المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعجاز التشريعي في نظام الزكاة


adnan
05-10-2013, 10:22 PM
الأخت / الملكة نــــــــور



الإعجاز التشريعي في نظام الزكاة

بقلم الشريف عبود الشريف



مقدمة :



تعتبر الزكاة التي هي الركن الثالـث من أركان الإسـلام

الركن المالي الاجتماعي في الإسلام .

و هي من نظم الإسـلام المالية ،

وذلك علي الرغـم من أنها تعتبر العبادة الثانية في الإسلام

الأمر الذي يدرجها في نطاق فقه العبـادات

كما أنها من الناحية الأخرى تدرج في نطاق الفقه المالي و الاجتماعي .

و قد أصبح موضوع الزكاة والموارد المالية في الإسلام

وطرق الاستثمار وعلاقتها بالأفراد والمجتمعات وحقوق العامة والخاصة

هي موضوعات الساعة .

الأمر الذي يدفع الباحثين في محاولة إبداء الرأي فيما جد من مسائل

وأحداث متعلقة بالموضوع ، لم يعرفها علماء المسلمين السابقين

مما لا يسع الباحث الإسلامي المعاصر أن يغفله .

ولهذا فسوف نحاول في هذه الورقة أن نبحث في إمكانية ربط الزكاة

بصفتها نظاماُ مالياُ اجتماعياُ بالفكر الاكتواري بصفتـه هندسة للنظام المالي الاجتماعي ،

وما إذا كانت إدارة نظام الزكاة في حاجة إلي هذه الدراسـات

الاكتوارية في تنفيـذ أحكامها علي الوجه المفروض

و بالدقة المطلوبة .



التعريف بالزكاة :

الزكاة لغة هي النماء والطهارة

وهي شرعاُ حق مقدر بتقدير الشارع .

وقد فرضت الزكاة علي المسلميـن في السنة الثانية من الهجرة.

وفرضيتها ثابتة بالكتاب والسنة و الإجماع



فقد وردت الزكاة في الكتاب في آيات كثيرة

منها قوله نعالي :



} وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ{



[البقرة:43]



https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=13e8ede801aa9bee&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)





و كلمة الزكاة وردت في القرآن اثنين وثلاثين مرة في

تسعة عشر سورة .

أما في السنة فقد ثبتت فرضية الزكاة في أحاديث كثيرة

منها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه

عن النبي صلي الله عليه وسلم لما بعث " معاذ " إلي اليمن ،



)أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعَثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليمنِ ،

فقال : ادعُهم إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ ،

فإن هم أطاعوا لذلك ،

فأَعْلِمْهم أن اللهَ قد افتَرَضَ عليهم خمسُ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ،

فإن هم أطاعوا لذلك ،

فأَعْلِمْهم أن اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً في أموالِهم ،

تُؤْخَذُ مِن أغنيائِهم وتُرَدُّ على فقرائِهم .(



الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:البخاري

المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1395

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



و في الإجماع اتفقت كلمة الأمة علي أن الزكاة فرض عين

علي كل مسلم توفرت فيه الشروط المقررة

فهي ركن من أركان الإسلام من جحدها اعتبر مرتداُ .



موقع الزكاة بين مفاهيم الحماية الاجتماعية الأخرى :

نظام الزكاة هو أحد شقي نظام الضمان الاجتماعي

و شقها الثاني هو التأمين الاجتماعي

ونظام الضمان الاجتماعي هو أحد شـقي نظام الرعاية الاجتماعية

و شقها الآخر هو الخدمات الاجتماعية و الرعايـة الاجتماعية

هي أحد شقي التكافل والشـق الآخر هو الأمن .

و عندما شرعت الزكاة خلال الفتح الإسلامي لأوربا لم يستطع الحكام

في أوربا أن يزيلوا نظام الزكاة بعد انحسار الإسلام عن أوربا خوفاُ

من اندلاع الهبات السياسية و الانتفاضات الشعبية والثورة علي أنظمة الحكم .

و تفاديـاُ لشـعور الشعب بأن الإسلام هو دين التكافل بين أفراد الأمة

اسـتبدل القائمون علي الأمر أسـم الزكاة بإسم آخر للتمويه

هو كلمتي " المساعدات الاجتماعية " .

