المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ففروا إلى الله


هيفولا
08-12-2013, 11:25 AM
ففروا إلى الله
- لفضيلة الدكتوره قذله القحطاني - حفظها الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

إن المتأمل لحال الأمم والشعوب المسلمة من حولنا،،

ليصيبه الألم والحسرة من هذه الكوارث والمصائب العظام التي حلت بالمسلمين .
فما من يوم يمر إلا ونكبة تحل ببلد ، حروب طاحنة،تفرق وشتات
,حروب صليبية ،ورياح عاتية ،وزلازل وبراكين ، دمار وخراب ,

بيوت خاوية وجماجم مترامية ، ودعوات جاهلية ،
ثورات لا يقودها علم ولا تحكيم للكتاب والسنة ...!ّ!




ونحن في وسط ذلك كله نرفل بثياب النعم، والأمن والاستقرار والدعة...
مما أدى بالبعض إلى الترف المعيشي والإشباع الشهواني ، والفراغ الروحي ،
والمجاهرة بالمنكرات ، والدعوة إلى الاختلاط ،

والفساد الأخلاقي والتبرج والسفور والاستهزاء يشرع الله ودينه..!!


وهذا بلا شك من أسباب نزول البلاء كما في الحديث،

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا ضنّ الناس بالدنيا والدرهم وتبايعوا بالعينة وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله
أنزل الله بهم بلاء لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم".

[رواه أبو داود بإسناد حسن].



وفي مسند الإمام أحمد من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده، فقلت: يا رسول الله،
أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟! قال: بلى. قلت: فكيف يُصنع بأولئك؟!
قال: يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان".



ومن هنا أدعو الأمة المسلمة إلى العودة إلى الله،
والفرار إليه سبحانه، وسلوك طريق النجاة.

وهذه أهم مرتكزات النجاة في سائر الأمم:

أولا:-تطبيق الشريعة وتحكيم الكتاب والسنة
إن تطبيق الشريعة الإسلامية في سائر أمورنا الخاصة والعامة
هو سبيل النجاة للأمة من الضياع والضلال وهما المحجة البيضاء
كما في الصحيح (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ماإن تمسكم بهما كتاب الله وسنة نبيه.

ثانيا: التوبة والإنابة وتحقيق التوحيد:
(أليس الله بكاف عبده)سورة الزمر آيه 63 ,
وكان بعض السلف يقول(على قدر العبودية تكون الكفاية)
وقال تعالى في قوم يونس عليه السلام:
(فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ
لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين).
[سورة يونس، الآية: 98].
فإنهم لما فارقهم، وتحققوا نزول العذاب سارعوا إلى التوبة والإنابة،
وندموا على ما كان منهم، ولبسوا المسوح،
وفرقوا بين البهائم وأولادها، ورفعوا الأكف إلى الله ضارعة لزوال العذاب،
وكانوا قد رأوا العذاب مقبلا عليهم كقطع الليل المظلم،
فقبل الله توبتهم، ورفع عنهم عذابه
، وهذا قول جماهير السلف والخلف(1).

ثالثا: الاستغفار:
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ
وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
[سورة الأنفال، الآية: 33].

قال ابن عباس رضي الله عنه: "إن الله جعل في هذه الأمة أمانين،
لا يزالون معصومين مجارين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم:
فأمان قبضه الله إليه، وأمان بقي فيكم؛
قوله:(وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
[سورة الأنفال، الآية: 33] ". أ. هـ

والاستغفار سبب لنزول الخيرات ودفع البلاء والعقوبات
قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم
مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً).
[سورة نوح، الآيات: 10- 12].

فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما:
"أنه صعد المنبر ليستسقي فلم يزد على الاستغفار وقراءة الآيات في الاستغفار
ومنها هذه الآية: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً
يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً).
ثم قال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي ستنزل بها المطر"
. [ذكره ابن كثير في تفسيره].

