المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرح المسلم بالإفطار من الصيام / فتاوى و أحكام


adnan
08-02-2014, 10:12 PM
الأخ / الصبر ضياء - الفرج قريب



فرح المسلم بالإفطار من الصيام

مشروعية فرح المسلم بالإفطار
|[ من الصيام ]| لا التحزُّن الذي يفعله بعض الأنام

مشروعية فرح المسلم بالإفطار من الصيام
لا التحزُّن الذي يفعله بعض الأنام
☀☀☀☀☀
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد لاح في الأفق في هذه الأزمنة أنّ ثمةَ زيادة تقوى وعبادة وحباً للخير
من بعض أهل زماننا على عبادة الرعيل الأول أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أصحابه الكرام وحبهم للخير؛
وذلك بتَحَزُّن بعض المتنسكين من أئمة مساجدٍ ووعّاظٍ ـ ولا أقول علماء
ومشايخ ـ على فراق شهر رمضان، فلا أدري ما أصل ذلك عندهم.

هل من أثارة من علم فتخرجوه لنا؟
ولكني على يقين بأن الفرق بين الرعيل الأول وبعض أهل زماننا وما
اكثرهم، هو؛ إتباع ذلك الرعيل الأول لسنة النبي صلى الله عليه وسلم
والاقتداء وعدم الابتداع .فتسمع البكاء والنحيب ورقة الصوت وتحزّنه
وتخشّعهم عند ذكر انصرام شهر رمضان وفراقه في دعائهم وكلماتهم.
☀☀☀☀☀
فالسؤال: هل كان هذا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم
أتقى البشرية وأعبدهم لربه ؟؟
وهل كان ذلك من سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
ظاهر سياق القرآن الكريم أن انتهاء شهر رمضان مؤذن بالفرح للمسلم
بعد إكماله الصيام سالما معافىً مأجوراً ـ إن شاء الله تعالى ـ وذلك نعمة
من الله تعالى عليه.
قال تعالى:

{ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.

والأحاديث الآتية وما في معناها تُثبت فرح الصائم بفطره سواءً كان ذلك
كل يوم عند إفطاره أو كان ذلك عند انقضاء شهر رمضان، ولم يأت فيها
أدنى إشارة على التحزّن على فراق الصيام كما انتشر ذلك في هذا الزمان
من بعض المتنسكين والوعاظ.

فعن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَفْطَرَ قَالَ:

( ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ).
أبو داود، والنسائي، والدار قطني وحسنه ، والحاكم وصححه.

قال المناوي في "فيض القدير":
" ( ذهب الظمأ وابتلت العروق ) لم يقل ذهب الجوع أيضا؛ لأن أرض
الحجاز حارة فكانوا يصبرون على قلة الطعام لا العطش، وكانوا يُمتدحون
بقلة الأكل لا بقلة الشرب .

وقال الطيبي :
قوله ثبت الأجر بعد قوله ذهب الظمأ استبشار منه لأنه من فاز ببغيته
ونال مطلوبه بعد التعب والنصب وأراد اللذة بما أدركه ذكر له تلك
المشقة ومن ثم حمد أهل الجنة في الجنة". انتهى.

قال القارئ في "مرقاة المفاتيح":
" ( وابتلت العروق ) : أي؛ بزوال اليبوسة الحاصلة بالعطش.
( وثبت الأجر ) : أي؛ زال التعب وحصل الثواب وهذا حث على العبادات،
فإن التعب يُسر لذهابه وزواله والأجر كثير". انتهى.
☀☀☀☀☀
وقال صلى الله عليه وسلم:

( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ
فَرِحَ بِصَوْمِهِ [فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ] ).
متفق عليه.

قال ابن حجر في "الفتح":
"قَوْلُهُ : ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ )، زَاد مُسْلِم "
بِفِطْرِهِ "

وَقَوْلِهِ: " يَفْرَحُهُمَا " أَصْلُهُ يَفْرَحُ بِهِمَا فَحَذَفَ الْجَارُ وَوَصَلَ الضَّمِير
كَقَوْلِهِ صَامَ رَمَضَان أَيْ فِيهِ .

قَالَ الْقُرْطُبِيّ :
مَعْنَاهُ فَرِحَ بِزَوَالِ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرَ وَهَذَا الْفَرَح طَبِيعِيّ
وَهُوَ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَقِيلَ إِنَّ فَرَحَهُ بِفِطْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَمَامُ صَوْمِهِ
وَخَاتِمَة عِبَادَته وَتَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى مُسْتَقْبَل صَوْمه .

