المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى قوله تعالى " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ "


adnan
08-28-2014, 09:06 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله



ما معنى قوله تعالى " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ " !

هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم تجمع
معاني الخوف والرجاء :
الخوف من الله تعالى واللجوء إليه سبحانه إذ لا منجا منه إلا إليه
عز وجل أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل
من سواه وأنه عز وجل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة .

وفي " مدارج السالكين " (1/469-481) للعلامة ابن القيم كلام مطول
مفيد عن منزلة " الفرار " من منازل السائرين .
يقول الله تعالى :

{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ }
الذاريات/50.

قال الإمام الطبري رحمه الله :
" يقول تعالى ذكره : فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته
بالإيمان به واتباع أمره والعمل بطاعته

{ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ }

يقول : إني لكم من الله نذير أنذركم عقابه وأخوّفكم عذابه الذي أحلَّه
بهؤلاء الأمم الذين قصّ عليكم قصصهم والذي هو مذيقهم في الآخرة .
وقوله : ( مُبِينٌ ) يقول : يبين لكم نذارته " انتهى. " جامع البيان " (22/440)

وقال القرطبي رحمه الله :
" لما تقدم ما جرى من تكذيب أممهم لأنبيائهم وإهلاكهم لذلك
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :
قل لهم يا محمد أي قل لقومك :

{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ }

أي : فروا من معاصيه إلى طاعته .

وقال ابن عباس :
فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه : فروا منه إليه واعملوا بطاعته .

وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان :
( ففروا إلى الله ) اخرجوا إلى مكة .

وقال الحسين ابن الفضل :
احترزوا من كل شيء دون الله فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه .

وقال أبو بكر الوراق :
فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن .

وقال الجنيد :
الشيطان داع إلى الباطل ففروا إلى الله يمنعكم منه .

وقال ذو النون المصري:
ففروا من الجهل إلى العلم ومن الكفر إلى الشكر .

وقال عمرو بن عثمان :
فروا من أنفسكم إلى ربكم .

وقال أيضا :
فروا إلى ما سبق لكم من الله ولا تعتمدوا على حركاتكم .

وقال سهل بن عبد الله :
فروا مما سوى الله إلى الله .

{ إني لكم منه نذير مبين }

أي : أنذركم عقابه على الكفر والمعصية " انتهى. "
الجامع لأحكام القرآن " (17/53-54)

وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" لما دعا العباد للنظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هو
المقصود من ذلك وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا
وباطنًا إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا فرار من الجهل إلى العلم ومن الكفر
إلى الإيمان ومن المعصية إلى الطاعة و من الغفلة إلى ذكر الله فمن
استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله وقد زال عنه المرهوب وحصل
له نهاية المراد والمطلوب .

وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف
والمكاره وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز فيفر
العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره وكل من خفت منه فررت منه
إلا الله تعالى فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه

{ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ }

أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بَيِّنُ النذارة " انتهى.
" تيسير الكريم الرحمن " (ص/811)