المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيولوجيا النفسية والقلب المفطور


vip_vip
09-17-2010, 12:33 AM
البيولوجيا النفسية والقلب المفطور (http://www.ataaalkhayer.com/)
أ. د. صالح عبدالعزيز


هناك مثل شائع يقول «قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي علي
حجر». التفطر يعني التشقق كما قال تعالى في شأن السماء يوم
القيامة «إذا السماء انفطرت»، والقلب كذلك يتفطر وتصيبه
تصدعات وتشققات نتيجة الكمد والحزن والآلام، فالقلب المفطور
هو الذي يتآكل بسبب حادثة محزنة أو نزول مصيبة مؤلمة،
هو القلب الذي تنهشه المشاعر من كل ناحية، هو من تذبل شغافه
وترتخي عضلاته وتضعف أوردته وشرايينه بسبب ما حل فيه،
قد يتيمه محبوب مجافٍ، أو يقهره مغالب مدعوم أو ينهره ظالم
طاغٍ فويل للعاشق من المعشوق وللقاهر من المقهور وللظالم
من المظلوم.
إن شر هزيمة هي هزيمة المشاعر لأنها تنال الناحية البيولوجية
كذلك هناك تخصص يجمع بين الاثنين هو «البيولوجيا النفسية»
والتي نتحدث عن جزئية بسيطة منها في هذا المقال وهي
ما ينال القلب من إجهاد وضعف وألم بسبب ما ينتابه من مشاعر
سلبية وما يحط على جداره من صدمات نفسية مما يجعله يتخيل
أنه مصاب بالقلب أو عنده انسداد في شرايينه وصماماته والأمر
ليس كذلك على الإطلاق فالقلب سليم 100 % ويدل على ذلك
التخطيط والأشعة لكن الاعتلال في المشاعر والأحاسيس التي
تسببها صدمات الحياة المرة والتعيسة، فما سبب ما يحل بالقلب
من انفطار وألم إذن؟
لقد أجريت تجارب طبية وبيولوجية كثيرة على هذا الموضوع
كلها تدين الناحية النفسية وتلقي اللوم بشكل خاص على
البيولوجيا النفسية التي تنتج هرمونات ومواد كيميائية خاصة
هرمون الأدرينالين وهرمون نور الأدرينالين والكريتزول وتزيد
نسبتها بدرجة عالية ينتج عنها أذى القلب فيضعف أمامها
ويستسلم لتأثيراتها مما يعطي مؤشر اعتلال وخفقان ويصبح
قلبا مفطورا.
إن كثيرا من مرضى القلب ممن يحسون بالآلام الصدرية أول ما
يتبادر إلى ذهنهم الجلطة والانسداد وضيق الشرايين وضعف
عضلة القلب ومعهم حق في ذلك وعليهم المبادرة السريعة
بالتشخيص والمعالجة لكن نوعا من أنواع الألم تكون أسبابه
النواحي المعنوية والحسرة
والانفطار وهو يستمر ما استمر الإنسان بالتفاعل مع تلك
المشاعر والأحاسيس.
تكتنف هذا النوع من المرض القلبي العديد من الأسئلة لكنني أميل
إلى المدرسة التي تقول، بصفتي متخصص في النواحي
البيولوجية، بأن ما يسجل عن التجارب اليوم من مشاهدات
سيكون بعد ثلاثين عاما على الأقل حقيقة علمية وطبية،
ويبقى سؤالان نجاوب عليهما في مقالة مستقلة بإذن الله:
وهما كيف يمكن أن يتخلص الإنسان أو يخفف حدة الانفطار
القلبي؟ والسؤال الثاني ما صحة تسجيل ما يقع على النفس من
آلام تمرد الحبيب وهجره ومصائب الحزن وألمه على خلايا
القلب وهل هي ذكريات تقبع في تلافيف الدماغ أم أن القلب
يشاركه فيها ويعرف مداخلها ومخارجها؟