وعندما انتشر نظام الضمان الاجتماعي في الوقت الحاضر

دخل مفهوم المساعدات الاجتماعية في أدب الضمان الاجتماعي في

البلاد العربية بصفته نمطاَ من أنماط عصرنة الفكر الاجتماعي

ولهذا فمن الأفضل أن نرجع مرة أخري إلي أصل المفهوم

و هو مفهوم الزكاة .

حيث يتعيـن إنفاذ ما حدده القرآن والسنة بشأن وعائها ونصابها وسعرها و مستحقيها .

فالقرآن و السنة عهدا إلي الدولة أو ولي الأمر مسئولية تحصيلها

و صرفها في أوجهها المحددة .

وعليه فلا يجوز بأي حال من الأحـوال الخـلاف حول تحديد سعر

الزكاة أو نصابها أو مستحقيها ومباشرة ولي الأمر تحصيلها و توزيعها .

فالزكاة إذن من واجبات الدولة الإسلامية ،

الأمر الذي يتعين فرضها بتشريع رسمي ملزم .

adnan
05-10-2013, 10:24 PM
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=13e8ede801aa9bee&attid=0.6&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)



الخصائص المميزة للزكاة :



للزكاة خصائص عديـدة تتميز بها عن غيرها من الماليـة الاجتماعيـة

الأخرى في وسـعنا حصر أهمها فيما يلي :

خاصية الإلزام والوجوب :

يشترط لوجـوب الزكاة أن يكون المزكي مسلمـا وحراُ و مالكـاُ تامـاُ لنصاب من المال

وعلي أن يكون هذا المال خاليا من حوائجه الأصلية .

و أن يحول علي هذا المال الحول .

وعند الحنفية أن يكون المزكي عاقلاُ و لهذا فأن الزكاة لا تجب علي الكافر

لأنها ركن من أركان الإسلام ولما كانت لا تصح إلا بالنيـة

فإنـه ليس للكافر نيـة صحيحة ،

كما أن الكافـر إذا أسلـم فإنه لا يجوز جباية الزكاة منه عن المدة السابقة عن إسلامه .

و من وجوب جباية الزكاة أن الشافعية يرون وجوبها علي المرتد

إلا أن هذا الوجوب موقوف علي عودته إلي الإسلام

و إذا مات و هو مرتداً فلا زكاة عليه لأن ماله أصبح فيئاُ للمسلمين

و المالكية يرون أن الإسـلام شـرط للصحة لا للوجـوب

وهنا إن الزكاة لا تجب علي بعض القطاعـات السكانية

مثل الكافر والصبي والمجنون والعبد

و من لا يملك ما يعادل القدر المقرر من المال .



3- خاصية وعاء الزكاة :

و يقصد بوعاء الزكاة المال الذي تجب عليه الزكاة

ولكي تجب فيه اشترط الفقهاء شرطاً خاصاً

وهو أن يكون المال مما يقتنـي للنماء لا أن يسد الحاجة ،

و أن يكون هذا المال مدخلاً لصاحبة في زمرة الأغنياء .

وتجب الزكاة علي تسعه أصناف فإذا هلكت أو مات رب المال

سقطت عنه الزكاة لأنها عبـادة محضة .

أما زكاة مال الخارج من الأرض فإنها تجب في الذمة حتى إذا هلك

المال لا يسقط عن صاحبه إلا في المؤونة .

وفي قول الأئمة الثلاثة إن الزكاة تجب في الذمة

فلا تسقط بهلاك العيـن ولا بموت من وجبت عليـه

وإنما تـؤدي من باقي المال أو التركة لأنها تكليف مالي دائماً .

وقد فـرق الشافعـي وأحمد فيما إذا هلكت العين قبل التمكن

من الأداء فتسـقط الزكاة بما لو كان الهـلاك في خلال الحول ،

وأما أذا هلكـت بعد التمكن من الأداء فإنه يكون مفرطاً

ولا تسقط عنه الزكاة بل تـؤدي من جميع مالـه.

ويفـرق مالك في الأنعام حيث يقول :

وإذا هلكـت العين قبل وصول المصدق سقطت الزكاة عن رب المال

و إذا هلكت بعد وصولة فإنها تلزمه ولا تسقط عنه .



و اتفق فقهاء المسلمين علي وجوب الزكاة في الأصناف التالية :



- صنفان من المعادن هما الذهب والفضة اللتين ليستا بحلي .

- ثلاثة أصناف من الحيوان وهي: الإبل ، والبقر، والغنم.

