المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذو القعدة شهر الله الحرام ( 01 – 02 )


adnan
08-29-2014, 04:57 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام




ذو القعدة شهر الله الحرام
الجزء الأول - 02
(http://www.ataaalkhayer.com/)

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين وبعد،
فإنَّ الأمن حاجةٌ بشريَّةٌ وفريضةٌ شرعيَّةٌ وقد عاش الإنسان منذ بدء التَّاريخ
يبحث عن الأمن بكافة أشكاله وجاءت الشَّرائع السَّماويَّة
لتوفر له هذه الضَّرورة الَّتي لا تستقيم الحياة بدونها.




وقد امتن الله تعالى على قريش بأنَّه أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ،
فقال - سبحانه-: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

{ لِإِيلَافِ قُرَ‌يْشٍ إِيلَافِهِمْ رِ‌حْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
فَلْيَعْبُدُوا رَ‌بَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }
[ قريش: 1-4 ].
وكانت شريعة الإسلام -وهو كلمة الله الخاتمة إلى البشريَّة هى أقوم السُّبل،
وأحسن الطُّرق لكي ينعم الإنسان بالأمن.


ولتحقيق الأمن في المجتمع المسلم جعل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم
من علامات إيمان المؤمن أن يأمنه النَّاس فقال:

( المؤمن من أمنه النَّاس على أموالهم وأنفسهم )
وقد حرَّم الله مكانًا وزمانًا وبيَّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
مدى حرمة النَّفس المسلمة وأنَّها على امتداد الزَّمان والمكان،
أمَّا المكان فمكة والمدينة
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :

( المدينة حرم ما بين عير إلى ثور،
فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا،
فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين )
[ صحيح البخاري 6755 ]
وأمَّا الزَّمان فالشَّهر الحرام، وأمَّا حرمة المسلم فهي على امتداد الزَّمان
والمكان قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:

( كلُّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )
كما نعم النَّاس -على اختلاف أديانهم- بالأمن على أنفسهم،
وأموالهم وأعراضهم في رحاب الدَّولة الإسلاميَّة
فإذا ذاق الإنسان الأمن في البلد الحرام وفي الشَّهر الحرام وعلم مكانة النَّفس
الإنسانيَّة في دين الإسلام تاقت نفسه إلى الحياة الآمنة
وعلم أنَّه لن ينعم بها إلا في ظلِّ الإسلام.



ولا زالت الإنسانيَّة تشقى ببعدها عن المنهج الرَّباني
فكم وصفت أماكنَ ومؤسساتٍ؛
لأنَّها ملاذاتٌ آمنةٌ ولكن الحضارة الَّتي لا تلتزم بأخلاق
ولا تتقيد بقيود إلا قيد المصلحة أهدرت حرمتها وسفكت دماء اللائذين بها.



أسماؤه وسبب التَّسمية



( ذو القعدة بفتح القاف والكسر لغة )
زمن الأسماء الَّتي أطلقت على ذي القعدة قبل الإسلام هواع وورنة
( لسان العرب ) وهو أوَّل الأشهر الحرم.



واصل التَّسمية تقوم على فكرة القعود عن الحرب ففي لسان العرب
سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو.

ومن أهم الأحداث الَّتي وقعت في شهر ذي القعدة


1- في أول ليلةٍ منه واعد الله موسى ثلاثين ليلةً قال تعالى:

{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ‌ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَ‌بِّهِ أَرْ‌بَعِينَ لَيْلَةً }
[ الأعراف: 142 ]



2- غزوة بني قريظة سنة 5 هـ.



3- صلح الحديبية سنة 6 هـ.



4- عمرة القضاء سنة 7 هـ.



5- 25 ذو القعدة خروج النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛
لأداء حجة الوداع في السَّنة العاشرة من الهجرة.



6- فتح جلولاء - وهي من بلاد فارس- سنة ست عشرة من الهجرة
وفيه تحققت نبوءة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
حين ألبس عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
سراقة بن مالك - رضي الله عنه- سواري كسرى.



الأشهر الحرم قبل الإسلام



كانت حرمة الأشهر الحرم معمولًا بها عند لعرب منذ عهد
إبراهيم وإسماعيل -عليهما السَّلام- وكان الأشهر الحرم رحمةً وعونًا لهم
على حياتهم وحصول معايشهم،
فقد كانوا يأمنون فيها تمام الأمن لشدَّة التزامهم بحرمتها،
يقول أبو رجاء العطاردي:

[ إذا دخل شهر رجب قلنا منصل الأسنة فلا ندع رمحًا فيه حديدةً
وسهمًا فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه شهر رجب ]
وكذلك يفعلون في بقية الأشهر الحرم،
وكانت التِّجارة أكبر وسيلة للحصول على ما يحتاجون من سلعٍ،
والحركة التِّجارية لا تتيسر إلا في الأشهر الحرم
حيث تعقد فيها أسواق العرب الشَّهيرة من عكاظ وذي المجاز
ومجنة وغيرها.



وقد كان الرَّجل يلقي قاتل أبيه خلال الأشهر الحرم فيحجزه عن إدراك
ثأره شعوره بهذه الحرمات.
وتقديرًا لحرمة هذه الأشهر قامت حرب الفجار وكانت قبل البعثة النَّبويَّة
بعشرين عامًا، وكانت بالنسبة لقريش دفاعًا عن قداسة الأشهر الحرم
ومكانة أرض الحرم.



ولم تكن الأشهر الحرم ثابتةً بل كانوا يجعلون صفر عامًا حلالًا
وعامًا حرامًا ويجعلون المحرم عامًا حرامًا وعامًا حلالًا قال - تعالى-:

{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ‌ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا
يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّ‌مُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّ‌مَ اللَّـهُ
فَيُحِلُّوا مَا حَرَّ‌مَ اللَّـهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِ‌ينَ }
[ التوبة: 37 ].

جاء في الرّوض الأنف:

[ وأما نسؤهم للشَّهر فكان على ضربين أحدهما:
ما ذكر ابن إسحاق من تأخير شهر المحرم إلى صفر لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثَّارات ]
والثَّاني: تأخيرهم الحجَّ في كلِّ عامٍ عن وقته تحريًّا منهم للسَّنة الشَّمسيَّة
فكانوا يؤخرونه في كلِّ عامٍ أحد عشر يومًا أو أكثر قليلًا،
حتَّى يدور الدُّور إلى ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته
ولذلك قال -عليه السَّلام- في حجة الوداع:

( إنَّ الزَّمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السَّماوات والأرض )
[ متفقٌ عليه ]
وكانت حجّة الوداع في السَّنة الَّتي عاد فيها الحجَّ إلى وقته

وكانت كل القبائل تتقيد بحرمة هذه الأشهر فلا يغيرون فيها على بعضهم
بعضًا سوى حيين هما خثعم وطئ،
وكان يكثر الخلاف على أوَّل ليلةٍ فيه، فقد كان يستحلّها
حتَّى أولئك الملتزمون بحرمة الشَّهر،
وكانوا يسمون الليلة التي لا يدرون أهي من شوال أم من ذي القعدة الفلتة؛
لأنَّها كالشَّيء المنفلت بعد وثاق.






تابعونا فى الجزء الثانى ان شاء الله تعالى