المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النجوم أمَنةٌ للسماء


adnan
09-29-2014, 06:28 PM
الأخ الزميل / أبـو سفيـان
مجموعة " الذئاب العربية " الصديقة



النجوم أمَنةٌ للسماء

الأجرام السماوية المنتشرة بالسماء الدنيا تسمى نجومًا‏,‏ وتكون كروية
الشكل أو شبه كروية‏, كما أنها تكون غازية‏‏ وملتهبة‏‏ ومضيئة بذاتها‏,‏
ومرتبطة مع بعضها البعض بقوى الجاذبية على الرغم من بنائها الغازي‏,‏
وهي عظيمة الكتلة والحجم‏,‏ عالية الحرارة‏,‏ وتشع كلا من الضوء المرئي‏,‏
وغير المرئي بجميع موجاته‏.‏

وتمر النجوم في دورة حياتها بمراحل من :
الميلاد إلي الشباب والشيخوخة، قبل أن تنفجر‏,‏ أو تتكدس على ذاتها
فتنكدر ثم تطمس‏,‏ أو تنفجر قبل ذلك أو بعده فتعود إلي دخان السماء
لتدخل في دورة ميلاد نجم جديد‏.‏ويقضي النجم غالب عمره في مرحلة
النجوم العادية الشبيهة بشمسنا قبل انفجارها أو انكدارها أو طمسها‏,‏
وقد تنتهي المرحلتان الأخيرتان بالانفجار كذلك‏.‏

والنجوم هي :
أفران كونية يتم بداخلها سلاسل من التفاعلات النووية، تعرف باسم
(عملية الاندماج النووي)، ينتج عن طريقها تخليق كل العناصر التي
تحتاجها كل من الأرض والسماء الدنيا‏.

‏وبالإضافة إلي قوى الجاذبية التي تربط نجوم السماء الدنيا ببعضها
البعض ربطا محكما‏,‏ فإن هناك أعدادًا من القوى التي تمسك بالمادة في
داخل كل جرم سماوي‏,‏ وفي صفحة السماء الدنيا‏,‏ وفي الأرض‏,‏ ونعرف
من هذه القوى الأربع‏:‏ القوة النووية الشديدة‏,‏ والقوة النووية الضعيفة‏,‏
والقوة الكهربائية، والقوة‏ ‏المغناطيسية‏ (‏الكهرومغناطيسية‏)‏ وهذه القوى
هي التي تمسك بالمادة والطاقة في الجزء المدرك من الكون‏.

‏ونظرا لضخامة كتل النجوم فإنها تهيمن بقوى جذبها علي كل ما يدور
في فلكها من كواكب‏,‏ وكويكبات‏,‏ وأقمار‏,‏ ومذنبات‏,‏ وغير ذلك من صور
المادة‏,‏ والنجوم ترتبط فيما بينها بالجاذبية‏,‏ وتتجمع في وحدات كونية
أكبر فأكبر مرتبطة فيما بينها بالجاذبية أيضا‏,‏ فإذا انفرط عقد هذه القوى
انهارت النجوم‏,‏ وانهار الكون بانهيارها‏.‏

‏وفي واحدة من الحقائق التي لم يتوصل العلم الحديث إلى إدراكها إلا في
القرن العشرين‏,
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم –
في الحديث الذي يرويه عنه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال:

( صلينا المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قلنا:
لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، قال: فجلسنا فخرج علينا فقال:
(ما زلتم هاهنا)، قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا
نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال: (أحسنتم أو أصبتم)، قال:
فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيراً مما يرفع رأسه إلى السماء،
فقال: (النجوم أمنة ٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما
توعد، وأنا أمنة ٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون،
وأصحابي أمنة ٌ فإذا ذهب أصحابي أتى لأمتي ما يوعدون )
رواه مسلم.

يقول الإمام النَّووي في شرحه على صحيح مسلم:
"قال العلماء: (الْأمَنَة) الأمْن والأمَان، ومعنى الحديث: أن النجوم ما دامت
باقية فالسماء باقية، فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة، وهَنَت
السماء فانفطرت وانشقت وذهبت".

ولا يعنينا في هذا المقام إلا قوله صلى الله عليه وسلم:

( النجوم أمنة ٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد )؛

إذ أن نُطْق المصطفي‏ - صلي الله عليه وسلم‏ -‏ بتلك الحقيقة قبل ألف
وأربعمائة سنة بهذه الدقة العلمية‏ - في زمن كان أهل الأرض غارقين
إلى آذانهم في محيط من الجهل والظلام والخرافات والأساطير - أمر معجز
حقًا, ولا يمكن أن نجد له من تفسير إلا الصلة بالخالق سبحانه وتعالى
عن طريق الوحي.

‏وهذا الحديث‏ وأمثاله من كلام الصادق المصدوق‏ - صلي الله عليه وسلم‏ -‏
من الشهادات البينة علي صدق نبوته‏,‏ وصدق رسالته وصدق قوله‏,‏
في زمن قصرت فيه المسافات‏,‏ وتلاقت الحضارات بكل ما في جعبها من
معتقدات‏‏ وآراء‏,‏ وفلسفات وأفكار‏,‏ وصار لزامًا علي المسلمين أن يحسنوا
الدعوة إلى دين الله الخاتم.

والدين بركائزه الأساسية ‏:‏
(العقيدة‏,‏ والعبادات‏,‏ والأخلاق‏,‏ والمعاملات) لم يعد يحرك ساكنًا في قلوب
أهل الأرض إلا من رحم بك‏؛‏ لأن هذه المفاهيم النبيلة قد شوهت في أذهان
الناس الذين فُتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة‏,‏ فإذا قدمنا إليهم سبقا
علميا كالذي جاء في هذا الحديث الشريف‏,‏ فإن ذلك قد يقنعهم بمزيد
من الاطلاع على كتاب الله‏,‏ وعلى سنة رسوله‏ - صلي الله عيه وسلم‏ -،‏
فيجدون فيهما ضالتهم التي ينشدون‏.