- صنفان من الحبوب هي : الحنطة ، الشعير .

- صنفان من الثمر هما : التمر، الزبيب .



4- خاصية المساواة في التطبيق :

لم يفرق الإسـلام بين الأفراد في خضوعهم للزكاة

طالما اسـتوفوا شروط وجوبها عليهم بل سوي بينهم مساواة تامة

فلا استثناء لبعض الفئات كما نجد في القوانين الوضعية .



5- خاصية النصاب - الحدود الدنيا :

أما هذه الخاصية فتناظر خاصية الحـدود الدنيا في التأمين الاجتماعي

حيث يعفي ذوى الدخول المنخفضة من المؤمن عليهـم من حصته

علي أن يتحمل هذه الحصة صاحب العمل

كما نص علي ذلك قانـون التأمين الاجتماعي لسنة 1974م في السودان

حيث فرض معدل الاشتراك عن الفئة الأولي من المؤمن عليهم علي صاحب العمل بأكمله .



6- خاصية التوازن المالي :

و تتميز الزكاة بأن موازنتها سنوية بمعني أن جبايتها وصرفها يتم في نفس العام .

وقد يكون حجم الجباية أقل من حجم مصارفها

وفي هذه الحالة يجوز للخليفة أن يفرض علي الأغنيـاء

ما يغطي العجز في مصروفاتها .

وقد تكون الجباية أكبر و في هذه الحالة يجوز للخليفة توزيع

ما تبقي علي جيران المنطقة ، و قد فرضت الزكاة بمعدلات جباية ثابتة ،

كما فرضت بمعدلات مصارف ثابتة لا تتأثر البتة

بحجم المزكين و ثروتهم ولا بحجم المصارف

وبرغم ذلك فإن عنصر التكافؤ بين الجباية و المصارف متوفر

بسبب التدابير المتاحة للخليفة .



الزكاة من منظور تأميني :



الآن بعد أن عرضنا للخصائص التي تميز الزكاة

فلتنظر إلي أي مدي تتطابق تلك الخصائص مع نظيراتها في نظم التأمين الاجتماعي

حتى نتجه إلي الموضوع الرئيسي لتلك الورقة

و هو إمكانية إعمال الدراسة الاكتوارية علي فريضة الزكاة .



1- خاصية وجوب الزكاة :

و نبدأ بأول خاصية للزكاة وهي خاصية الوجوب التي تشترط لوجوبها

أن يكون المزكي مسلماً وحراً ومالكا تاماً للنصاب وأن يحول علي ماله الحول

و في هذا نجد إن نظام التأمين الاجتماعي يتميز أيضاً بالإلزام في التطبيق

حيث تم تبني هذه الخاصية لسبب إيمان المشرع بقانون الأعداد الكبيرة

حتى يحقق التخفيض الكبير في تكلفة التأمين الاجتماعي .

و الفرق بينهما في هذه الخاصية هو شـرط الحريـة

والتي أصبحت في زماننا هذا غير متوفرة حيث لم تعد العبودية موجودة .

كما أن هنالك اختلاف يتعلق بالإسلام حيث لا تجب الزكاة من الكافر

إلا أن علي الكافر ضريبة أخري هي الجزية

وعلي المرتد ضريبة الفيء الذي يلغي الخلاف حيث يقع الوجـوب

علي الكافة المشاركة في تمويل الحماية الاجتماعية ،

أما إعفاء الكافر من وجوب الزكاة عن المدة السابقة علي أسـلامه

متشابـه مع إعفاء المؤمن عليه عن المدة السابقة علي دخوله في

نظام التأمين الاجتماعي .




2- خاصية نطاق التطبيق :

وتناظر هذه الخاصية في الزكاة خاصية نطاق التطبيق في التأمينات الاجتماعية

التي توجب التأمين الاجتماعي علي القطاع النشط اقتصادياً وليس علي الفقراء ،

و كذلك ليس علي بعض القطاعات مثل المخدمين لأنفسهم أو أصحاب الحرف .. الخ

إلا أن هناك من ينادي بتوسيع نطاق التأمين الاجتماعي

علي الفقراء عن طريق الضريبة العامة .



3- خاصية وعاء التطبيق :



و تناظر هذه الخاصية في الزكاة خاصية الدخل أو الأجور في التأمينات الاجتماعية

والتي تشترط أن تتوفـر الأجور أولاً لكي يتـم التأمين الاجتماعي علي المؤمن عليه .

