المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة جليلة الانتفاع بالقرآن و شروطه


adnan
10-17-2013, 08:34 PM
الأخت / المـلكــة نــور





الفوائد لأبن القيم - [1]

قاعدة جليلة : الإنتفاع بالقرآن و شروطه

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=141c6421c57986b8&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)



للإمام الجليل شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب

الزرعي المعروف بابن القيّم



قال الشيخ الإمام :



[ محي السنّة قامع البدعة ]



أبو عبد الله الشهير بابن القيّم الجوزيّة رحمه الله ورضي عنه :

[1] قاعدة جليلة الانتفاع بالقرآن و شروطه

إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته و سماعه , و ألف سمعك ,

احضر حضور من يخاطبه به من تكلّم به سبحانه منه إليه ,

فانّه خطاب منه لك , على لسان رسوله .



قال تعالى :



{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى

لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }

[ ق : 37 ]



وذلك أن تمام التأثير لمّا كان موقوفا على مؤثر مقتض, ومحل قابل ,

وشرط لحصول الأثر, و انتقاء المانع الذي يمنع منه ,

تضمّنت الآية بيان ذلك كلّه بأوجز لفظ و أبينه , وأدلة على المراد .



فقوله تعالى :



{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى }

[ ق : 37 ]



إشارة إلى ما تقدّم من أوّل السورة إلى ها هنا وهذا هت المؤثّر .



و قوله :



{ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ }

[ ق : 37 ]



فهذا هو : الملل القابل , والمراد به : القلب الحيّ الذي يعقل عن الله ,



كما قال تعالى :



{ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ {69} لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً }

[ يس : 69 ]



أي : حي القلب .



وقوله :



{ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ }

[ ق : 37 ]



أي : وجّه سمعه وأصغى حاسّة سمعه إلى ما يقال له ,

وهذا شرط التأثّر بالكلام .



و قوله :



{ وَهُوَ شَهِيدٌ }

[ ق : 37 ]



أي : شاهد القلب حاضر غير غائب .



قال ابن قتيبة :



[ استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم , ليس بغافل ولا ساه ]



وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير, وهو سهو القلب ,

وغيبته عن تعقّل ما يقال له , والنظر فيه وتأمّله .

فإذا حصل المؤثر و هو القرآن , والمحل القابل وهو القلب الحي ,

ووخد الشرط وهو الإصغاء ,

وانتقى المانع وهو اشتغال القلب و ذهوله عن معنى الخطاب ,

وانصرافه عنه إلى شيء آخر , حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكّر .

فان قيل : إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه ,

فما وجه دخول أداة { أَوْ }



في قوله :


{ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ }


والموضع موضع واو الجمع لا موضع { أَوْ }التي هي لأحد الشيئين .

قيل : هذا سؤال جيّد والجواب عنه أن يقال : خرج الكلام ب { أَوْ }

باعتبار حال المخاطب المدعو , فان من الناس من يكون حي القلب واعية ,

تام الفطرة , فإذا فكّر بقلبه , وجال بفكره ,

دلّه قلبه وعقله على صحّة القرآن , وأنه الحق ,

وشهد قلبه بما أخبر به القرآن ,

فكان ورود القرآن على قلبه نورا على نور الفطرة ,



وهذا وصف الذين قيل فيهم :



{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ }

[ سبأ : 6 ]



و قال في حقّهم :



{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ

كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ

يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ

وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ

وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

[ النور : 35 ]



فهذا نور الفطرة على نور الوحي , وهذا حال صاحب القلب الحيّ الواعي .



قال ابن القيّم :



[ وقد ذكرنا ما تضمّنت هذه الآية من الأسرار والعبر ]



في كتاب

" اجتماع الجيوش الإسلامية لغزو المعطّلة و الجهميّة " ص 7 - 8 :

فصاحب القلب يجمع بين قلبه وببن معاني القرآن ,

فيجدها كأنها قد كتبي فيه , فهو يقرؤها عن ظهر قلب .

ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد , واعي القلب , كامل الحياة ,

فيحتاج إلى شاهد يميّز له بين الحق و الباطن ,

ولم تبلغ حياة قلبه و نوره و ذكاء فطرته مبلغ صاحب القلب الواعي الحي ,

فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام , وقلبه لتأمّله , والتفكر فيه ,

وتعقل معانيه , فيعلم حينئذ أنه الحق .



فالأول : حال من رأى بعينه ما دعى إليه وأخبر به .

والثاني : من علم صدق المخبر وتيقّنه , و قال يكفيني خبره ,

فهو في مقام الإيمان , و الأوّل من مقام الإحسان .

وهذا قد وصل إلى علم اليقين , وترق قلبه منه إلى منزلة عين اليقين ,

وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر و دخل به في الإسلام .



فعين اليقين نوعان : نوع في الدنيا , ونوع في الآخرة ,

فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبة الشاهد إلى العين .

وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار ,
وفي الدنيا بالبصائر , فهو عين اليقين في المرتبتين .