المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 05.08.1435


adnan
06-04-2014, 08:35 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ عدم التفريق بين الأدلة الشرعية
من حيث الأخذ بها ]
والمراد بهذه القاعدة أنه يستدل في الاعتقاد – ومنه مسائل الأسماء
والصفات – بأدلة الشرع الأصيلة كلها، القرآن، والحديث بقسميه المتواتر
والآحاد المتلقاة بالقبول. وعلى هذا كان الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان.

وأكثر الكلام هنا سيكون عن الأحاديث إذ أكثر المتكلمون من القول بأن
أحاديث الآحاد تفيد الظن فلا يؤخذ بها في المسائل العلمية الاعتقادية
وهذا القول قالوه لعدم مقدرتهم على صرف ظاهرها بأنواع التحريفات
التي سموها تأويلات، فأصلوا هذه القاعدة ليتوصلوا بها إلى جحد كثير
من المسائل التي تخالف أصولهم.

وهذه القاعدة – أي عدم التفريق بين الأدلة
– تقوم على بيان ثلاثة أسس هي:
الأول: الأدلة من الكتاب والسنة على حجية السمع مطلقاً.

الثاني: بيان إفادة خبر الواحد المتلقى بالقبول العلم والعمل.

الثالث: بيان عدم مخالفة الأحاديث للقرآن في باب الأسماء والصفات.

أما الأساس الأول: الأدلة على حجية السمع بقسميه مطلقاً:
فالأدلة في هذا كثيرة يكفي ذكر آيتين من كتاب الله، فالآيتان إحداهما
توجب الأخذ بالقرآن والسنة، والثانية تبين حفظهما. أما الآية الأولى
فقول الله تعالى:

{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا }
[الحشر: 7]،

وهذا النص شمل كل ما جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما
هو في القرآن وبينه في سنته، سواء كان ذلك في الاعتقادات أو غيرها.
وأما الآية الثانية فقول الله تعالى:

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
[الحجر: 9]

ومعلوم أن هذا يشمل القرآن والحديث، وحتى على القول بأن الذكر
في الآية هو القرآن فإنه يقال: قد أنزل الله تعالى كتابه – وهو الذكر –
ليبينه رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:

{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }
[النحل: 44]،

وأنواع البيان كثيرة كبيان مجمل، أو تخصيص عام، وكل ذلك جاء به
الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة أولها وآخرها
كما قال الله تعالى:

{ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ }
[الأنعام: 19]،

فصح بهذا أن السنة الصحيحة حجة مطلقاً في أي زمان.

الأساس الثاني: خبر الواحد إذا احتفت به القرائن يفيد العلم:
وأذكر هنا حديثين يفيدان قبوله، ثم أتبعه بأقوال أهل العلم خاصة في
الصفات، أما الحديثان، فالأول: حديث بعث معاذ إلى اليمن –
حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه
شهادة ألا إله إلا الله ) ..

والثاني: عن أنس:

( أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة
فقال: هذا أمين هذه الأمة ) .

واكتفيت بهذين الحديثين لأنهما يبينان السنة العملية، ولا يقال إن هذين
من أحاديث الآحاد فيكف يجعلان حجة في قبول خبر الآحاد؟ والجواب
من وجهين:

الأول: إن مثل هذا يعد تواتراً معنوياً إذ بعث الرسول صلى الله عليه وسلم
– أفراداً من أصحابه إلى عدة أماكن – كبعثه علي بن أبي طالب،
ومعاذ بن جبل، وأبا موسى، وأبا عبيدة وغيرهم – رضي الله عنهم.

الثاني: إن هذين الحديثين مخرجان في الصحيحين، وهما مما لم يتكلم
فيه النقاد بالطعن، وما كان كذلك فقد اجتمعت الأمة على تلقيه بالقبول.
ووجه الاستدلال بذلك

كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
وهو - صلى الله عليه وسلم- لا يبعث بأمره إلا والحجة للمبعوث إليهم
وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان
قادراً على أن يبعث إليهم فيشافههم، أو يبعث إليهم عدداً، فبعث
واحداً يعرفونه بالصدق .

فصح مما تقدم من الحديثين أن خبر الواحد الصحيح المفيد للعلم حجة في
العقيدة وعلى هذا كان الأئمة – رحمهم الله تعالى - . أما الذين قالوا بأنه
لا يفيد العلم واخترعوا هذه المقالة إنما كان قصدهم رد الأخبار التي لا
توافق بدعهم،

وفي هذا الصدد يقول الإمام أبو المظفر السمعاني الشافعي:
إن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الثقات
والأئمة وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتلقته الأمة بالقبول فإنه يوجب العلم فيما سبيله العلم، هذا عامة قول أهل
الحديث والمتقنين من القائمين على السنة، وإنما هذا القول الذي يذكر
أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال ولابد من نقله بطريق التواتر لوقوع
العلم به شيء اخترعته القدرية والمعتزلة وكان قصدهم منه رد الأخبار... ..

وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر المالكي:
وكلهم – (أي أهل الفقه والأثر) – يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات
ويعادي ويوالي عليها ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك
جماعة أهل السنة والجماعة ..

ومن القرائن التي ذكرها أهل العلم
إذا احتفت بخبر الواحد أفادت العلم :
1- كون الحديث في الصحيحين أو في أحدهما مما اتفق على صحته.

2- إذا كان الحديث مشهوراً له طرق متعددة سالمة من ضعف
الرواة والعلل.

3- كون الحديث مسلسلاً بالأئمة الحفاظ المتقنين.