فانقطاع الأجر يعني انقطاع التأمين الاجتماعي خلال فترة الانقطاع ،

فكما أن الزكاة توجب أن يكون المال مدخلاً لصاحبه في زمرة

الأغنيـاء فإن التأمين الاجتماعي يوجب أن تكون الأجور مدخـلاً

للمؤمن عليه في زمرة ذوي الدخول الكافيـة

إذ يعفي المؤمن عليه من ذوي الدخول التي تقل عن الحد الأدنى

للأجور من المشاركة في حصة الاشتراكات بل يتحملها صاحب العمل



4- خاصية المساواة في التطبيق :



وتتطابق هذه الخاصية بين الزكاة والتأمين الاجتماعي

والتعامل مع الصبي والمجنون هو نفس التعامل فيما ينتهي

لآن الصبي والمجنون من المنتفعين وليس من المؤمن عليهم

بل من المستفيدين من نظام الحماية الاجتماعية.



5- خاصية النصاب / الحدود الدنيا :

أما هذه الخاصية فتناظر خاصية الحدود الدنيا في التأمين الاجتماعي

حيث يعض ذوى الدخول المنخفضة من المشاركة

في حصة المؤمن عليهـم من جهة

علي أن يتحمل هذه الحصة صاحب العمل كما نص علي ذلك

قانون التأمين الاجتماعي لسنة 1974م في السودان

حيث فرض معدل الاشتراك عن الفئة الأولي من المؤمن عليهم علي صاحب العمل بأكمله .



6- خاصية ربط معدل الجباية :



ويناظر هذه الخاصية لدى الزكاة خاصية ربط معدل الاشتراكات ،

فكما أن التأمين الاجتماعي يربط معدلات الاشتراكات

أما بنسب مئوية من الدخول أو الأجور أما بمعدلات منبسطة على الكافة

أو تتعدد بتعدد فئات الأجور.

فإن ربط معدل الجباية في الزكاة يتم كما سبق قوله

أما أن يربط بمعدل مئوي يعادل 2.5% من رؤوس الأموال

أو فيما يبن 5% إلي 10% من دخل الأصول الثابتة .. الخ..

و في الزكاة تربـط الجباية بما يعادل 20%.

وفي الغنم تربط عن الأربعين شاه الأولي شـاه و لد 5 أي 1 × 10 = 2.5%

وكل ذلك يدل علي التناظر بين خاصية ربط معدل الجباية

في الزكاة وخاصية ربط معدل الاشتراكات في التأمين الاجتماعي .



7- خاصية المحلية :

و تناظر هذه الخاصية خاصية قومية نظام التأمين الاجتماعي

و في هذا نود أن نقرر أنه علي الرغم من أن التأمين الاجتماعي قومي السمة

علي نطاق القطر إلا أن أمواله موزعه علي حسابات محلية ينفق منها

علي مستحقات المعاشات و ما يفيض عنها يورد إلي المركز كاحتياطي

ليستثمر كما أن في وسعي القول بأن الزكاة والتأمين الاجتماعي يتفقان

في إنهما يوزعان داخل القطر و ليس خارجه .



8 - خاصية حد الكفاية في المنفعة :



ويناظر هذه الخاصة لدي الزكاة خاصية الحدود الدنيا في التأمين

الاجتماعي التي تنادي بأن ضرورة عدم المبالغة في زيادة معدلات

الاشتراكات بسبب تفادي المبالغة في امتصاص خاصية القوة

الشرائية للأجور سيقود بالضرورة إلي عدم المبالغة

في رفع معدلات المعاشات والتعويضات

الأمر الذي يؤدي إلي جعل المعاشات تعادل نسب حد الكفاية أي

أن تكون المعاشات في الحدود الدنيا للمعيشة .



9 - خاصية تحديد المنتفعين بالزكاة :



لما كانت الزكاة قد حددت مصارفها في ثمانية

فإن التأمين الاجتماعي قد حدد المنتفعين بفئاتهم من الشيوخ

و العجزة والأرامل و الأيتام و أصحاب العجز المهني كمنتفعين من ذوي المدى الطويل

وفي المرض و العجزة عجزاً مؤقتاً و المتبطلين كمنتفعين من ذوي المدى القصير .

