المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بماذا يفتخر المسلم ؟


adnan
12-01-2014, 08:05 PM
الأخ / إبراهيم إسماعيل

بماذا يفتخر المسلم

بماذا يفتخر المسلم:
المسلمون لا يفتخرون بأنسابهم وأوطانهم ولا بأهل الجاهلية

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغيره أذلنا الله

فلا يجوز للمسلمين أن يفتخروا بالقومية والوطنية ولابأهل الجاهلية
وهم من قبل الإسلام والجاهلية مذمومة وأهلها مذمومون – ولا يليق
بالمسلمين أن يتركوا الاعتزاز بالإسلام والمسلمين ويذهبوا إلى الاعتزاز
والافتخار بالجاهلية وأهلها؛ لأن هذا إحياء للجاهلية التي أذهبها
الله بالإسلام وأبدل المسلمين بخير منها – وكل ما نسب إلى الجاهلية
فهو مذموم

مثل :
حمية الجاهلية، وظن الجاهلية، وتبرج الجاهلية، وعزاء الجاهلية،
ودعوى الجاهلية، وحكم الجاهلية

قال النبي صلى الله عليه وسلم:

( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه )

وقال صلى الله عليه وسلم:

( لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا وإنما هم فحم جهنم
أو ليكونن أهون على الله من الجعلان، إن الله أذهب عنكم عبية
الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي،
الناس من آدم وآدم خلق من تراب )
رواه الترمذي وحسنه وأحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة،

وكل ما هو منسوب إلى الجاهلية فهو مذموم لا يفتخر به؛ لأنه إحياء
لأمور الجاهلية وتناسي لنعمة الإسلام وما فيه من العز والكرامة

{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }
[المنافقون: ٨]

وقال تعالى:

{ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[آل عمران: ١٣٩]

وقال تعالى:

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً }
[المائدة: ٣]

فما كان من عز وخير فهو في الاسلام ديننا الحنيف، لأن الله أكمله وأتمه
ورضيه لنا وما سواه فهو ذلة ومهانة خصوصاً ما يرجع إلى أمور
الجاهلية وأهلها، فالله قد أذهب عنا عبيتها وفخرها

والعبية هي :
الفخر والنخوة والكبر وإضافة هذه الأمور الجاهلية ذم لها وتحذير منها
وكل الأمور المضافة إلى الجاهلية فهي مذمومة وإحياء لفخر الجاهلية
وتمجيد رجالاتها، والتشبه بهم تنكر للإسلام وجحود لفضله وهذا كفران
للنعمة ونسيان لأمجاد الإسلام ورجوع إلى الوراء.وما عرف عن الجاهلية
إلا التفرق والاختلاف والكفر والشرك وأكل الربا وأكل الميتات
ووأد البنات والظلم،

عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ
في الإسلام سنة جاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه )

وقال صلى الله عليه وسلم:

( ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع )

وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:
تنقص عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام
من لا يعرف الجاهلية

فالذي يريد أن يجتر أمور الجاهلية ويعظم شخصياتها ويحتفل بها ويقيم
لها المناسبات يريد أن يرفع ما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم
ويحيي عاداتها وتقاليدها. فلا يفتح هذا الباب الذي أغلقه الرسول
صلى الله عليه وسلم. فيجب الأخذ على يديه لئلا يفتح على الناس شرا،
ولما أراد يهودي أن يذكر الأوس والخزرج بما كان بينهم في الجاهلية
من حروب بعدما من الله عليهم بالإسلام والائتلاف أنزل الله تعالى قوله:

{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً }
[آل عمران: ١٠٣] .

