المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يصح أن نصف الحزن بالألوان؟


vip_vip
09-28-2010, 04:48 PM
(http://www.ataaalkhayer.com/)هل يصح أن نصف الحزن بالألوان؟... (http://www.ataaalkhayer.com/)

بقلم : عزيزة المانع
هل يصح أن نصف الحزن بالألوان؟ إن كلمة الألوان توحي بشيء
من البهجة والإشراق، والحزن غالبا يوحي بالضبابية والظلمة.
قد يقول البعض ليس كل الألوان تعبر عن البهجة وأن منها ما
يبعث على الانقباض مثل الأسود والرمادي أو بعض درجات
البني وغيرها، وربما لذلك اختيرت تلك الألوان لأردية الحداد
وفترات العزاء، ورشحت لتكون الخيار الأفضل لملابس الكبار
في السن، عنوانا على استقبالهم لأيام الكدر والضيق التي تأتي
بها عجاف السنين.
على أية حال، سواء صح هنا استعمال كلمة ألوان أو لم يصح،
فمن المسلم به أن الحزن ليس لونا واحدا، هناك حزن ساخن
مؤلم ينتزع الراحة من القلب وتنقبض معه النفس ويبعث اليأس
في الروح فتصغر معه الحياة ويجللها القبح. وهناك حزن بارد
يصيب المشاعر بالجمود فتفقد بسببه الحماسة ويغيب التفاعل
مع الأحداث فتتساوى في وجوده الأشياء حسنها وقبيحها،
فكلها لا معنى لها ولا مذاق. وهناك حزن فاتر لايسبب حرقة في
الصدر ولا جمودا في المشاعر، لكنه يبعث اليأس في القلب،
ويسلب منه الاستمتاع بالحياة، هو حزن يجرد الأشياء من
الحلاوة فتحل مكانها مرارة صامتة تسري مع كل نبضة عرق
لا يخفف من مرارتها شيء.
أسباب الحزن كثيرة، حتى ليكاد المرء لكثرتها يظن أن الحياة
فطرت على الحزن وأنه هو الأصل فيها، لكن أسباب الحزن وإن
تعددت: هي تتفاوت في الشدة والقوة فأسباب الحزن نسبية،
ولذلك يقال في بعض الأمثال العامة:
(http://www.ataaalkhayer.com/) ( من شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته)، (http://www.ataaalkhayer.com/)
فأحيانا نجد أن ما يحزننا يبدو أمره تافها أمام ما يحزن الآخر،
ولكن رغم أن الإنسان يعلم هذه الحقيقة ويدرك بعقله أنه قد
يكون مبالغا في ردة فعله وانسياقه وراء مشاعر الحزن على ما
أصابه، إلا أنه في غالب الأوقات لا يستطيع التخلص من
انفعالاته الحزينة، فالحزن فينا يرتبط بالمشاعر،
والمشاعر كثيرا ما تتمرد على العقل، فيظل العقل يردد عليها أن
الأمر أبسط مما تراه، وتظل هي تعاند وتصر على أن تستجيب
بالحزن والكدر..
ومن سيء الحقائق، أن الحزن يجر الحزن، ومشاعر الكدر تجذب
مشاعر الكدر، فحين يدخل الإنسان في دائرة من اجترار الذكريات
سواء كانت مؤلمة بما فيها من إساءات وأحداث محزنة،
أو جميلة بما تحمله من صور عذبة انتهت وتلاشت وما عاد
شيء منها في اليد، يظل صدى الذكريات يطعن في الذاكرة حتى
يغطس بها إلى قاع بئر سوداء فتغرق بما فيها من مرارة
تمتصها جرعة بعد جرعة.


(http://www.ataaalkhayer.com/)