و هذا يدل علي أن كل من الزكاة والتأمين الاجتماعي يهدفان

إلي حماية الضعفاء حماية اجتماعية .

adnan
05-10-2013, 10:25 PM
10- خاصية تقسيم الزكاة :



و ترتبط هذه الخاصية بالحدود الدنيا أيضاً التي أشرنا إليها فيما سبق

فالزكاة تفرض إلا يعطي الفقير عطية يصير بها من الفئات الفنية

فلا تجوز له الصدقة فيصير في أول مراتب الغني فهي حرام عليه .

و من كل ذلك يتبين لنا أن التأمين الاجتماعي يناظر الزكاة في معظم

أغراضها خصوصاً تلك التي تتعلق بحماية الفقراء و المساكين

و ابن السبيل وأن أساليبه وآلياته تكون مماثله .

ولما كانت التأمينات الاجتماعية تعتمد في سبيل تحقق التوازن

المالي علي الدراسات الاكتوارية

فإننا نتساءل إذا كان من الإمكان الاستفادة من تلك الدراسات

الاكتوارية و تطبيقها علي البيانات المالية و الإحصائية

و بيان الموازنات السنوية للزكاة للوصول إلي نتائـج دقيقه تبين لنا

دقة الفروض و الواجبات التي فرضها الله سبحانه وتعالي في قريضة الزكاة .

فإذا اتفقنا علي ذلك فيتبين علينا أن نعي ما يلي :

[أ] أن الغرض من تطبيق الدراسات الاكتوارية علي الزكاة لا يعني

البتة إجراء أي تعديل في معدلات الجباية ومعدلات المصارف

التي تم تحديدها في القرآن و السنة بصورة لا اجتهاد فيها .

[ب] و أن الغرض الرئيسي ينحصر في التحليل الإحصائي و الفنـي لفريضة الزكاة

من هذه الدراسات في تطوير القواعد الاكتوارية نفسها لتطبيـق ما يمكن

أن تصل إليه علي نظـم التأمينات الاجتماعيـة

لعلنـا نستطيع أن نعالج كثير من أوجه القصور السارية حالياً في التأمين الاجتماعي

و من الصعوبة التي تواجهها نظم التأمينات الاجتماعية بسبب التضخم .

[ح] و إذا توصلت الدراسـة الاكتواريـة للموقف المالي للزكاة إلي

أن الموارد لا تكفي لسد مصارفها

فإن ذلك سيتيح للخليفة أن يفرض جباية أخري من الأغنياء لسد هذا الفرق .

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=13e8ede801aa9bee&attid=0.7&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)



العوامل التي يعتمد عليها فحص المركز المالي للزكاة :



فإذا سلمنـا بأن في الإمكان فحص المركز المالي للزكاة

مستخدمين الأسس الاكتوارية

فإن من الضروري الاعتماد علي العوامل التالية :

أولاً : الاحتياطي :

1- لابد من أن يكون للمنشأة المالية احتياطي بقـدر كبير .

( وهذا متوفر بالنسبة للزكاة )

الذي قد يطلق عليه إجمالي الجباية .

2- وأن يكون إجمالي الاحتياطي يعادل مجموعة المـوارد المحصلة

بعد إضافة ريع الاستثمار الذي تحصله هذه الأموال ثم خصم

المصروفات المخصصة لأغراض المنشأة .

و مصروفات الإدارة

( وهنا نقول إن مصرف العاملين عليها أحد الالتزامات الواقعة علي الزكاة ) .

3- و يلاحظ أن التقديرات في الموازنة التقديرية دائماً لا تتطابق مع

الحساب الختامي للمنشأة

الأمر الذي يستوجب فحص المركز المالي لمعرفة أسـباب عدم تطابقه.

و يرجع السبب في الغالب لنتائج الإحصائيات المتوقعة الحقيقية خلال مدة الفحص .

( و هنا نقول أن الوالي من حقه فرض أموال علي الأغنياء في حالة حدوث عجز) .

4- وهذا يستوجب حسـاباُ للاحتياطي الواجـب الاحتفاظ بـه لـدي

المنشأة المالية لتكون قادرة علي الوفاء بكل التزاماتها ،

و يسمي هذا الاحتياطي الجدد الاحتياطي الحسابي

ويتطلب تقدير حسابات اكتوارية طويلة .

و التي تسمي بفحص المركز المالي لهذه المنشأة المالية .

