المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا يعاقب الله بعض الطغاة الظلمة في الدنيا ؟ ( 01 - 04 )


adnan
11-28-2014, 08:16 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام



لماذا لا يعاقب الله بعض الطغاة الظلمة في الدنيا ؟
الجزء الأول - 04



الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى
وعلى آله وصحبه الشرفاء
فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، هو منبع الرذائل ومصدر الشرور،
يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات،
يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق،
متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها،
ولو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما،
هناك ظلم عند الأفراد وظلم عند الأمم والجماعات.
الظلم عدوان على حق الغير ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي
ومجاوزة حد الشارع، وكل ذنب عصي الله به فهو ظلم
وعلى رأس ذلك الشرك بالله:

قال تعالى :

{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
قد يظلم الإنسان نفسه أو يظلم غيره، والله تعالى قد أمر بالعدل
وحرم الظلم والبغي والعدوان كما قال في الآية الكريمة :

{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }
وهكذا الشرع إذا أمر بشيء نهى عن ضده لتكميل القضية من جوانبها،
وهذه الآية ما من عدل ولا فضل ولا استقامة إلا وتأمر به،
وما من ظلم ولا عصيان ولا فساد إلا وتنهى عنه.
تنزيه الله عن الظلم نزه الله نفسه عن الظلم:

{ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ }
وقال في الحديث القدسي:

( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا )
كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه
من هول ما فيه.
الله عز وجل يبغض الظالمين ويحب المقسطين أهل العدل:

{ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }
وقال:

{ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
وذكر خيبتهم فقال:

{ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }
فالظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة مصروف
عن الهداية في أمور دينه ودنياه، توعده الله:

{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ }
وهددهم بسوء العاقبة:

{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }
وطردهم عن رحمته:

{ فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
فأخبر سبحانه أن هؤلاء الظالمين بعيدون عن رحمته جزاء ما عملوه،
وقال:

{ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }
فكل ظالم له حظ من هذه اللعنة بقدر ظلمه فليستقل أو ليستكثر،
والظلم ظلمات يوم القيامة، فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه
في الدنيا، فربما وقع في حفرة في النار.

الحكمة من عدم معاجلة الظالم بالعقوبة
قد نرى بعض الظالمين يتمادون، عشرات السنين جاثمين على صدور
العباد لكن الله لا يهمل، الله حليم لا يعاجل بالعقوبة، قال :

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم
مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى }
عشرين سنة ثلاثين سنة أربعين سنة

{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }
الله يحلم ويستر ويُنظر لكن لا يترك ولا ينسى سبحانه وتعالى :

{ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا }
بعض الناس يقولون: دول الآن تظلم وتطغى وتقصف وتحتل وتنهب
وتسلب وتفسد لكن لهم يوم، هلاك الظالمين مؤكد لكن وقت حلوله،
ولكن وقت حلوله مجهول لنا، فلا يجوز أن نقول: لماذا يتركهم؟
هو لا يتركهم ولا بد أن يأخذهم ولو بعد حين ولكننا نستعجل.

كثير من الناس يقولون: ما حصل شيء، ما صار شيء، هؤلاء يرتعون،
يا أخي لا تبقى دولتهم ولا تدوم قوتهم ولا يمكن أن تستمر سلطتهم لا يمكن،
القوانين الإلهية تقول: أن هؤلاء زائلون يعني على حسب السنة
الإلهية هؤلاء سيزولون، قد لا تراها في حياتك لكن يراها ولدك
يراها حفيدك، لا يصح أن نستعجل،
وقد يكون في عدم تعجيل العقوبة حكمة يعلمها الله
مثل أن يستدرجه ليأخذه على أقبح حال:

{ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا }
قال عليه الصلاة والسلام:

( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ:
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } )

وقال: وكم يعني هذه الآيات تبين أن الله عز وجل كما أهلك القرون الظالمة
يهلك القرون الحاضرة، كما أهلك القرى السابقة لما ظلمت يهلك القرى
الحاضرة الظالمة، يعني

{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى }
يعني: هذه عادة لله قانون سنة جارية، الله قد يمهل بعض الناس ليتوبوا،
وفعلاً قد يتوب ظالم ويرجع إلى ربه، وأحياناً يتأخر يعني يتأخر إهلاك الظالم
لأن المظلوم كان ظالماً ظلم غيره،
فالآن الظلم الذي يحل عليه نتيجة أعماله وظلمه السابق.
قال ابن القيم رحمه الله:

وأنت أيها المظلوم تذكر من أين أتيت فإنك لا تلقى كدراً إلا من طريق جناية:

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
وقال:

{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ }
هذا إنسان كان يشرب يعني كان يغش يخلط اللبن بالماء،
فجاء سيل فذهب بغنمه فجعل يبكي، فهتف به هاتف:
اجتمعت تلك القطرات فصارت سيلاً، ولسان الجزاء يناديه :
يداك أوقدتا وفوك نفخ، أنت الذي أوقدت على نفسك.


انتظرونا فى الجزء الثانى إن شاء الله تعالى