رابعا:- الصبر على أقدار الله ولزوم التقوى.
قال تعالى (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الأمور )
سورة آل عمران آية 186
وقال تعالى ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
واصبروا إن الله مع الصابرين)
سورة الانفال آية 46

خامسا: إحسان العمل وحسن الظن بالله:
وهذا مع ترك المعاصي والذنوب.
فإحسان العمل مضمونُ حسنِ الظن بالله،
وكما قال الحسن البصري رحمه الله:
"إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وان الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل".
فليس من حسن الظن بالله أن نبارزه بالمعاصي ونعادي أولياءه،
ونوالي أعداءه، فهذا إتباع للهوى، وهو معنى العجز
كما في الحديث: "الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،
والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله".
[رواه الترمذي].

يقول ابن القيم رحمه الله:"وكثير من الجّهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه،
فضيعوا أمره ونهيه، ونسوا أنه شديد العقاب،
وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو
مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند". أ. هـ.


وروى الإمام أحمد عن جُبير بن نُفير عن أبيه قال:"
لما فتحت قبرص فرق بين أهلها، فبكى بعضهم، فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي،
فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم اعز الله فيه الإسلام وأهله؟!
فقال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره،
بينما هي أمّة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".

سادسا: إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فهي سفينة النجاة لهذه الأمة، وصمام الأمان لما نحن فيه من النعم،
ولنا في قصة قوم موسى عليه السلام عظة وعبرة، كما ذكرهم تعالى في قوله:
(واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ
إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ
كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً
قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ
وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ).
[سورة الأعراف، الآيات: 163- 166].

قال ابن عباس رضي الله عنه:
"كانوا ثلاثاً: ثلثٌ نهوا، وثلثٌ قالوا: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ)
وثلثٌ أصحاب الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهو وهلك سائر". أ. هـ

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساس قيام هذه الدولة
منذ أن تعاهد الإمام محمد بن عبد الوهاب مع الإمام محمد بن سعود رحمهما الله.
وما الحملة الإعلامية التدليسية على هذا الجهاز العظيم
إلا محاربة للشريعة، والسعي لعدم تطبيق أحكامها،
والقضاء على جميع أجهزة الدولة الأخرى كالقضاء والعدل والأمن.
إنّ من يحارب هذا الجهاز الأمني هو يسعى في الحقيقة
إلى انتشار بيوت الدعارة والفجور وانتشار الفاحشة،
فما حارب هذه الأوكار إلا رجال الهيئة المخلصون.
ومن حارب رؤوس السحر والشعوذة والدجل والخداع؟!.
ومن حارب مصانع الخمور والمخدرات؟!
فهل يريد هؤلاء أن يخلو المجتمع من آمر بمعروف أو ناه عن منكر؟!.
وهل كانت لعنة بني إسرائيل إلا بهذا كما بين ذلك جل وعلا في قوله:
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
[سورة المائدة، الآيات: 78 – 79].
وروى الإمام أحمد رحمه الله،
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا: فجالسوهم في مجالسهم،
قال يزيد – أحد رواة الحديث –
وأحسبه قال: وأسواقهم وآكلوهم، وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض،
ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم:
(ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس
فقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا".

سابعا: الدعاء:
وهو سلاح المؤمن، وعدو البلاء، وهو من أقوى الأسباب في دفع المكروه
، جاء في مستدرك الحاكم عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تعجزوا من الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد".

وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقول عند الكرب:
"لا إله إلا الله العظيم الحليم،
لا اله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات السبع،
ورب الأرض ورب العرش الكريم".
وفي الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال:
يا حيّ يا قيوم برحمتك استغيث".
يقول ابن القيم رحمه الله
:"ولما كان الصحابة رضي الله عنهم أعلم الأمة بالله ورسوله،
وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم،

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستنصر به على عدوه، وكان أعظم جنده،
وكان يقول للصحابة: لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء.

وكان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة معه، ولكن هم الدعاء،
فإذا ألهمتم الدعاء فالإجابة معه". أ.هـ.

اسأل الله أن يحفظ علينا وعلى جميع المسلمين إيمانهم وأمنهم،
وأن يجنبنا أسباب سخطه وعقوبته، ويثبتنا على الحق
ويجعلنا وذرياتنا هداه مهتدين وصلى الله وسلم وبارك على خاتم أنبيائه ورسله

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.