المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبتى الجمعة 180 بعنوان : الأرحـــــام


adnan
05-17-2013, 10:37 PM
الحمد لله ذي المن و العطاء ،

يوالي على عباده النعماء ، و يرادف عليهم الآلاء ،

أحمده تعالى حثَّ على الصلة و حذَّر من القطيعة و الجفاء ،

و أشكره على حال السراء و الضراء ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تنزَّه عن الأنداد و الشركاء ،

و تعالى عن الأمثال و النظراء ،

هو الأول بلا ابتداء ، و الآخر بلا انتهاء ،

و أشهد أن نبينا محمداً عبد الله و رسوله إمام الحنفاء و سيد الأصفياء ،

صلى الله عليه و على آله الأوفياء ، و صحابته الأتقياء ،

و التابعين و من تبعهم بإحسان ما دامت الأرض و السماء ،

و سلم تسليماً كثيراً .





فاتقوا الله أيها المؤمنون :



اتقوه وأخلصوا له العبادة، اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام.



{ يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء }



[ النساء : 1 ].



خلقكم من نفس واحدة، فالرب واحد، والأصل واحد. أسرة واحدة

انبث منها الرجال والنساء ليلتقوا في وشيجة واحدة، ويتصلوا برحم واحدة.

من هذا المنطلق تقوم تكاليف التكافل والتراحم.

فأسرة الإنسان وقرابته يا عباد الله هم عدته وسنده، وهم أصله وقوته.



يقول علي رضي الله تعالى عنه :



[ أولئك هم عشيرتك ، بهم تصول و تطول ، و هم العدة عند الشدة ،

أكرم كريمهم ، و عد سقيمهم ، و يسر على معسرهم ،

و لا يكن أهلك أشقى الخلق بك ]



أيها الإخوة في الله :



ما أمر الله بتوحيده، وما نهى عن الإشراك به

إلا وقرن ذلك بالإحسان إلى الوالدين والأقربين.



اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى :



{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً وَبِذِى ٱلْقُرْبَىٰ

وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ

وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ

إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }



[ النساء:36 ].



{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً }



[ الإسراء:23 ].



ثم قال سبحانه:



{ وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ }



[ الإسراء:26 ].



أيها المؤمنون :



إن صلة الأرحام حق لكل من يمت إليك بصلة نسب أو قرابة.

وكلما كان أقرب كان حقه ألزم وأوجب:



( أمك و أباك ثم أدناك أدناك )



وطريق القيام بحق الأقارب والأرحام فشو المودة، واتساع الصدور، وسلامة القلوب.

إن أعظم ما امتن الله به على الزوجين اللذين هما أصل الأسرة ونواتها،

أن جعل المودة والرحمة بينهما



{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا

وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }



[ الروم:21 ].



إن أساس التواصل والرباط الموثق هو التواد والتراحم، وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال،

واستشرى الفساد، وحقت لعنة الله عياذاً بالله :

{ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ

وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ }



[ الرعد:25 ].



إن صلة الرحم بركة في الأرزاق، وتوفيق في الحياة،

ويكتب الله بها العزة والمنعة، وتمتلئ القلوب بها إجلالا وهيبة.

أخرج الإمام أحمد وابن ماجه – ورواة أحمد ثقات مرفوعاً



عن أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضي الله تعالى عنها و عن أبيها :



[ .. و صلة الرحم و حسن الخلق و حسن الجوار

يعمران الديار و يزيدان الأعمار ]

وروى البزار بإسناد جيد والحاكم



عن علي رضي الله تعالى عنه قال :



[ من سره أن يمد له في عمره و يوسع له في رزقه

و يدفع عنه ميتة السوء فليتق الله و ليصل رحمه ]

و في صحيح البخاري مرفوعاً :

( من أحب أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أجله فليصل رحمه )



و في الخبر :



" صلة الرحم محبة في الأهل ، و مثراة في المال ، و منسأة في الأثر "



أي زيادة في المال والعمر وبركة فيهما.

بصلة الأرحام تقوى المودة، وتزيد المحبة، وتتوثق عرى القرابة،

وتزول العداوة والشحناء، ويحن ذو الرحم إلى أهله.



و لتعلموا رحمكم الله



أن صلة الرحم والإحسان إلى الأقربين ذات مجالات واسعة ودروب شتى :

فمن بشاشة عند اللقاء، و لين في المعاملة ..

إلى طيب في القول، وطلاقة في الوجه .

إنها زيارات وصلات، وتفقد واستفسارات، مكالمة ومراسلة، إحسان إلى المحتاج،

وبذل للمعروف، وتبادل في الهدايا.

ينضم إلى ذلك غض عن الهفوات، وعفو عن الزلات، وإقالة للعثرات. عدل وإنصاف،

واجتهاد في الدعاء بالتوفيق والصلاح.

وأصدق من ذلك وأعظم مداومة الصلة ولو قطعوا،

والمبادرة بالمغفرة إذا أخطأوا، والإحسان إليهم ولو أساءوا.

إن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة ومجازاة،

ولكن الصلة الواصلة بينت



في قول نبينا و نبيكم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم



( ليس الواصل بالمكافئ ، و لكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها )



و جاء رجل إلى النبي فقال له : يا رسول الله :



إن لي قرابة أصلهم و يقطعوني ، و أحسن إليهم و يسيئون إلي ،

و أحلم عليهم و يجهلون علي .



