المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد 84 & 85 / من الفوائد لابن القيم


adnan
04-15-2014, 09:54 PM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفائدتان 84 & 85
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14560d1b430c6921&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
[84] الأخلاق المحمودة والأخلاق المذمومة
أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة, وأصل الأخلاق
المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة. فالفخر والبطر والأشر والعجب
والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر و الأعراض و إباء
قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد
بما لم يفعل وأمثال ذلك, كلها ناشئة من الكبر, وأما الكذب والخسة
والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع والجبن والبخل
والعجز والكسل والذل لغير الله واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير
ونحو ذلك, فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس .

وأما الأخلاق الفاضلة
كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفة والصيانة والجود والحلم
والعفو والصفح والاحتمال و الإيثار . وعزة النفس عن الدناءات
والتواضع والقناعة والصدق و الاخلاص والمكافأة و الإحسان بمثله
أ, أفضل , والتغافل عن زلات الناس وترك الاشتغال بما لا يعنيه وسلامة
القلب من تلك الأخلاق المذمومة ونحو ذلك, فكلها ناشئة عن الخشوع
وعلو الهمة. والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة ثم ينزل
عليها الماء فتهتز و تربو وتأخذ زينتها وبهجتها ( يشير إلى سورة فصلت آية 39 )
فكذلك المخلوق منها اذا أصابه حظه من التوفيق .

و أما النار فطبعها
العلو و الإفساد ثم تخمد فتصير أحقر شيء و أذله وكذلك المخلوق منها.
فهي دائما بين العلو اذا هاجت و اضطربت , و بين الخسة والدناءة اذا
خمدت و سكنت ..والأخلاق المذمومة تابعة للنار و المخلوق منها ,
و الأخلاق الفاضلة تابعة للأرض و المخلوق منها . فمن علت همته
و خشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل , و من دنت همته وطغت نفسه
اتصف بكل خلق رذيل .
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14560d1b430c6921&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
[85] المطلب الأعلى يحتاج الى همة عالية ونية صحيحة
المطلب الأعلى موقوف حصوله على همة عالية ونية صحيحة, فمن
فقدهما تعذّر عليه الوصول إليه , فان الهمة اذا مانت عالية تعلقت به
وحده دون غيره . و اذا كانت النية صحيحة سلك العبد الطريق الموصلة
إليه, فالنية تفرد له الطريق والهمة تفرد له المطلوب, فإذا توحد مطلوبه
والطريق الموصلة إليه كان الوصول غايته. و اذا كانت همته سافلة تعلّقت
بالسفليات ولم تتعلّق بالمطلب الأعلى . و اذا كانت النية غير صحيحة
كانت طريقه غير موصلة إليه . فمدار الشأن على همة العبد و نيته هما
مطلوبه و طريقه لا يتم إلا بترك ثلاثة أشياء :

(الأول):
العوائد و الرسوم و الأوضاع التي أحدثها الناس .

(الثاني) :
هجر العوائق التي تعوقه عن أفراد مطلوبه وطريقه و قطعها .

(الثالث):
قطع علائق القلب التي تحول بينه و بين تجريد التعليق بالمطلوب
( و كأنه يشير رحمه الله الى تجرد المسلم عن كل عوائق الدنيا , و علائق
القلب و قبل ذلك بعه عن كل البدع و الخرافات التي أحدثها الناس , و ما
أكثرها في زماننا ) والفرق بينهما أن العوائق هي الحوادث الخارجية ,
و العلائق هي التعلقات القلبية بالمباحات و نحوها . و أصل ذلك ترك
الفضول التي تشغل عن المقصود من الطعام و الشراب و المنام و الخلطة
, فيأخذ من ذلك ما يعينه على طلبه و يرفض منه ما يقطعه عنه أو يضعف
طلبه , و الله المستعان .