المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمسات بيانية في سورة الكهف


adnan
10-10-2013, 10:08 PM
الأخت / المـلكــة نــور

بعض اللمسات البيانية في سورة الكهف
بقلم الدكتور / فاضل السامرائي
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=141a216ef8714dc8&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)

قال الله تعالى :

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا {1}
قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ
وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا {2}
مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا {3} وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا }
[ سورة الكهف : 1 – 4 ]

سؤال رقم 1 :

في سورة الكهف قال الله تعالى :

{ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا }
[ آية : 3 ]

س - فلماذا لم تستخدم كلمة ( خالدين ) ؟

الأجابة :
المكث في اللغة : هو الأناة واللبث والانتظار
وليس بمعنى : الخلود أصل المكث.

الله تعالى يقصد الجنّة :

{ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا }
[ آية : 2 ]

والأجر الذي يُدفع مقابل العمل وننظر ماذا يحصل بعد الأجر .
والجنّة تكون بعد أن يوفّى الناس أجورهم .

وفي الآية قال تعالى :

{ أَجْرًا حَسَنًا }
[ آية : 2 ]

فالمقام هنا إذن : مقام انتظار وليس مقام خلود
بعد وعلى قدر ما تأخذ من الأجر يكون الخلود فيما بعد الأجر
وهو الخلود في الجنّة . ومن حيث الدلالة اللغوية الأجر ليس هو الجنّة
لذا ناسب أن يأتي بالمكث وليس الخلود للدلالة على الترقّب لما بعد الأجر .

سؤال رقم 2 :
س- ما اللمسة البيانية في استخدام (فأردت) (فأردنا) (فأراد ربك )
في سورة الكهف في قصة موسى والخضر ؟

الأجابة :
الملاحظ في القرآن كله أن الله تعالى لا ينسب السوء إلى نفسه ؛
أما الخير والنِعم فكلها منسوبة إليه تعالى

كما في قوله :

{ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ
وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا }
[ الاسراء : 83 ]

ولا نجد في القرآن فهل زيّن لهم سوء أعمالهم أبدا
إنما نجد :

{ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ }
[ التوبة :37 ]

وكذلك في قول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام

{ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ }
[ الشعراء : 81 ]

وقوله :

{ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }
[ الشعراء : 81 ]

ولم يقل يمرضني تأدباً مع الله تعالى :

{ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا
وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً }
[ الكهف : 79 ]

في هذه الآية : الله تعالى لا ينسب العيب إلى نفسه أبداً
فكان الخضر هو الذي عاب السفينة فجاء الفعل مفرداً .

{ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً
وَأَقْرَبَ رُحْماً }
[ الكهف : 81 ]

في هذه الآية :
فيها اشتراك في العمل قتل الغلام والإبدال بخير منه حسن
فجاء بالضمير الدالّ على الاشتراك .
في الآية إذن : جانب قتل وجانب إبدال فجاء جانب القتل من الخضر
وجاء الإبدال من الله تعالى لذا جاء الفعل مثنّى .

{ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ
وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }
[ الكهف : 82 ]

في هذه الآية :
الجدار كلّه خير فنسب الفعل لله وحده
وأنه يدلّ على أن الله تعالى هو علاّم الغيوب
وسبق في علمه أن هذا الجدار تحته كنز لهما
وأنه لو سقط سيأخذ أهل القرية المال من الأولاد اليتامى
وهذا ظلم لهم والله تعالى ينسب الخير لنفسه عزّ وجلّ .
وهذا الفعل في الآية ليس فيه اشتراك
وإنما هو خير محض للغلامين وأبوهما الصالح
والله تعالى هو الذي يسوق الخير المحض .
وجاء بكلمة رب في الآيات بدل لفظ الجلالة ( الله )
للدلالة على أن الرب هو المربي والمعلِّم والراعي والرازق
والآيات كلها في معنى الرعاية والتعهد والتربية
لذا ناسب بين الأمر المطلوب واسمه الكريم سبحانه .

سؤال رقم 3 :
س- ما الفرق بين كلمة ( قرية ) و كلمة ( مدينة ) في القرآن الكريم
كما وردتا في سورة يس وسورة الكهف ؟

الأجابة :
في اللغة : إذا اتّسعت القرية تُسمى مدينة ،
والقرية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة.