4- كونه متلقى بالقبول عند الأمة.

والأحاديث الواردة في الصفات هي كلها من هذا الباب وقد تلقاها الأئمة
بالقبول، وقد تقدم نقل كلام ابن عبد البر في ذلك وحكاية ذلك عن أهل
السنة قاطبة، ويضاف إلى ذلك أقوال كبار الأئمة قبله:

فمن ذلك ما ذكره عباد بن العوام فقال:
قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو خمسين سنة قال: فقلت له:
يا أبا عبد الله إن عندنا قوماً من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث، قال:
فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا وقال: أما نحن فقد أخذنا ديننا
عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم
عمن أخذوا؟. اهـ ..

وقال الإمام أحمد لما سئل عن أحاديث الرؤية:
أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر، وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر

فلم يشترط إمام السنة التواتر في الخبر لقبوله وإنما اشترط الصحة فقط.

وقال عباس الدوري:
سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام – وذكر الباب الذي يروى فيه حديث
الرؤية والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره
وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك
عز وجل قدمه فيها فتقول قط، قط وأشباه هذه الأحاديث فقال: هذه أحاديث
صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا
حق لا شك فيها اهـ .

ومثل هذا ما نقله أحمد بن نصر عن سفيان بن عيينة
الإمام لما سأله فقال له:
كيف حديث عبيدة عن عبد الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم:

( إن الله عز وجل يحمل السموات على إصبع والأرضين على إصبع )

وحديث:

( إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن ) ،

وحديث:

( إن الله عز وجل يعجب ويضحك) )

... فقال سفيان: هي كما جاءت، نقر بها، ونحدث بها بلا كيف اهـ.

فهذه أقوال الأئمة المشهود لهم بالإمامة في الديانة والعلم صرحوا بقبول
هذه الأحاديث، وهم من أخبر الناس بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم،
إذ أهل كل علم أخبر بعلمهم من غيرهم.

الأساس الثالث: بيان عدم مخالفة الأحاديث للقرآن
في باب الأسماء والصفات على وجه الخصوص:
ويمكن تقسيم الأحاديث إلى قسمين بحسب ما جاءت به من الصفات:
قسم من الأحاديث ورد بصفات هي واردة في القرآن كذلك فهذه تكون
مؤكدة. وقسم منها ورد بصفات هي من نوع الصفات الواردة في القرآن
وإن لم يرد ذكرها في القرآن نصاً.

أما القسم الأول: وهي الأحاديث الواردة بالصفات المذكورة في القرآن،
فهي أكثر الأحاديث، ومن ذلك في الصفات الذاتية: صفة اليدين،
فقد وردت في أحاديث كثيرة جداً منها:

( قال وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع )

ومصداق هذا في القرآن قوله الله:

{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ }
[المائدة: 64]

وقول الله تعالى:

{ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ }
[ص: 75].

ومثال الصفات الفعلية في الأحاديث:

( لما خلق الله الخلق كتب في كتاب، فهو عنده فوق العرش
إن رحمتي تغلب غضبي ) .

ففي هذا الحديث التصريح بإثبات فوقية الرحمن على العرش، ومصداق
ذلك في كتاب الله تعالى:

{ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }
[طه: 5]

وقوله:

{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }
[الأعراف: 54].

ومثل ما تقدم ما ورد في صفة السمع والبصر والوجه والكلام والرحمة
والغضب والقدرة والإرادة والعلم والحياة والعلو الحب، وغير ذلك
من الصفات الواردة في كتاب الله ثم وردت كذلك في السنة.

أما القسم الثاني: وهي الأحاديث الواردة ببعض الصفات التي لم يأت
ذكرها في القرآن نصاً، وهي مثل أحاديث الضحك والنزول من صفات
الأفعال، وصفة الأصابع من صفات الذات، فمثل هذه يقال فيها:
هذه الأحاديث إما متواترة كحديث النزول ، فمثل هذه الأحاديث لا يمكن
أن يقال فيها إنها ظنية الثبوت، ولكن المخالفون يلجأون إلى تأويلها ...
وإما أن تكون هذه الأحاديث من الآحاد، فالكلام فيها من جهتين:

1- إن هذه الأحاديث قد تلقاها الأئمة بالقبول، وهذه قرينة موجبة
للقول بإفادتها للعلم.

2- والجهة الثانية: إن هذه الصفات الواردة في أحاديث الآحاد هي من
نوع الصفات الواردة في القرآن، كالأصبع، فإن في السنة بيان أن الله
يأخذ بها السموات والأرضين والشجر يوم القيامة، وفي القرآن بيان
أن الله يطوي السموات بيمينه كمال قال الله:

{ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ }
[الزمر: 67]

وكذلك جاء في السنة، وهكذا يقال في الضحك، فإن الغضب الوارد
في القرآن
– كقول الله تعالى:

{ وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ }
[النساء: 93]:

صفة فعلية لله، يقال كذلك: إن الضحك صفة فعلية لله وردت بها السنة،
فكلاهما: صفة فعل.وبهذا يعلم أنه ليس في السنة شيء يخالف القرآن،
فوجب إثبات كل ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
من صفات الله، لأن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على
حقيقته، ولا يجوز إنكارها كلها لأن القول في الصفات كالقول في الذات،
كما لا يجوز إنكار بعضها لأن القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1465caaca70cda0c&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
--- --- --- --- --- ---
المصدر : موقع " الدُرر السُنيَة الصديق .

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1465caaca70cda0c&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=1465caaca70cda0c&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

=======================

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية





" إن شـاء الله "