5- والمقصود بفحص المركز المالي تقديـر التزامات المنشأة الواجب

سدادها بعد مقارنة هذه الالتزامات بالموارد المالية للمنشأة

الأمر الذي يتيح للوالي تحديد ما يفرضه علي الأغنياء من مال فوق الزكاة .

6- والمفروض في الدراسـات الاكتوارية لنظم التأمين الاجتماعي

التي تكون التزاماتها طويلة المدى أن القيمة الحالية للالتزامات

تساوي القيمة الحالية للاشتراكات المحتمل تحصيلها

حتى تكون نظم التأمين الاجتماعي قادرة علي الوفاء بالتزاماتها .

إلا أن في أي وقت نجد أن القيمة الحالية للالتزامات أكبر من القيمة

الحالية للاشـتراكات المحتمل تحصيلها

لذلك يتحتم علي صناديق التأمين الاجتماعي أن يكون لديها مبلغ

يساوي الفرق بين هاتين القيمتين الحاليتين حتي تكون قادرة علي

الوفاء بالتزاماتها .

وهذا المبلغ هو ما يسمي بالاحتياطي الحسابي ( الاكتواري )

لصندوق التأمين الاجتماعي في التاريخ المطلوب .

ولهذا إذا أريد فحص المركز المالي للزكاة يتعين إجراء الفحوص

الاكتوارية التي تطبق علي نظم التأمين الاجتماعي الخاصة

بالعوارض الموقوته لنظام التأمين الصحي / الاجتماعي

إذا أن هذه النظم تماثل نظام الزكاة من حيث ربط اشتراك ومن حيث

سداد المنافع في نفس العام .



ثانياً : كيفية فحص المركز المالي :



1- ولكي يتم فحص هذا المركز المالي لابد من توفر البيانات الخاصة

بمصاريف الزكاة الثمانية في تاريخ الفحص وفق الكشوف

الإحصائية التي تبين بياناتهم الديمقراطية

وكذلك بياناتهم الخاصة بالنصاب .. الخ .

و ذلك وفق كل مصرف من مصارفها .

2- كما لابـد من توفر البيانـات الخاصة بجباية الزكاة و حجمها

والحد الأدنى للجباية و الحد الأعلى للجباية

سـواء كان ذلك من الناحية النقدية و العينية

علي أنه من الضروري تقييم الجباية العينية علي الأساس النقدي .

3- و لا بد من توفر البيانات الخاصة بالممولين الجدد للزكاة

و كذلك البيانات الخاصة بذلك الممولين الذين انحدرت دخولهم عن

حد النصاب لطرحهم من إجمالي الممولين .

4- كما أن من الضروري توفر بيانات عن الفقراء والمساكين

و بقية المصارف والجدد و الذين تجاوزت دخولهم حد النصاب

ودخولهم في أول درجات الغني .. الخ ..



ثالثاً : الأسس التي تستخدم في الفحص الاكتواري :



[أ] تم حساب جدول لمعدلات الزكاة بالنسبة للمصارف من الفقراء و المساكين .

[ب] يتم قياس احتمالات الحياة واحتمالات الوفاة .

لحساب القيمة الحالية للالتزامات المالية الواقعة عن الزكاة بمعدل الربط المفروض .

[ح] محاولة الوصول لمعدل مناسب لتطور الدخول لدي الممولين

للزكاة في سبيل حساب القيمة الحالية للجباية المقبلة للزكاة .

و يتـم الحصول علي هذا المعدل من واقع خبرة صندوق الزكاة

خلال فترة من الزمن كافيه لحساب هذا المعدل .



رابعاً : لابد من وضع اعتبار خاص لمعرفة العاملين عليها من

المصارف المالية في الزكاة .







خاتمة :



ومن كل ذلك يتبين لنا إن فحص المركز المالي للزكاة يماثل فحص

المركز المالي لبرامج التأمين المؤقت ( مثل التأمين الصحي )

بمعني ان الالتزامات التي تنشأ نتيجة تحقـق الخطر خلال سنة معينة

تقابلها الاشـتراكات المحصلة عـن نفـس السـنة

إلا أن لابـد من أن يتم تقديـر احتياطي للأخطار الساريـة

واحتياطـي المخاطر تحت التسوية .

هذا بالإضافـة للقيمة الحالية للمزايـا المقررة لأصحاب المصارف

المستحقين في تاريخ الفحص .



والله الموفق ....



الشريف عبود الشريف
مستشار في مجال التأمين الاجتماعي والصحي