الإسراء: 62 - 64]



فالحاجةُ الآنَ لتثورَ النفسُ المفطورةُ على الخيرِ، وتَحرِق كلَّ الصحاف،

وتتنبَّه لتُعلِنَ أنها بَرِئت من جراثيمِهم وأدبِهم العَفِن،

فقد تيقَّنت أن المنظومةَ واحدةٌ، وأنها دائرةٌ متكاملةٌ؛

فإن مرِض الفرد فسيَمرَض جارُه، فما من علاجٍ إلا ثورة في قلب الخور.



وإن أريد الإصلاحُ، فبزرعِ الاعتزاز بالدين عبرَ القلم النظيف،

الخالي من كلِّ مرضٍ جرثومي محليٍّ ومستورَدٍ،
موجَّه ومُمَنهَج، يَبطِش بجسم الأمةِ .