المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة لماذا الوصية بالحاكم المسلم خيرا ( 6 )


adnan
09-05-2014, 08:59 PM
الأخ / الصبر ضياء - الفرج قريب



سلسلة لماذا الوصية بالحاكم المسلم خيرا ( 6 )

(6) نتائج وعقوبة سب وإذلال ولي الأمر
ـ السلطان الحاكم ـ المسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:

فإن لكل فعلٍ رَدّة فعل، ولكا معصية نتائج وعقوبة، وكما تدين تُدان
والجزاء من جنس العمل، وإن لسب السلطان المسلم نتائج وعقوبات
وخيمة تتلخص في نقاط:

1) الوقوع في معصية الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
إذْ إنّ سب السلطان والكلام فيه؛ من الغيبة، بل ومن أشدها.
قال الله تعالى:

{ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً
فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }.
[الحجرات:12].

وفي الحديث:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( لَمَّا عَرَجَ بِى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ
يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِى أَعْرَاضِهِمْ ).
أخرجه: أحمد (3/224)، وأبو داود (4878). وصححه الألباني.

2) من عقوبة سب الحاكم: هلاك دين المرء واسئصاله وثلمه.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه:
" إياكم ولعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة، وبغضهم العاقرة".
أخرجه: ابن أبي عاصـم في "السنة" ( 1016 ).

الْحَالِقَةُ:
ثُلْمَةٌ فِي الدِّين ، وهِيَ الْخَصْلَة الَّتِي مِنْ شَأْنهَا أَنْ تَحْلِق الدِّين أَيْ تُهْلِكَهُ
وَتَسْتَأْصِلهُ كَمَا يَسْتَأْصِل الْمُوسَى الشَّعْر.

العاقرة:
من العقر، عقرت رجله ولا يستطيع المشي مستقيما، والعاقر:
التي لا تحمل من النساء.

والمعنى:
أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش من غير حاكم يدير أمور البلاد.

ومن نظر في حال البلدان ـ اليوم ـ والتي خرج أهلها على حكامهم فيها؛
وجد أن الناس فيها أصبحون في ضياع] ويُتخطفون من حولهم، إذْ لا
حاكم ولا سلطان يحميهم ويدافع عنهم ويمنع عنهم الأذى، لأن الحاكم
يُستتر به في إقامة الحدود واستتباب الأمن،
كما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ ).
متفق عليه.

وقال أبو مجلز:
" سب الإمام الحالقـة، لا أقول : حالقـة الشعر، ولكن حالقة الدين".
أخرجه: ابن زنجوية في "الأموال" ( 1/78 ).


و قال أبو إدريس الخولاني:
" إياكم والطعن على الأئمة، فإن الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين
ليس حالقة الشعر، ألا إن الطاعنون هم الخائبون، وشرار الأشرار".
أخرجه: ابن زنجوية في "الأموال" ( 1/80 ).

3) من عقوبة سب الحاكم:
وقوع الذلة والصغار والإهانة على من سب السلطان.
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِى الدُّنْيَا
أَهَانَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة ِ).
أخرجه: أحمد (5/42، 49)، والطيـالسي (787). وحسنه الألباني
في "الصحيحة" تحت حديث (2297).

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

( خَمْسٍ مَنْ فَعَلَ واحدةٌ مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِناً عَلَى اللَّهِ،
مَنْ دَخَلَ عَلَى إِمَامٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ ).
أخرجه: أحمد (5/241)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1021)،
وابن حبان في "صحيحه" (2/95) بلبان، والحاكم (1/212، 2/90)
وصححه، والألباني في "صحيح الجامع" (5564).

(تَعْزِيرَهُ):
من عزَّره : أيَّده ، أعانه وقوَّاه ونصره

{ وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا }

، التوقير والتعظيم.

والمعنى:
أن من أعزّ السلطان وعظّمه ووقّره ؛ كَانَ ضَامِناً عَلَى اللَّهِ أن يدخله
الجنة ويعيذه من النار.

ومفهوم الحديث:
أن من لم يوقّر الحاكم ويُجلّه ويقدّره؛ فليس له ضمان على الله،
إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.

4) ومن عقوبة سب الحاكم: حرمان خيره، وفساد دنيا المرء.

قال أبو إسحاق السبيعي:
" ما سب قومٌ أمـيرهم إلا حُرموا خيره".
أخرجه: ابن أبي عاصم في "السنن الواردة في الفتن" (2/405)،
وابن عبد البر في "التمهيد" (21/287).

وقال معروف الكرخي:
" من لعن إمامه حُرم عدله ".
"طبقات الحنابلة" ( 1/386 )، و"السير" ( 9/342 ) .

قال أيوب بن يزيد ابن القِرِّيَّة:
"من استخف بالسلطان أفسد دنياه".
جامع بيان العلم : ( 231 ) والمحقق : ( 996 ) .

وجاء مثله عن ابن المبارك، بلفظ:
من استخف بالامراء ذهبت دنياه"
. "آداب الصحبة" للسلمي (ص/62)، و "تاريخ دمشق"
لابن عساكر (32/444).

اللهم فقهنا في الدين وجنبنا طرق الضالين واهدِ ضال المسلمين.
والله أعلم.

كتبه/
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
15 / 10 / 1435هـ.