فالواجب أن نرفض أمور الجاهلية ولا نفتخر برجالاتها وشخصياتها
ودعواها؛ لأن ذلك من إحياء الجاهلية وموالاة الكفار فتصبح كل قبيلة
تريد أن تحيي ذكر من ينتسبون إليهم من أهل الجاهلية من قبيلتها أو أهل
بلديفتخرون ببلادهم فيعود إلينا التفاخر بالآباء والأوطان ويحصل بيننا
التفرق والاختلاف والانقسام والله قد جعلنا إخواناً في الإسلام لا فضل
لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى:

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
[الحجرات: ١٣]

ففخرنا وعزنا بديننا لا بأنسابنا ولا بآبائنا وقبائلنا وأوطانناولا بأمجاد
الجاهلية ومفاخرها .. لقد حرص الإسلام على إقامة العلاقات الودية
بين الأفراد والجماعات المسلمة، ودعم هذه الصلات الأخوية بين القبائل
والشعوب، وجعل الأساس لذلك أخوة الإيمان، لا نعرة الجاهلية
ولا العصبيات القبلية، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أقام الدليل القاطع
على حقيقة الأخوة الإيمانية وتقديمها على كل أمر من الأمور الأخرى،
فقد آخى بين المهاجرين والأنصار، وبين الأوس والخزرج، وأخذ ينمي
هذه الأخوة، ويدعمها بأقوال وأفعال منه تؤكد هذه الحقيقة الغالية

( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
[مسلم (45)، البخاري (13)].

وقوله :

( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد
إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
[مسلم (2586)].

إلى غير ذلك من الأحاديث التي تقوي هذه الرابطة ولقد أينعت هذه الأخوة
وآتت أكلها أضعافاً مضاعفة، وكان المسلمون بها أمة واحدة تتكافأ
دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، فكانوا قوة يوم
اعتصموا بحبل الله المتين، ولم تلن لهم قناة لمغامز الأهواء المضللة
والأنانيات الفردية.

لكن أعداء الإسلام لم يرق لهم هذا التماسك بين المسلمين، فحاولوا إثارة
النعرات القبلية، والعصبيات الجاهلية، وجاهدوا لتمزيق وحدة المسلمين
أمما وجماعات، فنجحوا في ذلك، واستجاب ضعاف الإيمان من أبناء
الإسلام لهذه المكيدة، فأثيرت النعرات وعادت العصبيات الجاهلية وأصبح
الافتخار بالقبيلة التي ينتمي إليها وباللون الذي يحمله أو الأحزاب التي
يأوي إليها، وضعفت الأخوة الإيمانية، وقويت العصبية الجاهلية التي
حذرنا نبينا ص لى الله عليه وسلم منها، وأمرنا بالبعد عنها
وعدم الركون إليها.

نعم إنها العصبية منتنة كريهة قبيحة مؤذية؛ لأنها :
تخرج الإنسان من أصله الكبير، أخوة الإيمان إلى أمر حقير ذليل، إنها
الأنانية القبيحة التي تظهر في هذه العصبية؛ لأنها تحيل إلى أمر قبيح
نهاهم عنه نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم أنه منتن، وهو الصادق
المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى.

إن الافتخار بالآباء والاعتزاز بالانتماء القبلي قد يدفع المرء إلى النار التي
حذرنا الله منها، ذلك أنه قد يفتخر بالكفرة من آبائه وأجداده، وما دفعه
لذلك إلا العصبية الجاهلية، وتعالوا بنا نسمع هذا الحديث الذي
[أخرجه أحمد (5/128) بإسناد صحيح]
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:

( انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، فمن أنت لا أم لك.
فقال عليه الصلاة والسلام: ((انتسب رجلان على عهد موسى
عليه السلام، فقال أحدهما: أنا فلان ابن فلان حتى تسعة، فمن أنت
لا أم لك؟ قال: أنا فلان ابن فلان ابن الإسلام، قال: فأوحى الله
إلى موسى عليه السلام: أن هذين المنتسبين، أما أنت أيها
المنتمي إلى تسعة من النار، فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا
المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة ).