وفي سورة يس وردت الكلمتان :

{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ }
[ الكهف : 13 ]

و { وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى
قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ }
[ يس : 20 ]

أي أن أصحاب القرية جدّوا في التبليغ
حتى وصل إلى أبعد نقطة في المدينة مع بُعدها .

وقوله تعالى :

{ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى }
[ يس : 20 ]

أي أن هذا الرجل جاء يحمل همّ الدعوة والتبليغ .
ووصل التبليغ إلى أقصى نقطة في المدينة مع أنها متّسعة
وهذا فيه دليل على جهدهم لنشر الدعوة
والذي جاء حمل همّ الدعوة من أقصى المدينة .

و في سورة الكهف :

{ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا
فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ
قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }
[ الكهف : 77 ]

و{ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ
وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }
[ الكهف : 82 ]

استطعم موسى والخضر أهل القرية على سعتها
أي أنهما جالا فيها كلها وبلغ بهم الجوع كثيراً حتى استطعموا أهلها .

adnan
10-10-2013, 10:08 PM
سؤال رقم 4 :
س- في سورة الكهف ما دلالة حرف العطف واو في قوله

{ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }
[ الكهف : 22 ]

مع أنها لم ترد فيما قبلها

{ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } ؟
[ الكهف : 22 ]

الأجابة :
الواو تفيد التوكيد والتحقيق كما صرّح المفسرون
أي كأنها تدل على أن الذين قالوا
أن أصحاب الكهف كانوا سبعة وثامنهم كلبهم
هم الذين قالوا القول الصحيح الصواب ومنهم الزمخشري .
الواو إذن : هي واو الحال
ولكنها أفادت التوكيد والتحقيق بأن هذا القول صحيح
لأن الواو يؤتى بها إذا تباعد معنى الصفات للدلالة على التحقيق والاهتمام

{ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ }
[ الحديد : 3 ]

وإذا اقترب معنى الصفات لا يؤتى بالواو

{ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ }
[ القلم : 11 ]

هنا الصفات متقاربة فلم يؤتى بالواو .

وفي قوله تعالى في سورة التوبة :

{ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ
الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }
[ التوبة : 112 ]

نلاحظ أن الواو ذكرت مع الصفة الأخيرة
وهي الأشد على النفس والآخرين وباقي الصفات الأولى كلها متقاربة
لكن النهي عن المنكر يكون أشدّ على الإنسان
وقد يؤدي إلى الإهانة والقتل أحياناً .

سؤال رقم 5 :
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة الكهف
( فأتبع سببا ) وقوله ( ثم أتبع سببا ) ؟

الأجابة :
الحكم العام في النحو : الفاء تفيد الترتيب والتعقيب .
وثمّ تفيد الترتيب والتراخي أي تكون المدة أطول .
وفي سورة الكهف الكلام عن ذي القرنين

ففي الآية الأولي :

{ فَأَتْبَعَ سَبَبًا }
[ الكهف : 85 ]

لم يذكر قبل هذه الآية أن ذي القرنين كان في حملة أو في مهمة معينة

وإنما جاء قبلها الآية :

{ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا }
[ الكهف : 84 ]

هذا في الجملة الأولى : لم يكن قبلها شيء
وإنما حصل هذا الشيء بعد التمكين لذي القرنين مباشرة ،

أما في الجملة الثانية :

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا }
[ الكهف : 89 ]

فهذه حصلت بعد الحالة الأولى بمدة ساق ذو القرنين
حملة إلى مغرب الشمس و حملة أخرى إلى مطلع الشمس
و حملة أخرى إلى بين السدين وهذه الحملات كلها تأتي الواحدة بعد الأخرى
بمدة وزمن و لهذا جاء استعمال ثم التي تفيد الترتيب و التراخي في الزمن .

ما دلالة قوله تعالى :

{ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً }
[ الكهف : 23 ]

ولماذا استخدام اللام في ( لشيء ) و لم يقل ( عن شيء ) ؟
ورود اللام بعد القول له أكثر من دلالة وهو ليس دائماً للتبليغ
وإنما تأتي لبيان العِلّّة إما بمعنى عن أو بسبب أمر ما ( قال له ) .

