المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاقنا الإسلامية 390 / 01.05.1435


adnan
03-02-2014, 09:40 PM
390 الحلقة 08 من الجزء السابع و العشرين


العِــزَّة

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1447d75bbbed52f3&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1 (http://www.ataaalkhayer.com/)


أقسام العِزَّة
العِزَّة الشَّرعيَّة :
إنَّها العِزَّة الحقيقيَّة.. العِزَّة في الحقِّ، وبالحقِّ، والتي يكون صاحبها عزيزًا
ولو كان ضعيفًا مَظْلومًا، شامخًا ولو كان طريدًا مُستضَامًا، فتجده لا يركع إلا لله،
ولا يتنازل عن شيء ممَّا أَمَره به، فهو يَعْتَزُّ بعِزَّة الله -تبارك وتعالى-،
الذي يُعِزُّ من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء. فهذه هي العِزَّة بالحقِّ؛
لأنَّها اعْتِزَاز بمن يملكها، وإذعان له، وانتساب لشرعه وهديه.
وهي التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول تعالى:

{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }
[ المنافقون: 8 ]
ووجه ذلك: أنَّ العِزَّة - التي لله ولرسوله وللمؤمنين - هي الدَّائمة الباقية،
التي هي العِزَّة الحقيقيَّة، والعِزَّة التي هي للكافرين: هي التَّعزُّز،
وهو -في الحقيقة- ذُلٌّ.
إنَّ العِزَّة والإِباء والكرامة من أبرز الخِلَال التي نادى بها الإسلام،
وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهَّد نماءها بما شرع من عقائد،
وسنَّ من تعاليم، وإليها يشير عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه بقوله:

[ أُحِبُّ الرَّجل -إذا سِيمَ خطَّة خَسْف أن يقول -بملء فيه-: لا ]

صور العِزَّة الشَّرعيَّة:
1- الاعْتِزَاز بالله تبارك وتعالى:
فهو يعرف أنَّ الله عزيز، يَهَب العِزَّة من يشاء، كما أنَّه ينزعها ممَّن يشاء،
كما أنَّه يوقن أنَّ الاعْتِزَاز بالعزيز عزَّة، والاعتماد عليه قوَّة،
والالتزام بنَهْجِه شموخ، فتراه قويًّا بإيمانه به، عزيزًا بتوكُّله عليه،
شامخًا بيقينه به.
وهو يعلم أنَّ الاعْتِزَاز بغيره ذلٌّ وهَوَان، والاستقواء بغيره ضعف،
مُعْتَبِرًا بحال كلِّ من اعتزَّ بغير الله تعالى كيف هَوَى إلى مدارك الذِّلة،
وهبط إلى حضيض المهَانة، وكيف تخلَّى عنه من اعتزَّ بهم،
ليتَدَحْرج من ذُرَى العلياء والمجد -المزعوم الكاذب- إلى أسفل دركات الذُّلِّ
قال عبيدة بن أبي لبابة:
[ من طلب عزًّا بباطل وجور، أورثه الله ذُلًّا بإنصاف وعدل ]

2- الاعْتِزَاز بالانتساب للإسلام، والاعْتِزَاز بهديه وشرائعه:
فهو يعلم أنَّ هذا الدِّين دين العِزَّة والقوَّة،
الذي يستمدُّ المسلمون عزَّهم من عِزِّه، وقوَّتهم من قوَّته،
ومتى طلبوا العِزَّة في سواه -من مناهج الأرض الشَّرقيَّة أو الغربيَّة- أذلَّهم الله.
كما أنَّه لا يعتزُّ بقبيلة أو قوميَّة أو نسب أو عِرْق ممَّا ينتسب إليه أهل الجاهليَّة
في القديم والحديث، بل عزَّته بدينه فقط،
وعلى هذا ربَّى نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلمَّا سمعهم -بأبي هو وأمي،
صلَّى الله عليه وسلَّم- ينادي بعضهم:
يا للأنصار، وآخرون ينادون: يا للمهاجرين.
قال صلى الله عليه وسلم:

( أبِدَعْوَى الجاهليَّة وأنا بين أظهركم
وقال: دعوها فإنَّها منتنة )
حال المسلم -في اعْتِزَازه بدينه- كحال أمير المؤمنين
عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه حين قال:
[ نحن أمَّة أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العِزَّة بغيره،
أذلَّنا الله فلا اعْتِزَاز إلَّا بالإسلام، ولا انتماء إلَّا إلى الإسلام ]

أبي الإسلام لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

3- الاعْتِزَاز برسول الله صلى الله عليه وسلم:
فهو يعتَــزُّ بكونه فَرْدًا في أمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم ،
ينتسب إليه إذا انتسبت الأمم، ويُفَاخر به إذا ذُكِر القادة والمصلحون العظماء،
يرجو شفاعته، ويتمنَّى لقائه، ويسأل الله أن يوفِّقه للسِّير على نهجه
وإحياء سنَّته، والقيام بحقوقه.

4- إظهار العِزَّة على الكافرين، والذِّلَّة وخفض الجناح للمؤمنين:
وهذه من أعظم صور العِزَّة ومظاهرها: أن يُرِي المؤمن الكافرين من نفسه
عزَّةً وقوَّةً واستعلاءً، لا كِبْرًا وبَطَرًا، بل إظهارًا لقوَّة هذا الدِّين وعزَّته وعلوِّه،
قال الله عزَّ وجلَّ وهو يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه:

{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }
[ الفتح: 29 ]
فهم رُحَماء فيما بينهم، ألَّا إنَّهم أشدَّاء على الكافرين، أقوياء في مواجهتهم.
وقال -تبارك وتعالى-:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }
[ المائدة: 54 ]
فهذه صفتهم التي استحقُّوا بها التَّمكين، ونالوا بها شرف القيادة،
فهم أذِلَّة على المؤمنين، خافضين الجناح لهم، ليِّنين في تعاملهم معهم،
إلَّا أنَّهم -في الجانب الآخر- أشدَّاء أقوياء على الكافرين