المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيبويه


vip_vip
07-18-2010, 11:18 PM
هو عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، أبو بشر، إمام النحاة، حُجَّة العرب،
وأول من بسط علم النحو، وصاحب (الكتاب) حجة العربية
ودستورها، وهو فارسي الأصل. وُلِد عام أربعين ومائة من
الهجرة (140هـ) على الأرجح وذلك في مدينة البيضاء من أرض
فارس، وهي أكبر مدينة في إِصْطَخْر على بُعد ثمانية فراسخ من
شيراز. قَدِم البصرة وهو غلام صغير، فكان منشؤه بها.

نشأته وحياته

من أرض فارس قدم إلى البصرة، حيث مراكز العلم ومنابر
العلوم، وقد كان شابًّا حسنًا، جميلاً نظيفًا، مفرط الذكاء إلا أنه
كان فيه حُبْسة في عبارته.

ومع حداثة سنِّه فقد انطلق يصحب أهل الحديث والفقهاء حيث
ميله ومراده، فكان يستملي على حمَّاد بن سلمة في حلقته ليكتب
الحديث ويرويه، ويشاء الله أن يكون لغير ما طلب وما أراد أولاً؛
فقد سأل يومًا حماد بن سلمة فقال له: أحدَّثك هشام بن عروة عن
أبيه في رجلٍ رعُف في الصلاة، بضم العين؟ فقال له حماد:
أخطأت، إنما هو رعَف بفتح العين. فانصرف (.....)إلى الخليل،
فشكا إليه ما لقيه من حماد. فقال له الخليل: صدق حماد! ومثل
حماد يقول هذا. ورعف بضم العين لغة ضعيفة

ثم يتكرر الموقف مرة أخرى، فبينما هو يستملي على حماد قول
النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحد من أصحابي إلا وقد أخذتُ
عليه ليس أبا الدرداء". فقال (....): ليس أبو الدرداء بالرفع. وقد
خمَّنه اسم ليس. فقال له حماد: لحنت يا (....)ليس هذا حيث
ذهبت، إنما (ليس) ها هنا استثناء. فكان أن أَنِف (....)من ذلك
وقد أخذ قراره، فقال: لا جرم لأطلبَنَّ علمًا لا تلحنني فيه أبدًا. فطلب النحو، ولزم الخليل.

شيوخه

من أشهر شيوخه حماد بن سلمة، وبعد قراره الأخير هذا عمد
(....)إلى إمام العربية وشيخها الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ لينهل
ويتعلم منه عن حبٍّ وعزيمة وقوة إرادة، فصار يلازمه كالظلِّ
حتى لقد بدا تأثره الكبير بشيخه هذا على طول صفحات كتابه
الوحيد وعرضه في رواياته عنه، واستشهاداته به.

ولم يكتف (....)بشيخه الخليل بن أحمد في علوم النحو والعربية،
بل إنه استزاد من ذلك شأن أقرانه في ذلك الوقت، فتتلمذ أيضًا
على يد أبي الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر، وعيسى بن
عمر، ويونس بن حبيب، وأبي زيد الأنصاري النحوي، وغيرهم


تلامذته

لأن القدر لم يمهله طويلاً حيث تُوُفِّي في ريعان شبابه، فلم يكن
له تلاميذ كثيرون، وكان من أبرز من تتلمذوا على يديه ونَجَم
عنه من أصحابه: أبو الحسن الأخفش، وهو الأخفش الأوسط
أبو الحسن سعيد بن مسعدة، وقُطْرب وهو أبو عليٍّ محمد بن
المستنير، ويقال: إنه إنما سمِّي قطربًا لأن (....)كان يخرج فيراه
بالأسحار على بابه، فيقول له: إنما أنت قطرب ليل. والقُطْرب:
دويبة لا تزال تدبُّ، ولا تفتر

وقال أبو العباس المبرد: "كان الأخفش أكبر سنًّا من (....)
وكانا جميعًا يطلبان. قال: فجاءه الأخفش يناظره بعد أن برع،
فقال له الأخفش: إنما ناظرتك لأستفيد لا لغيره. فقال له (...):
أتراني أشكُّ في هذا

آراء العلماء فيه

قال عنه ابن عائشة: "كنا نجلس مع (....)النحوي في المسجد،
وكان شابًّا جميلاً نظيفًا، قد تعلق من كل علم بسببٍ، وضرب في
كل أدب بسهمٍ، مع حداثة سنِّه وبراعته في النحو

وحدَّث أحمد بن معاوية بن بكر العليمي، قال: "ذُكر (....)عند
أبي، فقال: عمرو بن عثمان قد رأيته وكان حدث السن، كنت
أسمع في ذلك العصر أنه أثبتُ مَن حمل عن الخليل، وقد سمعته
يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حُبْسة، ونظرتُ في
كتابه فرأيت علمه أبلغَ من لسانه

آراء العلماء في مؤلفاته

ذكر صاعد بن أحمد الجياني من أهل الأندلس في كتابه
(طبقات الأمم) قال: "لا أعرف كتابًا أُلِّف في علم من العلوم
قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم، وأحاط بأجزاء ذلك
الفن غير ثلاثة كتب، أحدها: المجسطي لبطليموس في علم هيئة
الأفلاك، والثاني: كتاب أرسطوطاليس في علم المنطق، والثالث:
كتاب (.....)البصري النحوي؛ فإن كل واحد من هذه لم يشذّ عنه
من أصول فنِّه شيء إلا ما لا خطر له"

وقال أبو جعفر: "لم يزل أهل العربية يفضلون كتاب (....)
وقال محمد بن يزيد‏:‏ ‏"لم يُعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب
(....)وذلك أن الكتب المصنَّفة في العلوم مضطرة إلى غيرها،
وكتاب (....)لا يحتاج مَنْ فَهِمَه إلى غيره‏

منهجه في الكتاب

الكتاب يقع في أكثر من تسعمائة وعشرين صفحة، وقد جرى
التقسيم فيه إلى أبواب، ولا نجد فيه كتبًا ولا فصولاً، و(....)
يُكثِر من الأبواب للمبحث الواحد بحسب تنوع ما يجري فيه
البحث.

ويقع الكتاب في جزأين: الأول في مباحث النحو، والثاني في
مباحث الممنوع من الصرف ومباحث النسب والإضافة ومباحث
التصغير وبقية مباحث التصريف، ويحوي إلى مباحث الصرف
والنحو مباحث العربية عامة؛ ففيه المجاز والمعاني وضرورات
الشعر وإنشاده وتعريب الكلمات الأعجمية، وفيه أيضًا قدر وافٍ
من مباحث الأصوات العربية

وفاته

أغلب الظن أن وفاة سيبويه لم تكن طبيعية؛ فإنه حين علم
(بعد مناظرة الكسائي) أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي،
خرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه، وقصد بلاد
فارس ولم يعرج على البصرة، وأقام هنالك مدةً إلى أن مات
كمدًا، ويُروى أنه ذَرِبتْ معدته فمات. وفي مكان وفاته والسنة
التي مات بها خلافٌ عريض، والراجح من الأقوال أن ذلك كان
في سنة ثمانين ومائة من الهجرة (180هـ

وذكر الخطيب أن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة،
ويقال: إنه نَيَّف على الأربعين سنة. وهو الصحيح؛
لأنه قد روى عن عيسى بن عمر، وعيسى بن عمر مات
سنة تسع وأربعين ومائة، فمن وفاة عيسى إلى وفاة سيبويه
إحدى وثلاثين سنة، وما يكون قد أخذ عنه إلا وهو يعقل
، ولا يعقل حتى يكون بالغًا، والله أعلم[ (http://www.ataaalkhayer.com/#_ftn17)

وفي مرضه الذي تُوُفِّي فيه، قيل إنه تمثَّل عند
الموت بهذين البيتين:
يُؤَمِّل دنيا لتبقي لـه *** فمات المؤمِّـلُ قبل الأمـلْ
حثيثًا يروِّي أصولَ النخيل *** فعاش الفسيلُ ومات الرجلْ

ويقال: إنه لما احتضر وضع رأسه في حجر أخيه،
فدمعت عين أخيه، فاستفاق فرآه يبكي فقال:
أخيين كنَّا فَرَّق الدهرُ بيننا *** إلى الأمدِ الأقصى ومن
يأمنُ الدهرا

وقال الأصمعي: قرأت على قبر سيبويه بشيراز هذه الأبيات،
وهي لسليمان بن يزيد العدوي:
ذهب الأحبة بعد طول تـزاورٍ ***
ونأى المزار فأسلمـوك وأقشعـوا
تركوك أوحش ما تكونُ بقفـرة ***
لم يؤنسوك وكـربة لم يدفعـوا
قَضَى القضاءُ وصرتَ صاحبَ حفرةٍ ***
عنك الأحبة أعرضوا وتصدَّعوا