المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه


adnan
06-21-2014, 11:34 PM
الأخ / مصطفى آل حمد





ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه
البداية والنهاية لابن كثير


ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه،
وخدمه، وكتَّابه، وأمنائه‏.‏
ولنذكر ما أورده مع الزيادة والنقصان، وبالله المستعان‏.‏

فمنهم أسامة بن زيد بن حارثة أبو زيد الكلبي، ويقال‏:
‏ أبو يزيد، ويقال‏:‏ أبو محمد مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وابن
مولاه وحبه وابن حبه، وأمه أم أيمن، واسمها بركة كانت حاضنة رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم في صغره، وممن آمن به قديماً بعد بعثته، وقد أمَّره
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في آخر أيام حياته وكان عمره إذ ذاك
ثماني عشرة أو تسع عشرة، وتوفي وهو أمير على جيش كثيف منهم
عمر بن الخطاب، ويقال‏:‏ وأبو بكر الصديق، وهو ضعيف، لأن رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم نصبه للإمامة، فلما توفي عليه السلام وجيش أسامة
مخيم بالجرف كما قدمناه استطلق أبو بكر من أسامة عمر بن الخطاب
في الإقامة عنده ليستضيء برأيه فأطلقه له، وأنفذ أبو بكر جيش أسامة
بعد مراجعة كثيرة من الصحابة له في ذلك، وكل ذلك يأبى عليهم ويقول‏:‏
والله لا أحل راية عقدها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فساروا حتَّى
بلغوا تخوم البلقاء من أرض الشام حيث قتل أبوه زيد، وجعفر ابن أبي
طالب، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم، فأغار على تلك البلاد وغنم
وسبى وكرَّ راجعاً سالماً مؤيداً كما سيأتي‏.‏

فلهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يلقى أسامة إلا قال له‏:‏
السلام عليك أيها الأمير، ولما عقد له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
راية الإمرة طعن بعض النَّاس في إمارته، فخطب رسول الله فقال فيها‏:‏

‏(‏‏ ‏إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله
إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الخلق إلي بعده‏ ‏‏)‏‏.‏

وهو في الصحيح من حديث موسى بن عقبة عن سالم، عن أبيه‏.‏
وثبت في صحيح البخاري عن أسامة رضي الله عنه أنه قال‏:‏
كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يأخذني والحسن فيقول‏:‏

‏(‏‏ ‏اللهم إني أحبهما، فأحبهما‏ ‏‏)‏‏.‏

وروى عن الشعبي، عن عائشة،
سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول‏:‏ ‏

(‏‏ ‏من أحبَّ الله ورسوله فليحب أسامة بن زيد‏ ‏‏)‏‏.‏

ولهذا لما فرض عمر بن الخطاب للناس في الديوان فرض لأسامة في
خمسة آلاف، وأعطى ابنه عبد الله بن عمر في أربعة آلاف، فقيل له في
ذلك، فقال‏:‏ إنه كان أحب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منك، وأبوه
كان أحب إلى رسول الله من أبيك‏.‏وقد روى عبد الرزاق عن معمر،
عن الزُّهري، عن عروة، عن أسامة أن رسول الله أردفه خلفه على حمار
عليه قطيفة حين ذهب يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر‏.‏قلت‏:‏ وهكذا
أردفه وراءه على ناقته حين دفع من عرفات إلى المزدلفة كما قدمنا في
حجة الوداع، وقد ذكر غير واحد أنه رضي الله عنه لم يشهد مع علي شيئاً
من مشاهده، واعتذر إليه بما قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين
قتل ذلك الرجل، وقد قال لا إله إلا الله فقال‏:‏

‏(‏‏ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله‏؟‏
من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة‏ ‏‏)‏
الحديث‏.‏

وذكر فضائله كثيرة رضي الله عنه، وقد كان أسود كالليل أفطس حلواً
حسناً كبيراً، فصيحاً، عالماً، ربانياً رضي الله عنه وكان أبوه كذلك، إلا أنه
كان أبيض شديد البياض، ولهذا طعن بعض من لا يعلم في نسبه منه، ولما
مرَّ مجزز المدلجي عليهما وهما نائمان في قطيفة وقد بدت أقدامهما
أسامة بسواده، وأبوه زيد ببياضه قال‏:‏ سبحان الله إن بعض هذه الأقدام
لمن بعض، أعجب بذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ودخل على
عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه فقال‏:‏ ‏

(‏‏ ‏ألم تر أن مجززاً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد
فقال‏:‏ إن بعض هذه الأقدام لمن بعض‏ ‏‏)‏‏.‏

ولهذا أخذ فقهاء الحديث كالشافعي، وأحمد من هذا الحديث من حيث
التقرير عليه والاستبشار به، العمل بقول القافة في اختلاط الأنساب
واشتباهها، كما هو مقرر في موضعه‏.‏والمقصود أنه رضي الله عنه توفي
سنة أربع وخمسين مما صححه أبو عمر، وقال غيره‏:‏ سنة ثمان، أو تسع
وخمسين، وقيل‏:‏ مات بعد مقتل عثمان، فالله أعلم، وروى له جماعة في
كتبهم الستة‏.‏

ومنهم أسلم، وقيل‏:
‏ إبراهيم، وقيل‏:‏ ثابت، وقيل‏:‏ هرمز أبو رافع القبطي أسلم قبل بدر، ولم
يشهدها لأنه كان بمكة مع سادته آل العبَّاس، وكان ينحت القداح، وقصته
مع الخبيث أبي لهب حين جاء خبر وقعة بدر تقدمت، ولله الحمد، ثم هاجر
وشهد أحداً وما بعدها، وكان كاتباً، وقد كتب بين يدي علي ابن أبي طالب
بالكوفة، قاله المفضل بن غسان الغلابي، وشهد فتح مصر في أيام عمر،
وقد كان أولاً للعبَّاس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم
وعتقه، وزوَّجه مولاته سلمى، فولدت له أولاداً، وكان يكون على ثقل
النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏
ثنا محمد بن جعفر وبهز قالا‏:‏ ثنا شعبة عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن
أبي رافع أن رسول الله بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة، فقال
لأبي رافع‏:‏ أصحبني كيما نصيب منها‏.‏فقال‏:‏ لا، حتَّى آتي رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم فأسأله‏.‏
فأتى رسول الله فسأله فقال‏:

‏ ‏(‏‏ ‏الصدقة لا تحل لنا وإن مولى القوم منهم‏ )‏‏.‏

وقد رواه الثوري عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن الحكم به‏.‏
وروى أبو يعلى في مسنده‏:‏ عنه أنه أصابهم برد شديد وهم بخيبر
فقال رسول الله‏:‏

‏(‏‏ ‏من كان له لحاف فليلحف من لا لحاف له‏ )‏‏.‏