وقد جاء في سورة الكهف
في قصة الخضر مع موسى قوله تعالى :

{ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }
[ الكهف : 72 ]

ويقال في اللغة : قلت له كذا وكذا . وقد تأتي اللام مع القول لغير التبليغ
وتأتي بمعنى عن كما جاء في قول الشاعر :
( كضرائر الحسناء قلن لوجهها إنه لدميم )
قلن لوجهها بمعنى عن وجهها .
وقد تأتي اللام بعد فعل قال للتعليل بمعنى لأجل ذلك أو بسبب ذلك .

سؤال رقم 6 :
س- ما إعراب كلمة ( كلمة )

في قوله تعالى :

{ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ }
[ الكهف : 5 ]

سورة الكهف ؟

الأجابة :
كلمة هي تمييز، الفاعل ضمير مستتر ويأتي التمييز ليفسرها
وتسمى في النحو : الفاعل المفسّر بالتمييز .

ما إعراب ( أيّ ) في الآية :

{ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً }
[ الكهف : 12 ]

adnan
10-10-2013, 10:10 PM
في سورة الكهف ؟
أي : هي مبتدأ . وهي من أسماء الاستفهام
وكل الأسماء التي لها صدر الكلام لا يعمل بها ما قبلها إلا حروف الجرّ
ولكن يعمل فيها ما بعدها

{ ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذاباً وأبقى }
[ طه : 71 ]

ما السبب في تنكير الغلام وتعريف السفينة في سورة الكهف

في قوله تعالى :

{ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ
قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً }
[ الكهف : 74 ]

و { فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا
قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } ؟
[ الكهف : 71 ]

حسب التفاسير أن الخضر وموسى عليه السلام
لم يجدا سفينة لما جاءا إلى الساحل
ثم جاءت سفينة مارّة فنادوهما فعرفا الخضر فحملوهما بدون أجر
ولهذا جاءت السفينة معرّفة لأنها لم تكن أية سفينة .
أما الغلام فهما لقياه في طريقهم و ليس غلاماً محدداً معرّفاً .

سؤال رقم 7 :
س- ما اللمسة البيانية في اختيار كلمة الأخسرين

في قوله تعالى في سورة الكهف :

{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } ؟
[ الكهف : 103 ]

وما الفرق بين الخاسرون و الأخسرون ؟

الأجابة :
ورد في القرآن الكريم استخدام كلمتي الخاسرون

كما جاء في سورة النحل :

{ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ }
[ النحل : 109 ]

والأخسرون كما جاء في سورة هود :

{ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ }
[ هود : 22 ]

وفي سورة النمل :

{ أوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ
وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ }
[ النمل : 5 ]

وآية سورة الكهف أيضاَ :

{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً }
[ الكهف : 103 ]

وفي اللغة الأخسر هو أكثر خسراناً من الخاسر ،
ندرس أولاً ما السبب في اختيار كلمة الأخسرون في سورة هود ؟

إذا لاحظنا سياق الآيات في سورة هود :
نجد أنها تتحدث عن الذين صدوا عن سبيل الله وصدّوا غيرهم أيضاً .

إنما السياق في سورة النحل :
فهو فيمن صدّ عن سبيل الله وحده ولم يصُدّ أحداً غيره
فمن المؤكّد إذن أن الذي يصدّ نفسه وغيره عن سبيل الله
أخسر من الذي صدّ نفسه عن سبيل الله لوحده فقط

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ
وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }
[النحل : 107 ]

وإذا قارنّا بين آية سورة هود وآية سورة النمل :

{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ {4}
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ }
[ النمل : 4 – 5 ]

نجد أنه في سورة هود جاء التوكيد بـ ( لا جرم )
وهي عند النحاة تعني القسم أو بمعنى حقاً أو حقَّ وكلها تدل على التوكيد

وإذا لاحظنا سياق الآيات في سورة هود الآيات :

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ
وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ
أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ {18} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ
ويَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ {19}
‏ أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ
وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ
مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ {20}
أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }
[ هود : 18 – 21 ]

أما في سورة النمل: فسياق الآيات يدل على أنهم لا يؤمنون بالآخرة فقط
أما في سورة هود : فقد زاد على ذلك أنهم يصدون عن سبيل الله
وأنهم يفترون على الله الكذب
وفيها خمسة أشياء إضافية عن آية سورة النمل
لذا كان ضرورياً أن يؤتى بالتوكيد في سورة هود باستخدام ( لا جرم )
والتوكيد بـ ( إنهم ) ولم يأتي التوكيد في سورة النمل .

adnan
10-10-2013, 10:11 PM
ونعود إلى آية سورة الكهف :

{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103}
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }
[ الكهف : 103 – 104 ]

نلاحظ استخدام كلمة { ضلّ } مع كلمة { سَعْيُهُمْ } ولم يقل ضل عملهم
لأن السعي هو العدو أو المشي الشديد دون العدو ،
وقال في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يُحسن صنعا ،
والإحسان هو الإتقان وليس العمل العادي ،
في اللغة لدينا : فعل وعمل وصنع .
أما الفعل : فقد تقال للجماد ( نقول هذا فعل الرياح )
والعمل ليس بالضرورة صنعاً فقد يعمل الإنسان بدون صنع ،
أما الصنع : فهو أدقّ وهو من الصَّنعة

كما في قوله تعالى :

{ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ }
[ النحل : 88 ]

والصنع لا تستعمل إلا للعاقل الذي يقصد العمل بإتقان .
إذن آية سورة الكهف جاء فيها ضلال وسعي وصُنع
لذا استوجب أن يؤتى بكلمة الأخسرين أعمالاً
ومن الملاحظ أنه في القرآن كله لم يُنسب جهة الخُسران للعمل
إلا في هذه الآية . ولأن هذه الآية هي الوحيدة التي وقعت في سياق الأعمال
من أولها إلى آخرها

{ نَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
[النحل : 107 ]

و{ بِالْأَخْسَرِينَ } : اسم تفضيل أي أنه هناك اشتراك في الخُسران ،
يوجد خاسرون كُثُر والأخسرين بعضهم أخسر من بعض
أي : التفضيل فيما بين الخاسرين أنفسهم .

سؤال رقم 8 :
س- ما الفرق من الناحية البيانية بين فعل استطاعوا واسطاعوا
وفعل تسطع وتستطع في سورة الكهف ؟

الأجابة :

قال تعالى :

{ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً }
[ الكهف : 97 ]

زيادة التاء في فعل استطاع تجعل الفعل مناسباً للحث
وزيادة المبنى في اللغة تفيد زيادة المعنى.
والصعود على السدّ أهون من إحداث نقب فيه
لأن السدّ قد صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المذاب
لذا استخدم اسطاعوا مع الصعود على السد واستطاعوا مع النقب.
فحذف مع الحدث الخفيف أي الصعود على السد
ولم يحذف مع الحدث الشاق الطويل بل أعطاه أطول صيغة له،
وكذلك فإن الصعود على السدّ يتطلّب زمناً أقصر من إحداث النقب فيه
فحذف من الفعل وقصّر منه ليجانس النطق الزمني الذي يتطلبه كل حدث .

أما عدم الحذف في قوله تعالى :

{ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ
سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }
[ الكهف : 78 ]

وحذف التاء في الآية :

{ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }
[ الكهف : 82 ]

لأن المقام في الآية الأولى مقام شرح وإيضاح وتبيين فلم يحذف من الفعل
أما في الآية الثانية : فهي في مقام مفارقة ولم يتكلم بعدها الخضر بكلمة
وفارق موسى عليه السلام فاقتضى الحذف من الفعل .

adnan
10-10-2013, 10:11 PM
سؤال رقم 9 :
س- لماذا قدّم البصر على السمع
في آية سورة الكهف وسورة السجدة ؟

الأجابة :

قال تعالى في سورة الكهف :

{ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ
وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }
[ الكهف : 26 ]

وقال في سورة السجدة :

{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ
رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ }
[ السجدة : 12 ]

والمعلوم أن الأكثر في القرآن تقديم السمع على البصر
لأن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ
لأن فاقد البصر الذي يسمع يمكن تبليغه
أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ثم إن مدى السمع أقل من مدى البصر
فمن نسمعه يكون عادة أقرب ممن نراه ،
بالإضافة إلى أن السمع ينشأ في الإنسان قبل البصر في التكوين .