لقد لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المفاخر بآبائه درساً يردعه،
ويردع أمثاله عن هذا الباطل، فقد حدثهم أن رجلين من بني إسرائيل
في زمن موسى عليه السلام اختلفا وتنازعا فافتخر أحدهما بالآباء
العظام، وعدد تسعاً من آبائه، ثم واجه صاحبه محقراً موبخاً له قائلاً:
فمن أنت لا أم لك؟ إن افتخاره بآبائه واحتقاره لمخاطبه يدل على مرض
خبيث كان يسري في كيان هذا الرجل وأمثاله، فهو يرى أن أصوله تعطيه
قيمة ترفعه على غيره، وتجعله يمتاز بأولئك الآباء، وأن غيره ممن
لا يشاركه في تلك الأصول لا يستحق أن يساوى به، ولذا فهو في مرتبة
دونه، وقد كان الرجل الآخر صالحاً، فقال منتسباً: أنا فلان ابن فلان
ابن الإسلام، رفض أن يمدح نفسه بغير هذا الدين القويم الذي يفتخر به
كل عاقل حصيف، إن الفخر بالآباء أو القبيلة أو بالعصبية الجاهلية مع
غمز الآخرين والطعن فيها، وأنهم لا يساوونه في النسب مرض فتاك
قاتل، يخبث النفس، ويشعل العداوة، ويفرق الجماعة، ويوجد البغضاء
والعداوة بين أفراد المجتمع الواحد، وقد يؤدي إلى تمزيق المجتمع
وجعله أحزاباً وطوائف.

لقد ترعرعت العصبيات في هذا القرن، وتعددت وفرقت جماعة المسلمين،
وأصبحت معولاً لهدم الأمة الإسلامية، لقد فشت في المجتمعات الإسلامية
العصبيات القومية والقبلية والإقليمية، بل والعصبية المبنية على اللون
والجنس، واشتعلت هذه العصبيات واكتوى الناس بنارها، وذاقوا منها
المر والعلقم، وأوقعهم في ذلك تركهم للنهج النبوي الكريم الذي حذرهم
فيه من الجاهلية، وأعرضوا عن أمر ربهم حينما أمرهم بالأخوة الإيمانية

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }
[الحجرات:10].

فعودوا – إخوة الإسلام – إلى الدين الحق والمنهج القويم، فإن الإنسان
إنما يسعد بحبه لأخيه، وإيثاره له، ويشقى بالفرقة الاختلاف والتنازع والعصبية.

{ يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }
[الحجرات:13].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات
والذكر الحكيم، اللهم اسلك بنا طريقك المستقيم، وارزقنا الاتباع
لسنة خير المرسلين، واجعلنا متآلفين متحابين، وحقق بيننا أخوة الإيمان
على النهج المستقيم. أقول ما تسمعون واستغفروا الله العظيم لي ولكم
ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

وهذا يذكرنا سلمان الخير، سلمان الفارسي – رضي الله عنه
– لما سئل عن نسبه قال:
أنا ابن الإسلام

سئل سلمان الفارسي رضي الله عنه عن حسبه فقال
أنا أبن الإسلام ,كرمني ديني , وحسبي التراب , ومن التراب خلقت,
والى التراب اصير, ثم ابعث واصير الى موازيني, فإن ثقلت موازيني
فما أكرم حسبي وما أكرمني على ربي يدخلني الجنة, وان خفت موازيني
فما ألأم حسبي وما اهونني على ربي, ويعذبني إلا أن يعود بالمغفرة
والرحمه على ذنوبي

ولما بلغ عمر مقولته هذه بكى، وقال:
أنا ابن الإسلام.

ياالله ونحن ماذا نقول الان كل واحد من سفهائنا يفتخر إما بنفسه
أو حزبه أو قبيلته أو وطنه وشرهم نسأل الله تعالى أن يبصرنا
بدينه ويمسكنا به.

رضينا بالله ربا والإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم
نبيا ورسولا
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
من إعداد/إبراهيم إسماعيل