المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 20.06.1435


adnan
04-21-2014, 03:36 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

[ إطلاقات العبادة ]

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14579b5277ddec67&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1 للعبادة معان بحسب ما تتعلق به، وبحسب كونها مصدراً أو اسماً،
وبحسب المتوجه بها إليه، وبحسب ما يلاحظ فيها من حق،

فهذه أربعة إطلاقات:

الإطلاق الأول:
إطلاقات العبادة بحسب ما تتعلق به:
فالعبادة من حيث تعلقها بعموم الخلق وخصوصهم تنقسم إلى عبادة عامة
كونية وإلى خاصة شرعية .

فالعبادة العامة: هي عبادة القهر والملك وهي تشمل أهل السموات
والأرض كلهم مؤمنهم وكافرهم، فالجميع عبيد مربوبون لله
قال الله تعالى:

{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا
إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }
[مريم: 88-93]

وقد ذكر ابن القيم أن هذا النوع يأتي على خمسة أوجه وهي:
1- إما منكراً كما في الآية المذكورة سابقاً.

2- أو معرفاً باللام
كقوله تعالى:

{ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ }
[غافر: 31].

3- أو مقيداً بإشارة أو نحوها،
كقوله تعالى:

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ }
[الفرقان: 17].

4- أو أن يذكروا في عموم عباده فيندرجوا مع أهل طاعته في الذكر،
كقوله تعالى:

{ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }
[الزمر: 46]

5- أن يذكروا موصوفين بفعلهم
كقوله تعالى:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ }
[الزمر: 53].

وهذا المثال المذكور في الوجه الخامس لا يسلم من اعتراض

كما قال ابن القيم نفسه:
وقد قال: إنما سماهم عباده إذا لم يقنطوا من رحمته وأنابوا إليه واتبعوا
أحسن ما أنزل إليهم من ربهم فيكونون من عبيد الإلهية والطاعة اهـ.

وأما العبادة الخاصة الشرعية، فهي عبادة الطاعة والخضوع والذل
والمحبة الاختيارية، وهي خاصة لمن وفقه الله من المكلفين من الأنبياء
والمرسلين وعامة المؤمنين بهم.ومن الآيات الواردة فيها
قول الله تعالى:

{ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ }
[الزخرف: 68]

وقوله:

{ فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }
[الزمر: 17-18]

والآيات في هذا المعنى كثيرة.

الإطلاق الثاني: إطلاقات العبادة بحسب الاسمية والمصدرية:
فالعبادة باعتبارها مصدراً تعني التعبد، وهو فعل العابد وتعريفها: التذلل
لله محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه
الذي جاءت به شرائعه اهـ.

وأما باعتبارها اسماً، فهي تعني: المتعبد به وتعريفها:
اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة

ومن التعريف المذكور في معنى العبادة باعتبارها اسماً يتضح أن للعبادة
أربع مراتب وهي: قول القلب، وقول اللسان، وعمل القلب، وعمل
الجوارح، وهذا معنى قوله: من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة

وقد فصل ابن القيم هذه المراتب فقال:
قول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه
وصفاته وأفعاله، وملائكته ولقائه على لسان رسله.

وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك والدعوة إليه والذب عنه وتبيين بطلان
البدع المخالفة له، والقيام بذكره وتبليغ أوامره.

وعمل القلب: كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه
والرجاء له، وإخلاص الدين له، والصبر على أوامره وعن نواهيه
وعلى أقداره والرضى به عنه، والموالاة فيه والمعاداة فيه، والذل له،
والخضوع، والإخبات إليه والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب،
التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح، ومستحبها أحب إلى الله من
مستحبها، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات،
ومساعدة العاجز، والإحسان إلى الخلق، ونحو ذلك.اهـ.

فظهر من هذا أن جميع أمور الديانة من الاعتقادات والإرادات والأقوال
والأعمال داخلة في مسمى العبادة.ولما جهل كثير من المتأخرين حقيقة
العبادة على الوجه المذكور أعلاه كان من الأفضل زيادة البيان لبعض
أنواع العبادة بذكر أمثلة لها – خاصة المتنازع فيها – مع نقل أقوال
الأئمة الأعلام وبيانهم أنها من العبادة وأن صرفها لغير الله لا يجوز.
ومن هذه الأمثلة: الاستعاذة والاستغاثة والحلف.

فالاستعاذة:
طلب العوذ – وهي الالتجاء إلى الله تعالى من الشر لإزالته أو دفعه .

والاستغاثة:
طلب الغوث، وهي: إزالة الشدة، كالاستنصار وهو طلب النصر.
ولا خلاف في أنه تجوز الاستغاثة بالمخلوق فيما كان قادراً عليه من الأمور
ومنه قول الله تعالى:

{ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ }
[الأنفال: 72]

وقوله:

{ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ }
[القصص: 15].

وأما ما لا يقدر عليه إلا الله كغفران الذنوب وإنزال الرزق وكل ما هو من
خصائص الربوبية فلا يستغاث فيه إلا بالله جل وعلا.
قال الله تعالى:

{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ }
[الأنفال: 9].

وقال تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ }
[فاطر: 3].

والاستعاذة والاستغاثة نوعان من أنواع الدعاء – والدعاء عبادة
كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:

( الدعاء هو العبادة )

ثم تلا قول الله تعالى:

{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }
[غافر: 60]

ومن أقوال أهل العلم في أن الدعاء عبادة:
قال نعيم بن حماد في كتابه (الرد على الجهمية):
دلت هذه الأحاديث على أن القرآن غير مخلوق، إذ لو كان مخلوقاً لم
يستعذ بها، إذ لا يستعاذ بمخلوق،
قال الله تعالى:

{ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ }
[الأعراف: 200]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

( وإذا استعذت فاستعذ بالله ) اهـ.

وهذا الكلام ساقه نعيم بن حماد ليدلل على أن القرآن غير مخلوق، وحجته
في ذلك ما ورد في الاستعاذة بكلمات الله وأسمائه الحسنى، فلو كانت
مخلوقة لم جازت الاستعاذة بها وهذا يؤكد أن هذه المسألة – وهي عدم
جواز الاستعاذة بغير الله – كانت معلومة عند الموافق والمخالف،
وإلا لما أوردها عليهم.

ونظير هذا الاستدلال وهذا القول: قول ابن خزيمة: فإنه قال:
أفليس العلم محيطاً يا ذوي الحجا أنه غير جائز أن يأمر النبي
صلى الله عليه وسلم بالتعوذ بخلق الله من شر خلقه؟ هل سمعتم عالماً
يجيز أن يقول الداعي: أعوذ بالكعبة من شر خلق الله؟ أو يجيز أن يقول
الداعي: أعوذ بالصفا والمروة، أعوذ بعرفات ومنى من شر ما خلق الله؟
هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلم يعرف دين الله، محال أن يستعيذ
مسلم بخلق الله من شر خلقه اهـ.

وقد أورد الإمام البخاري في كتابه الصحيح باب السؤال بأسماء الله تعالى
والاستعاذة بها ضمن كتاب التوحيد، ثم ساق فيه تسعة أحاديث، ومقصوده
بهذه الترجمة: إثبات أن أسماء الله تعالى غير مخلوقة، لأنه قد وردت
الاستعاذة بها والسؤال بها، لأن المخلوق لا يستعاذ به ولا يسأل به.
ويؤكد صحة هذا المعنى الذي تدل عليه ترجمته هو أنه أورد في الباب
تسعة أحاديث وتاسعها لفظه:

( لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفاً فليحلف بالله )