أما لماذا قدّم البصر على السمع في الآيتين المذكورتين ؟
فالسبب يعود إلى أنه في آية سورة الكهف
الكلام عن أصحاب الكهف الذين فروا من قومهم لئلا يراهم أحد
ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيلا يراهم أحد
لكن الله تعالى يراهم في تقلبهم في ظلمة الكهف
وكذلك طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى لا يراه القوم
إذن مسألة البصر هنا أهم من السمع
فاقتضى تقديم البصر على السمع في الآية .
وكذلك في آية سورة السجدة، الكلام عن المجرمون
الذين كانوا في الدنيا يسمعون عن القيامة وأحوالها و لا يبصرون
لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك والظنّ ولو تيقنوا لآمنوا
أما في الآخرة : فقد أبصروا ما كانوا يسمعون عنه
لأنهم أصبحوا في مجال اليقين وهو ميدان البصر ( عين اليقين )
والآخرة ميدان الرؤية وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة.
فعندما رأوا في الآخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه تغير الحال
ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع .

سؤال رقم 10 :
س- ما دلالة كلمة { لنعلم } في آية سورة الكهف

{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً }
[ الكهف : 12 ] ؟

الأجابة :

قال تعالى في سورة الكهف :

{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً }
[ الكهف : 12 ]

والعلم قسمان :
- قسم يتعلق بالجزاء
- وقسم يعلمه الله ابتداء لا يتعلق بالجزاء .

ما يفعله الإنسان هو من علم الله لكن حتى ما نفعله يتعلق بالجزاء
وهناك علم آخر وهو العلم الذي قضاه الله تعالى وما يفعله الإنسان
هو تصديق لعلم الله هذا.

وقوله تعالى :

{ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ }
[ الكهف : 12 ]

يعني : لنعلم أي منهم يعلم الحقيقة لأن كل قسم قال شيئاً
فمن الذي يعلم الحقيقة ؟ الله تعالى .
هناك علمان علم سابق الذي سجّل فيه الله تعالى القدر
وعلم لاحق يحقق هذا العلم وهو الذي يتعلق بالجزاء .

سؤال رقم 11 :
س- ماذا عن ربط المستقبل بـ ( غد ) فقط

في قوله تعالى :

{ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا }
[ الكهف : 23 ] ؟

الأجابة :
سبب نزول الآية هو الذي يحدد .
سُئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ثلاثة أسئلة من قبل الكفار
منها عن أهل الكهف

فقال الرسول صلى الله عليه و سلم :

( سأجيبكم غداً )

لأنه لم يكن لديه علم وجاء غد ولم يُجِب الرسول صلى الله عليه وسلم
ولم ينزل عليه الوحي مدة خمس عشرة ليلة فحصل إرجاف
لأن الوحي يتنزّل بحكمة الله تعالى

ثم نزلت الآية :

{ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا }
[ الكهف : 23 ]

فهي مناسبة لأصل سبب النزول وهذا ينسحب
لأنه أحياناً سبب النزول لا يتقيّد بشيء.

مثلاً في مسألة :

{ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا
لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
[ النور : 33 ]

ماذا إذا لم يردن تعففاً ؟
الحادثة التي حصلت أن عبد الله بن أبيّ أراد إكراههن وهن يردن التحصّن
فذكر المسألة كما هي واقعة ثم تأتي أمور أخرى تبيّن المسألة .

{ غداً } في الآية موضع السؤال لا تعني بالضرورة الغد أي: اليوم الذي يلي
وإنما ( قد ) تفيد المستقبل وهي مناسبة لما وقع وما سيقع .

سؤال رقم 12 :
س- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى
{ شيئاً إمرا } و{ شيئاً نُكرا } في سورة الكهف ؟

الأجابة :

قال تعالى
على لسان موسى للرجل الصالح عندما خرق السفينة :

{ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا
قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا }
[ الكهف : 71 ]

وقال تعالى عندما قتل الرجل الصالح الغلام :

{ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ
قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا }
[ الكهف : 74 ]

فوصف خرق السفينة بأنه شيء إمر ووصف قتل الغلام بأنه شيء نُكر
وذلك أن خرق السفينة ونزع لوح خشب منها دون قتل الغلام شناعة
فإنه إنما خرق السفينة لتبقى لمالكيها
وهذا لا يبلغ مبلغ قتل الغلام بغير سبب ظاهر.
والإمر دون النُكر فوضع التعبير في كل موضع بما يناسب كل فعل.
وعن قتادة : النُكر أشدّ من الإمر .
فجاء كل على ما يلائم ولم يكن ليحسن مجيء أحد الوصفين في موضع الآخر
وهذا الاختلاف يدخل في فواصل الآي في القرآن الكريم .