فقال عليه الصلاة و السلام :



( لئن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل

" أي تطعمهم الرماد الحار في أفواههم "

و لا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك )


ومع كل ذلك أيها المؤمنون ومع هذه الآيات والأحاديث فإن في الناس من تموت عواطفه،

ويزيغ عن الرشد فؤاده، فلا يلتفت إلى أهل، ولا يسأل عن قريب.

إن العار والشنار، فيمن منحه الله جاهاً وأحسن له رزقاً، ثم يتنكر لأقاربه أو يتعالى عليهم.

بل قد يترفع أن ينتسب إليهم فضلا عن أن يشملهم بمعروفه ويمد لهم يد إحسانه.

وإن قطيعة الرحم شؤم وخراب، وسبب للعنة وعمى البصر والبصيرة



{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ

أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ }



[محمد:22-23].



إن تقطيع الأرحام من أعظم كبائر الذنوب، وعقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة.

أخرج أبو داود والترمذي و صححه الحاكم



عن أبي بكرة رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :



( ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا

مع ما يدخره له في الآخرة من البغي و قطيعة الرحم ) .



و روى الإمام أحمد و البخاري في الأدب المفرد و رواة أحمد ثقات



عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :



( إن أعمال بني آدم تعرض كل عشية خميس ليلة الجمعة

فلا يقبل عمل قاطع رحم ) .



ونقل عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه



أنه كان جالساً بعد الصبح في حلقة فقال :



[ أنشد الله قاطع الرحم لما قام عنا ، فإنا نريد أن ندعو ربنا ،

و إن أبوب السماء مرتجة – أي مغلقة – دون قاطع الرحم ]



أيها الإخوة :



إن أسرع الخير ثواباً البر وصلة الرحم،

وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم،

ومع هذا ترى في بعض من قل نصيبهم من الخير

يسارع في قطع صلاته بأقاربه لأدنى سبب ؛

إما لكلمة سمعها، أو شيئاً صغيراً رآه،

وما درى أنه بهذا قد يجر إلى نفسه وأهله العداوة والجفاء،

فيستحقون اللعنة وزوال النعمة وسوء العاقبة:



{ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ

وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ }



[ الرعد:25 ].



و لقد أوصى زين العابدين علي بن الحسين أبنه

رضي الله تعالى عنهم أجمعين فقال :



[ لا تصاحب قاطع رحم ؛ فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع ]



فاتقوا الله وصلوا أرحامكم، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض.

قدموا لهم الخير ولو جفوا، وصلوهم وإن قطعوا، يدم الله عليكم بركاته،

و يبسط لكم في الأرزاق، ويبارك في الأعمار.



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:



{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ

وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }



[ النحل:90 ].





بارك الله لي و لكم فى القرآن الكريم و نَفَعني الله و إيَّاكم بالقرآنِ العظيم

وبهديِ محمّد سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم ،

و أقول قولي هَذا ، و أستَغفر الله لي ولَكم و لجميع المسلمين

فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم





الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا و يرضى

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد في الآخرة و الأولى ،

و أشهد أن محمداً عبده و رسوله بعثه بالرحمة و الهدى ،

صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله الأصفياء و أصحابه النجباء

و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .





فاتقوا الله أيها المؤمنون ،



واعلموا أن حق القريب رحم موصولة، وحسنات مبذولة،

وهفوات محمولة، وأعذار مقبولة.

وكما قيل:

لا تقطع القريب وإن أساء فإن المرء لا يأكل لحمه لو جاع .



أيها المؤمنون :



لئن كانت صلة الرحم تعني الإحسان إلى المحتاج،

ورفع الظلم عن المظلوم، والمساعدة على وصول الحق.

فليس من صلة الرحم المناصرة على الباطل والعون على الظلم والبغي والعدوان،

فما هذا إلا الحمية الجاهلية الممقوتة، تفشو بها العداوة،

وينشر بها الفساد، وتتقطع بها الأرحام.

ولن يكون البغي والعدوان طريقاً إلى الحق، أو سبيلا إلى العدل والخير.

فاعرفوا الحق وميزوه عن الباطل،

ولا تأخذكم العزة بالإثم، واستقيموا على أمر ربكم.

أطعموا الطعام وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام،

وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام .



ألا فاتَّقوا الله رحمكم الله ،


اللّهمّ اغفر لنا ذنوبنا كلها ، ما ظهر منها و ما بطن

هذا وصلّوا و سلّموا على من أمركم الله بالصلاة عليه في محكَم التنزيل



فقال جلَّ من قائل عليما :



{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا }



[الأحزاب: 56]

اللّهمّ صلِّ و سلِّم وبارِك على عبدِك و رسولك

سيدنا و نبيِّنا محمّد الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،

و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،

و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،

وعن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،

و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .



و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :



( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .



فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،

و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،

و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،

يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .



اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،

و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .



اللّهمّ اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا

من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .



اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،

و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،

و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين



اللّهمّ أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم



اللّهمّ و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و وحد كلمتهم



اللّهمّ آمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم

و أحفظ أخواننا فى برد الشام و فى فلسطين و مينمار و أفغانستان و جميع المسلمين

اللّهمّ و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و داوى جرحاهم

و تقبل شهداءهم و أحفظ دينعم و أموالهم و أعراضهم



اللّهمّ أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللّهمّ أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين

اللّهمّ أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين



اللّهمّ سقيا رحمة لا سقيا عذاب بفضلك و كرمك يا كريم يا تواب

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم
أنتهت