المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحجج و المعجزات ( 1 )


adnan
01-14-2014, 11:10 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين















الحجج و المعجزات ( 1 )
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1438ba879f670a37&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
تفسير الآيات 258-260 ،
الحجج والمعجزات والإعجاز العلمي
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي

إذا حاورت إنساناً فابْدَأ بحجةٍ قويةٍ لا ردَّ عليها :
من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثامنة والخمسين بعد المئتين،
وهي قوله تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ
فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }

يعلمنا ربنا عز وجل أنك إذا حاورت إنساناً فابْدَأ بحجةٍ قويةٍ لا ردَّ عليها،
وسيدنا إبراهيم بدأ بهذه الحجة..

{ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ }

جاء الملك برجلين، كما تروي الروايات، فقتل أحدهما وعفا عن الآخر،
فالذي قتله أماته، والذي عفا عنه أحياه، هذا الملك المتألِّه، تأوَّل الحياة
والموت على طريقة شرحها لمَن حاجَّه، لإبراهيم عليه السلام، فما دام
متأولاً فالحوار لا ينتهي معه إلى يوم القيامة، والحوار بين متأولين لا
ينتهي إلى يوم القيامة، أنا أقصد كذا وكذا، فأجابه الثاني: أنا أقصد كذا
وكذا، نقاش مستحيل، الطريق مسدود، فلما تأوَّل هذا الملك المتألِّه أنَّ
الإحياء هو العفو، والموت هو القتل، سيدنا إبراهيم لم يقصد ذلك، قَصَدَ أنّ
واهبَ الحياة هو الله، وأنّ الذي ينهي الحياة هو الله،
فالموت يحتاج إلى خلق،
قال تعالى:

{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }
[ سورة الملك: 2 ]

فالحياة تحتاج إلى خَلق، والموت يحتاج إلى خَلق، والله جل جلاله الحيُّ
القيوم هو حيٌ باقٍ على الدوام، يَهَبُ الحياة لكل مخلوق،
(ربي الذي يحي ويميت).النبي إبراهيم عندما رأى الملك متأولاً جاءه
بموضوعٍ غير قابل للتأويل :هذه الشجرة مَن أوْدع فيها الحياة؟ تكون في
الشتاء يابسةً، فإذا جاء فصل الربيع وسقاها الله بالمطر العميم اهتزت
وربت، أزهرت فأورقت فأثمرت، هذه الحياة، هذه البقرة مَن وهَبهَا
الحياة؟ تأكل هذا الكلأ فتعطيك حليباً هو الغذاء الأول للإنسان، لكن حينما
تموت البقرة تصبح جيفةً، ماذا فقدت؟ فقدت الحياة. إذاً، واهب الحياة هو
الله، وخالق الموت هو الله، هذا الملِك المتألِّه تأوّل الحياة على أنها عفوٌ
عن مقتول، والموت إيقاع القتل بالإنسان، ماذا فعل هذا النبي الكريم؟
لما رآه متأوِّلاً ترك الموضوع، وجاءه بموضوعٍ غير قابل للتأويل..

{ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ
فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ }

قال:

{ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ }

أيُّ مؤمنٍ لا يكون إيمانه قوياً إلا إذَا كانت معه حجة :أيها الأخوة؛
حينما يقول الله عز وجل:

{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهَِ }
[ سورة الأنعام: 83 ]

إبراهيم ذو حجة، قياساً على هذه الآية، وأيُّ مؤمنٍ لا يكون إيمانه قوياً
إلا إذَا كانت معه حجة، وإذا لم يستطِع المؤمن أنْ يحاور كافراً، أو مدعياً
بنظرية ما، معنى ذلك أنّ إيمانه ضعيف، فالمؤمن الذي لا يصمد أمام كافر
إيمانه ضعيف، لا بد من أن تمتلك حجةً قوية، لا بد أن ترى الحقائق
ناصعة، لا بد من أن تمتلك إجابة عن كل سؤال تقريباً حتى تكون مؤمناً،
ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، ولو اتَّخذه لعلَّمه.

{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ
إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }
[ سورة الأنعام: 83 ]

رجل كان من علماء الرياضيات المُلْحدين في أمريكا، له قصة عجيبة،
عكف على القرآن الكريمفقرأه، وبعد حوارٍ طويل مع نفسه أعلن إسلامه،
وهو الآن داعية، وصار يصلي في المسجد بعد أن أسلم، رآه صديقٌ له
غير مسلمٍ، فقال: ما هذه الصلاة التي تصليها، إنك تستمع إلى قراءة
باللغة العربية،وأنت لا تفقه هذه اللغة، فما معنى صلاتك؟ فأجابه: إنّ هذا
الطفل الذي ولد لتوِّه، يشعر بنشوةٍ حينما تضمُّه أمُّه إلى صدرها، فماذا
يفهم من لغة أمِّه؟ إنّه لا يفهم شيئاً، والمؤمن إذا أوى إلى المسجد، وإذا
أوى إلى الله عز وجل، فكما يأوي هذا الطفل الصغير إلى صدر أمه،
فأسكته بهذه الحجة، رآه بعض أصدقائه يصلي في الصيف، والكتف
إلى الكتف، فقال له زميل له معترضاً: الجوُّ حارٌّ لِمَ هذا الالتصاق
ببعضكم بعضاً، تباعدوا؟ قال: إن الله عز وجل يحب أن نكون متصلين
به، وفي الوقت نفسه نشعر بمَن حولنا، واللهُ يحبُّ أنْ يعيش الإسلامُ مع
المجتمع. أنا ما قصدت من هذين المثلين أن يكونا مثلين صارخين، ولكن
مِن المستحيل أن يؤمن الإنسان إيماناً حقيقياً إلا ويهبه الله عز وجل
الحجة، يهبه الحجة القوية، فإنسان مؤمن لا يصمد أمام مبتدع، أمام
مُنكر، أمام إنسان شارد، إنسانٌ ليس معه حجة، ما هذا الإيمان؟!! أنت
مع الله، أنت مع العليم، أنت مع الحكيم، لا بد من أن تكون لك حجة
تدلي بها. الله عز وجل علّم الإنسان كيف يجري الحوارَ بالبحث
عن حجةٍ لا تُؤَوَّل :
قال تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ
إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ
فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ }

التقيت مرة بإنسان من اليابان، حدثته عن هذا الدين، قال: إن الله ظلمنا،
لأن هذا الدين باللغة العربية،ونحن ولدنا في اليابان ولا نفقه من هذه اللغة
شيئاً، إذاً نحن قد ظُلِمنا، قلت له: لماذا تعلمت اللغة الإنجليزية؟ قال: من
أجل التجارة، قلت: إذا أردت الحقيقة، وأن تصل إلى الجنة فتعلَّمْ اللغة
العربية كذلك، فأنتَ من أجل كسب المال تعلَّمتَ لغة أخرى. إنسان يقول
لك: هناك مفتٍ أفتى لي في هذا الموضوع، أقول له: لو أن عندك بيتاً هل
تبيعه لأول مشتري، أم تسأل أناساً كثيرين؟ لماذا اكتفيت بهذه الفتوى؟
فما مِنْ حجة يأتي بها أهل الدنيا إلا وهناك حجة تدحضها وتردُّها.

أيها الأخوة
على كلٍّ فقد علّمنا الله عز وجل كيف نجري الحوارَ، ابحث عن حجةٍ
لا تُؤَوَّل، عن حجة لا تُرَدُّ..

{ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ
فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }