المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواعظ من الآيات القرآنية ( 21 )


adnan
06-04-2014, 08:22 PM
الأخت / الملكة نـــور


مواعظ من الآيات القرآنية ( 21 )

المواعظ الإيمانية من الآيات القرآنية
أميـــر بن محمـــد المــــــدري
إمام و خطيب مسجد الإيمان - اليمن - عمران

الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ،
وعلى آله و صحبه و من والاه ، و بعد :

يقول عز وجل :

{ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ }

خمسة أقسم الله سبحانه وتعالى بها, بدأ بالفجر, والله سبحانه و تعالى
حين يقسم بشيء فإنما ليبين لنا عظم هذا الشيء, قال عز وجل :

{ والفجر }

, و الفجر هو الصبح كما هو معروف,

قال ابن عباس وعكرمة وغير واحد من المفسرين:
"هو انفجار النهار من ظلمة الليل"

و على الراجح من أقوال العلماء المفسرين أن هذا الفجر هو فجر يوم
النحر , هو فجر يوم الحج الأكبر , يقسم الله عز وجل به لعظمه , و لأن
المسلمين يفعلون فيه كثيرًا من مناسكهم في المشاعر المقدسة , هذا هو
الراجح , و ذلك لأن الله عز وجل قرن هذا الفجر بالليالي العشر, وهي
التي على الراجح عشر ذي الحجة .

وأقوال المفسرين في قوله تعالى :

{ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }

منحصرة في ثلاثة أقوال :
عشر ذي الحجة, والعشر الأول من محرم , والعشر الأواخر من رمضان
, و الأقرب هو القول أن العشر هي عشر ذي الحجة , و قد ورد عن النبي
صلى الله عليه وسلم فضل هذه العشر, و نحن مقبلون عليها , و ما كانت
هذه العشر مختصة بهذه الفضيلة إلا لحكمة بالغة , و من تلك الحكمة
البالغة أنه لما كان الله عز و جل قد غرس في نفوس المسلمين حنينًا
وشوقًا على بيت الله الحرام , و إنه لما كان كثير من الناس لا يفدون إلى
البيت الحرام للحج في كل سنة و قد جعل الله عز وجل الحج مرة واحدة
في العمر , جعل الله عز و جل عشرًا من ذي الحجة يستوي فيه السائرون
و القاعدون ينال فيه السائرون والقاعدون أجرًا عظيمًا , فإذا كان قد فاته
الحج إلى بيت الله الحرام فإنه في العشر يعمل في بيته بعمل يفوق الجهاد
في سبيل الله الذي هو أعظم من الحج المبرور
كما ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم
حين سأل عن أفضل الأعمال فقال :

(إيمانٌ بالله ورسوله)) قيل : ثم ماذا ؟ قال :
((الجهاد في سبيل الله)) قيل : ثم ماذا ؟ قال : ((حج مبرور)) .

وقد ثبت فضيلة هذه الأيام العشر في الصحيحين
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال:

( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام
يعني : عشر ذي الحجة. فقالوا: يا رسول الله , و لا الجهاد
في سبيل الله؟ ـ و ذلك لما ارتسم في أذهانهم من عظم الجهاد
في سبيل الله تعالى ـ قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل
الله؟ قال : (( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه
وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) .

وقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يعظمون ثلاثة أعشار من
السنة: عشر ذي الحجة, والعشر الأواخر من رمضان, والعشر الأوائل
من المحرم, وفي هذا الحديث دليل على أن العمل المفضول في الوقت
الفاضل قد يكون خيرًا من الفاضل عند الله عز وجل, فهذه الأعمال التي
تعمل في عشر ذي الحجة أفضل من الجهاد في سبيل الله لخصوصية هذه
الأوقات والأيام, وذلك فضل من الله و نعمة , فكثير من المسلمين في آفاق
الأرض لا يستطيعون حج بيت الله الحرام , فجعل الله عز وجل لهم هذه
العشر كي يعملوا فيها الأعمال المعتادة , فعلى المرء أن يكثر من ذكر الله
وقراءة القرآن في هذه العشر التي ستقبل علينا , و أن يكثر من نوافل
الصلاة , و أن يكثر من نوافل الصدقة و الصيام , و خاصة صيام يوم
عرفة لغير الحاج ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا أن صوم
يوم عرفة يكفر السنة الماضية , فذلك فضل من الله تعالى و نعمة .

{ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }


الحمد لله ، و الصلاة والسلام على رسول الله ،
و على آله و صحبه و من والاه ، وبعد :

قال سبحانه :

{ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }

أقسم الله تعالى بالشفع وأقسم بالوتر , و هذه الوتر أو تلك الشفع
اختلف المفسرون في تأويلها و تفسيرها .فمن قائل : أنها يوم النحر؛
لأنها اليوم العاشر, و الوتر هو يوم عرفة؛ لأنه اليوم التاسع .

و من قائل : الشفع هو الخلق , و الوتر هو الله سبحانه و تعالى , و هذا
القول وجيه وجيه
و ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم
ـ والحديث في الصحيحين ـ :

( إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة من أحصاها
دخل الجنة, والله وتر و يحب الوتر )

و في رواية :

( إن الله وترًا يحب الوتر, فأوتروا يا أهل القرآن )

و هذا وجيه وذلك أن كل المخلوقات شفع , و الله سبحانه وتعالى وتر
حتى الحصاة التي ظنها البعض أنها وتر فهي في الحقيقة شفع, فعرفنا
في زماننا أن كل شيء يتكون من جزئيات , وأن الجزئيات تتكون من
ذرات , حتى الماء الذي ظنناه شيئًا واحدًا متكتلاً يتكون من جزيئين فما
وصل إلى درجة الغليان تجزأ إلى اثنين, وإذا كان في درجة مؤتلفة
من الحرارة بقى على ما هو عليه .

و صدق عز وجل حين قال :

{ وَمِنْ كُلّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

, و الله سبحانه وتعالى خلق من كل شيء زوجين اثنين ليبقى
سبحانه و تعالى واحدًا وترًا ..

{ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ }

يقسم الله سبحانه وتعالى بالليل إذا سرى وقيل: الليل لا يسري ولكنه
يُسرى فيه, فنسب الفعل إلى الليل, وهذا من البلاغة القرآنية,

{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ }

وقال بعضهم هو ليل جُمَعٍ, أي هو ليل المزدلفة, وثبت عن بعض
الصحابة أنه كان يقول أسر يا ساري فلا تبيتن إلا بجُمَع, أي فلا تبيتن
إلا في المزدلفة, وعلى كلٍ فالليل من نعم الله سبحانه و تعالى ,
والله خلق الليل ليكون لنا لباسًا, وهذا منه سبحانه نعمة.

{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ }

أي هل فيما مضى من القسم عدة لذي لب وعقل و سمى العقل حجرًا ؛
لأنه يمنع الإنسان مما لا يليق به من الأقوال و الأفعال , و من ذلك قالوا
: حجر الحاكم عليه إذا منعه من التصرف بماله ,
قال سبحانه و تعالى :

{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ }

هل نتعظ بذلك القسم الذي من الله سبحانه وتعالى فنراعي الفجر, ونراعي
الأيام العشر, ونراعي خلق الله تعالى , ونراعي الليالي التي تعصي الله فيها

{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ }

لذي لب وعقل هل ينتبه المنتبهون ؟ هل ينتبه العقلاء الفطنون أن الله
سبحانه و تعالى ما جعل الليل والنهار إلا لكي نعبده , ما جعل الله الليل
و النهار خلفة إلا لكي نتذكر ما جعل الليل والنهار , إلا لكي نصلي و نصوم

{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ }

و هذا القسم من الله سبحانه و تعالى محتاج إلى مقسم عليه , فأنت إذا
قلت والله , و تالله فإنك تقسم لا شك على شيء فتقول و الله لأفعلن ,
أو و الله إن فلان لقادم , و نحو ذلك من الأقوال , فأين المقسوم عليه ؟

و صلى الله على محمد وعلى آله و صحبه و سلم تسليما كثيراً .