قُلْت: وَلَا مَانِعَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ ، فَفَرَحُ كُلّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ
لِاخْتِلَافِ مَقَامَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فَرَحُهُ مُبَاحًا وَهُوَ
الطَّبِيعِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهُوَ مَنْ يَكُونُ سَبَبَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ:

( وَإِذَا لَقِيَ رَبّه فَرِحَ بِصَوْمِهِ )

أَيْ بِجَزَائِهِ وَثَوَابِهِ .وَقِيلَ الْفَرَحُ الَّذِي عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ إِمَّا لِسُرُورِهِ بِرَبِّهِ
أَوْ بِثَوَابِ رَبِّهِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ .قُلْت: وَالثَّانِي أَظْهَرَ إِذْ لَا يَنْحَصِرُ الْأَوَّل
فِي الصَّوْمِ بَلْ يَفْرَحُ حِينَئِذٍ بِقَبُولِ صَوْمِهِ وَتَرَتُّبِ الْجَزَاءَ الْوَافِرَ عَلَيْهِ " .
انتهى.

ونقله العيني في "عمدة القارئ"
و قال: " قال ابن العربي: فرحه عند إفطاره بلذة الغذاء عند الفقهاء،
وبخلوص الصوم من الرفث واللغو عند الفقراء". انتهى.

وقال الكلاباذي في "بحر الفوائد":
" يجوز أن يكون فرحه على حصول صومه ، فلم ينقطع عليه بموت
أو علة أو آفة ، فهو يُسَرُّ بذلك ، ويجوز أن يفرح أنه حصل له شيء هو
لله خالص ؛ لأن الله حكم بذلك فقال :

( الصوم لي ) ،

ومنهم من يفرح بتوفيق ربه إياه على صومه ، فلن يكون عمل إلا به ،
فيكون فرحة من الله إليه دون ما جاء منه". انتهى.

قال القاري في "المرقاة":
" ( للصائم فرحتان ) : أي؛ مرتان من الفرح عظيمتان، إحداهما:
في الدنيا، والأخرى: في الأخرى.

( فرحة عند فطرة ) : أي؛ إفطاره بالخروج عن عهدة المأمور أو بوجدان
التوفيق لإتمام الصوم أو بالأكل والشرب بعد الجوع والعطش أو بما يرجو
من حصول الثواب.وقد ورد: ( ذهب الظمأ وثبت الأجر ) أو بما جاء
في الحديث من أن

( للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة )

وفرحة عند لقاء ربه أي بنيل الجزاء أو حصول الثناء أو الفوز باللقاء".
انتهى.

قال البغوي في "شرح السنة":
" قوله : " فرحة عند فطره " يحتمل أن تكون فرحته عند الإفطار
بالطعام إذا بلغ منه الجوع لتأخذ منه النفْس حاجتها، ويحتمل أن يكون
سروره بما وفق له من تمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل".
انتهى.
☀☀☀☀☀
فبهذا يُعْلم ُأن المتحزّنين البكّائين على انتهاء شهر رمضان ليس لهم
مستند شرعي، ولا هو من هدي السلف ومن اتخذه عبادة فعليه بالدليل.
ناهيك أن يكون فاعل ذلك أكثر عبادة وتقوى من قدوتنا وأعبد الخلق لربه
صلى الله عليه وسلم ولن يكونوا أكثر حرصاً على الأعمال الصالحة من
الصحابة رضوان الله عليهم.
☀☀☀☀☀
يقول قائل:
التحزّن على فراق الأجور العظيمة والثواب الجزيل على الأعمال
في شهر رمضان.
نقول متساءلين:
لماذا لا يتحزّنوا على فوات صيام ستٍ من شوال بعد تمام رمضان ؟
والتي صيامها يعدل صيام الدهر كله !!لماذا لا يتحَزّنوا على فراق
وانصرام "الحج" ؟؟وفيه من الفضائل ما الله به عليم، من فضل الأيام
العشر ويوم عرفة والنحر وأيام التشريق وإهراق دماء الهدي والأضاحي،
وأعظمها أجراً؛ أن يخرج المسلم بعد حجه المبرور كيوم ولدته أمه لا ذنب
عليه، بل ولا جزاء له عند الله إلا الجنة !!!لماذا ولماذا ؟؟؟؟؟
ولو فتحنا باب الاستحسان في دين الله تعالى فلن ننتهي وستتبدل
السنن والشريعة.
☀☀☀☀☀
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل،
وأن يحينا ويميتنا على الإسلام والسنة ، فإن خير الهدي
هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها .
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
☀☀☀☀☀
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
فجر الجمعة 29/ رمضان / 1433هـ.