المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 06.08.1435


adnan
06-04-2014, 11:37 PM
إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم


[ الاستدلال بقياس الأولى دون غيره من أنواع القياس ]

إن الله تعالى لا مثيل له، بل له المثل الأعلى، ولذلك نهى أن يضرب له
المثل فقال:

{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }
[النحل: 74]،

فلا يجوز أن يمثل بغيره من الخلق، سواء كان ذلك بقياس تمثيل أو قياس
شمول . وإنما يستعمل في حقه سبحانه، قياس الأولى الدال عليه
قول الله تعالى:

{ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ }
[النحل: 60]

أي الأكمل والأحسن والأطيب كما قال ابن جرير رحمه الله. فقياس الأولى
راجع إلى الأمثال المضروبة في الكتاب والسنة.ويستعمل قياس الأولى
في الإثبات وفي التنزيه.

أما في الإثبات: فإنه يكون في أمرين كليين :
الأول: إن الاتصاف بالصفات الوجودية في حق المخلوق أكمل فيه من
اتصافه بالأمور العدمية، فالخالق أحق بالأمور الوجودية من كل مخلوق.
الثاني: إن كل كمال ثبت فالخالق أولى به منه، ويشترط في هذا الكمال:
1- أن لا يكون فيه نقص بوجه من الوجوه، كالقدرة على إنجاب الولد،
فهذا كمال في حق المخلوق، ولكن ليس كمالاً مطلقاً، إذ فيه نقص من
وجوه وهو أن الوالد محتاج إلى ولده ولا يستغني عنه
ولذلك قال الله تعالى:

{ قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ }
[يونس: 68].

2- أن لا يكون مستلزماً للعدم، وهذا الشرط ذكر لأن بعض المخالفين
يصفونه بصفات السلوب التي لا تتضمن أمراً وجودياً، ويزعمون أنها
كمال في حق الخالق مع أنها مستلزمة للعدم. فيجب إذاً أن يوصف الله
بصفات كاملة وجودية لا صفات مستلزمة للعدم .ويمكن الاستدلال لقاعدة
استعمال قياس الأولى في الإثبات بذكر ثلاث صفات؛ الأولى:
الرحمة، والثانية: القدرة، والثالثة: الفرح.

أما الأولى فيدل لها قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه:

( أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا والله،
وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لله أرحم بعباده من هذه بولدها )
اهـ.

والثانية في قول الرسول صلى الله عليه وسلم
لأبي مسعود رضي الله عنه لما ضرب مملوكه فقال له:

( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام ) .

والثالثة: في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

( الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ) .

والاستعمال الثاني لقياس الأولى يكون في التنزيه: وهو أن كل نقص
وعيب في نفسه ينزه المخلوق عنه، فتنزيه الخالق عنه أولى. والمقصود
بالعيب في نفسه ما تضمن سلب كمال ما أثبت .ومثال هذا القياس ما
ذكره الله من مثل في شأن تنزهه عن أن يكون له شريك في صفة الإلهية،
قال الله تعالى:

{ ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء
فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
[الروم: 28].

ومعنى المثل على سبيل الإجمال:
أن الله عز وجل ذكره يوبخ المشركين على اتخاذهم شركاء مع الله فضرب
لهم مثلاً من أنفسهم وهو أنكم إذا كنتم لا ترضون لأنفسكم أن يكون
مماليككم شركاء في الذي رزقكم الله من أموال، بل تمتنعون أن يكونوا
لكم نظراء فكيف ترضون أن تجعلوا مخلوقي ومملوكي الذين زعمتم أنهم
شركاء يدعون ويعبدون كما أدعى وأعبد؟ فإذا كنتم تنزهون وتنفون ذلك
عن أنفسكم فالخالق أولى بأن تنزهوه وتنفوا عنه الشريك في العبادة ..
وقد نسب شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الطريقة من الاستدلال إلى جمع
من أهل العلم منهم الإمام أحمد رحمه الله .

فمن ذلك: قال الإمام أحمد:
ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموماً، يقول الله جل ثناؤه:

{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ }
[النساء: 146]

وقال:

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ
نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ }
[فصلت: 26]) اهـ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على كلام الإمام أحمد:
(وهذه الحجة من باب (قياس الأولى) وهو أن السفل مذموم في المخلوق
حيث جعل الله أعداءه في أسفل سافلين، وذلك مستقر في فطر العباد، حتى
إن أتباع المضلين طلبوا أن يجعلوهم تحت أقدامهم ليكونوا من الأسفلين،
وإذا كان هذا مما ينزه ويقدس عنه المخلوق ويوصف به المذموم المعيب
من المخلوق فالرب تعالى أحق أن ينزه ويقدس عن أن يكون في السفل
أو يكون موصوفاً بالسفل هو أو شيء منه أو يدخل ذلك في صفاته بوجه
من الوجوه، بل هو العلي الأعلى بكل وجه) اهـ .

وقال الإمام أحمد:
ومن الاعتبار في ذلك: لو أن رجلاً كان في يديه قدح من قوارير صاف
وفيه شراب صاف، كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون
ابن آدم في القدح فالله:

{ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى }
[الروم: 27]

قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه .

قال شيخ الإسلام معلقاً على كلام الإمام:
ثم ذكر الإمام أحمد حجة اعتبارية عقلية قياسية لإمكان ذلك هي من باب
الأولى... فضرب أحمد رحمه الله مثلاً وذكر قياساً وهو أن العبد إذا أمكنه
أن يحيط بصره بما في يده وقبضته من غير أن يكون داخلاً فيه ولا محايثاً
له فالله سبحانه أولى باستحقاق ذلك واتصافه به وأحق بأن لا يكون ذلك
ممتنعاً في حقه، وذكر أحمد في ضمن هذا القياس قول الله تعالى:

{ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى }
[الروم: 27]

مطابق لما ذكرناه من أن الله له قياس الأولى والأحرى.. وأما المثل
المساوي أو الناقص فليس لله بحال) اهـ.

وقد حكى ابن هبيرة هذه الطريقة عن عامة أهل السنة والجماعة
فقال في كتابه الإفصاح:
إن أهل السنة يحكون: أن النطق بإثبات الصفات وأحاديثها يشتمل
على كلمات متداولات بين الخالق وخلقه، وتحرجوا من أن يقولوا
مشتركة، لأن الله تعالى لا شريك له، بل لله المثل الأعلى، وذلك هو
قياس الأولى والأحرى، فكل ما ثبت للمخلوق من صفات الكمال
فالخالق أحق به وأولى وأحرى به منه
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14661b482579cdc8&attid=0.5&disp=emb&zw&atsh=1
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
--- --- --- --- --- ---
المصدر : موقع " الدُرر السُنيَة الصديق .

و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14661b482579cdc8&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1
صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم

و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=14661b482579cdc8&attid=0.4&disp=emb&zw&atsh=1

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )

( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )

( و الله الموفق )

=======================

و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم

و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية





" إن شـاء الله "