المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد من 89 إلى 91 / من الفوائد لابن القيم


adnan
04-19-2014, 12:47 AM
الأخت / الملكة نـــور


من كتاب الفوائد لأبن القيم يرحمه الله
الفوائد من 89 إلى 91
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1457080ef32a9f4b&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

[89] من مزايا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز
ذكر ابن سعد في الطبقات عن عمر بن عبد العزيز أنه كان اذا خطب على
المنبر فخاف على نفسه العجب قطعه. واذا كتب كتابا فخاف فيه العجب
مزقه, ويقول: اللهم اني أعوذ بك من شر نفسي.
طبقات ابن سعد 5\330.

اعلم أن العبد اذا شرع في قول أو عمل يبتغي به مرضاة الله مطالعا فيه
منة الله عليه به وتوفيقه له فيه وأنه بالله لا بنفسه ولا بمعرفته وفكره
وحوله وقوته, بل هو الذي أنشأ له اللسان والقلب والعين والأذن. فالذي
منّ عليه بذلك هو الذي منّ عليه بالقول والفعل, فاذا لم يغب ذلك عن
ملاحظته ونظر قلبه لم يحضره العجب الذي أصله رؤية نفسه وغيبته
عن شهود منّة ربه وتوفيقه واعانته. فاذا غاب من تلك الملاحظة وثبت
النفس وقامت في مقام الدعوى, فوقع العجب ففسد عليه القول والعمل,
فتارة يحال بينه وبين تمامه ويقطع عليه ويكون ذلك رحمة به حتى
لا يغيب عن مشاهدة المنّة والتوفيق. وتارة يتم له ولكن لا يكون له ثمرة,
وان أثمر أثمر ثمرة ضعيفة غير محصلة للمقصود. وتارة يكون ضرره
عليه أعظم من انتفاعه, ويتولد له منه مفاسد شتّى بحسب غيبته
عن ملاحظة التوفيق والمنّة ورؤية نفسه وأن القول والفعل به.

ومن هذا الموضع يصلح الله سبحانه أقوال عبده
وأعماله ويعظم له ثمرتها أو يفسدها عليه ويمنعه ثمرتها. فلا شيء أفسد
للأغعمال من العجب ورؤية النفس, فاذا أراد الله بعبده خيرا أشهده منّته
وتوفيقه واعانته له في كل ما يقوله ويفعله فلا يعجب به. ثم أشهده
تقصيره فيه وأنه لا يرضى لربه به فيتوب اليه منه ويستغفره, ويستحيي
أن يطلب عليه أجرا. واذا لم يشهده ذلك وغيّبه عنه فرأى نفسه في العمل
ورآه بعين الكمال والرضا, لم يقع ذلك العمل منه موقع القبول والرضا
والمحبة. فالعارف يعمل العمل لوجهه مشاهدا فيه منّته وفضله وتوفيقه,
معتذرا منه اليه, مستحييا منه اذ لم يوفقه حقه. والجاهل يعمل العمل
لحظه وهواه ناظرا فيه الى نفسه, يمنّ به على ربه راضيا بعمله,
فهذا لون وذاك لون آخر.
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1457080ef32a9f4b&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
[90] من الحكم والمواعظ
الوصول الى المطلوب موقوف على هجر العوائد وقطع العوائق. فالعوائد
السكون الى الدعة والراحة وما ألفه الناس واعتادوه من الرسوم
والأوضاع التي جعلوها بمنزلة الشرع المتّبع, بل هي عندهم أعظم
من الشرع. فانهم ينكرون على من خرج عنها وخالفها ما لا ينكرون
على من خالف صريح الشرع. وربما كفّروه أو بدّعوه وضلّلوه,
أو هجروه وعاقبوه لمخالفة تلك الرسوم, وأماتوا لها السنن, ونصبوها
أندادا للرسول صلى الله عليه وسلم يوالون عليها ويعادون.
فالمعروف عندهم ما وافقها والمنكر ما خالفها.وهذه الأوضاع والرسوم
قد استولت عليها طوائف من بني آدم من الملوك والولاة والفقهاء
والصوفية والفقراء, والمطوعين والعامة. فربي فيها الصغير ونشأ
عليها الكبير واتخذت سننا بل هي أعظم عند أصحابها من السنن.
والواقف معها محبوس والمتقيّد بها منقطع. عمّ بها المصاب,
وهجر لأجلها السنة والكتاب.من استنصر بها فهو عند الله مخذول,
ومن اقتدى بها دون كتاب الله وسنة رسول الله فهو عند الله غير مقبول.
وهذا أعظم الحجب والموانع بين العبد وبين النفوذ الى الله
ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1457080ef32a9f4b&attid=0.6&disp=emb&zw&atsh=1
[91] من العوائق
وأما العوائق فهي أنواع المخالفات ظاهرها وباطنها, فانها تعوق القلب
عن سيره الى الله وتقطع عليه طريقه, وهي ثلاثة أمور: شرك وبدعة
ومعصية, فيزول عائق الشرك بتجريد التوحيد, وعائق البدعة بتحقيق
السنة, وعائق المعصية بتصحيح التوبة. وهذه العوائق لا تتبين للعبد
حتى يأخذ في أهبة السفر ويتحقق بالسير الى الله والدار الآخرة. فحينئذ
تظهر له هذه العوائق يحسس بتعويقها له بحسب قوة سيره وتجرّده
للسفر, والا فما دام قاعدا لا تظهر له كوامنها وقواطعها .