المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين


adnan
01-04-2015, 09:17 PM
الأخ / مصطفى آل حمد



ممن قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

ممن قتل مع ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين بمكة من الأعيان‏:‏
عبد الله بن صفوان
ابن أمية بن خلف الجمحي أبو صفوان المكي، وكان أكبر ولد أبيه، أدرك
حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر وجماعة من الصحابة،
وحدث عنه خلق من التابعين‏.‏وكان سيداً شريفاً مطاعاً، حليماً يحتمل
الأذى، لو سبه عبد أسود ما استنكف عنه، ولم يقصده أحد في شيء فرد
ه خائباً، ولا سمع بمفازة إلا حفر جباً أو عمل فيها بركة، ولا عقبة
إلا سهلها‏.‏

وقيل‏:‏ إن المهلب بن أبي صفرة قدم على ابن الزبير من العراق فأطال
الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال‏:‏ من هذا الذي شغلك منذ اليوم‏؟‏
قال‏:‏ هذا سيد العرب من أهل العراق‏.‏فقال‏:‏ ينبغي أن يكون المهلب‏.‏فقال
المهلب لابن الزبير‏:‏ ومن هذا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين‏؟‏
قال‏:‏ هذا سيد قريش بمكة‏.‏فقال‏:‏ ينبغي أن يكون عبد الله بن صفوان،
وكان ابن صفوان كريماً جداً‏.‏

وقال الزبير بن بكار بسنده‏:‏
قدم معاوية حاجاً فتلقاه الناس فكان ابن صفوان في جملة من تلقاه، فجعل
يساير معاوية وجعل أهل الشام يقولون‏:‏ من هذا الذي يساير
أمير المؤمنين‏؟‏فلما انتهى إلى مكة إذا الجبل أبيض من الغنم‏.‏فقال‏:‏
يا أمير المؤمنين هذه غنم أجزتكها، فإذا هي ألفا شاة‏.‏فقال أهل الشام‏:‏
ما رأينا أكرم من ابن عم أمير المؤمنين‏.‏

كان ابن صفوان من جملة من صبر مع ابن الزبير حين حصره الحجاج،
فقال له ابن الزبير‏:‏ إني قد أقلتك بيعتي فاذهب حيث شئت‏.‏فقال‏:‏ إني إنما
قاتلت عن ديني‏.‏ثم صبر نفسه حتى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة في هذه
السنة، رحمه الله وأكرمه‏.‏

عبد الله بن مطيع
ابن الأسود بن حارثة القرشي العدوي المدني، ولد في حياة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وحنكه ودعا له بالبركة‏.‏وروى عن أبيه
وعنه ابناه إبراهيم، ومحمد، والشعبي، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله،
ومحمد بن أبي موسى‏.‏

قال الزبير بن بكار‏:‏
كان ابن مطيع من كبار رجال قريش جلداً وشجاعة، وأخبرني عمي
مصعب أنه كان على قريش أميراً يوم الحرة ثم قتل مع ابن الزبير بمكة،
وهو الذي يقول‏:‏

أنا الذي فررت يوم الحرة * والشيخ لا يفر إلا مرة
ولا جبرت فرة بكرة
رحمه الله‏.

عوف بن مالك رضي الله عنه
هو عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي الغطفاني، صحابي جليل،
شهد مؤتة مع خالد بن الوليد والأمراء قبله، وشهد الفتح وكانت معه راية
قومه يومئذٍ، وشهد فتح الشام‏.‏وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحاديث، وروى عنه جماعة من التابعين وأبو هريرة، وقد مات قبله‏.‏

أسماء بنت أبي بكر
والدة عبد الله بن الزبير‏.‏
يقال لها‏:‏ ذات النطاقين، وإنما سميت بذلك عام الهجرة حين شقت نطاقها
وربطت به سفرة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حين خرجا عامدين
إلى المدينة، وأمها قيلة‏.‏

وقيل‏:‏ قبيلة بنت عبد العزى من بني عامر بن لؤي‏.‏

أسلمت أسماء قديماً وهم بمكة في أول الإسلام، وهاجرت هي وزوجها
الزبير وهي حامل متمّ بولدها عبد الله، فوضعته بقبا أول مقدمهم المدينة،
ثم ولدت الزبير بعد ذلك عروة والمنذر، وهي آخر المهاجرين والمهاجرات
موتاً‏.‏وكانت هي وأختها عائشة وأبوها أبو بكر الصديق، وجدها
أبو عتيق، وابنها عبد الله، وزوجها الزبير صحابيين رضي الله عنهم‏.‏
وقد شهدت اليرموك مع ابنها وزوجها، وهي أكبر من أختها عائشة
بعشر سنين‏.‏

وقيل‏:‏ إن الحجاج دخل عليها بعد أن قتل ابنها، فقال‏:‏ يا أماه، إن أمير
المؤمنين أوصاني بك، فهل لك من حاجة‏؟‏فقالت‏:‏ لست لك بأمٍ، إنما أنا
أم المصلوب على الثنية، ومالي من حاجة، ولكن أحدثك أني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏(‏‏ ‏يخرج من ثقيف كذاب ومبير‏ )

فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلا أراك إلا إياه‏.‏فقال‏:‏
أنا مبير المنافقين‏.‏

وقيل‏:‏ إن ابن عمر دخل معه عليها وابنها مصلوب، فقال لها‏:‏ إن هذا
الجسد ليس بشيء، وإنما الأرواح عند الله فاتقي الله واصبري‏.‏
فقالت‏:‏ وما يمنعني من الصبر، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى
بغي من بغايا بني إسرائيل‏؟‏

وقيل‏:‏ إنها غسلته وحنطته وكفنته وطيبته وصلت عليه، ثم دفنته،
ثم ماتت بعده بأيام في آخر جمادى الآخرة، ثم أن الزبير لما كبرت طلقها‏.‏

وقيل‏:‏ بل قال له عبد الله ابنه‏:‏ إن مثلي لا توطأ أمه، فطلقها الزبير‏.‏

وقيل‏:‏ بل اختصمت هي والزبير، فجاء عبد الله ليصلح بينهما‏.‏فقال الزبير‏:‏
إن دخلت فهي طالق، فدخلت فبانت فالله أعلم‏.‏وقد عمرت أسماء دهراً
صالحاً، وأضرت في آخر عمرها‏.‏

وقيل‏:‏ بل كانت صحيحة البصر لم يسقط لها سن‏.‏

وأدركت قتل ولدها في هذه السنة كما ذكرنا، ثم ماتت بعده بخمسة أيام‏.‏

وقيل‏:‏ بعشرة‏.‏

وقيل‏:‏ بعشرين‏.‏

وقيل‏:‏ بضع وعشرين يوماً‏.‏

وقيل‏:‏ عاشت بعده مائة يوم، وهو الأشهر، وبلغت من العمر مائة سنة
ولم يسقط لها سن، ولم ينكر لها عقل رحمها الله‏.‏وقد روت عن النبي
صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث طيبة مباركة رضي الله عنها ورحمها‏.‏

قال ابن جرير‏:‏
وفي هذه السنة - يعني‏:‏ سنة ثلاث وسبعين - عزل عبد الملك خالد
بن عبد الله عن البصرة وأضافها إلى أخيه بشر بن مروان مع الكوفة،
فارتحل إليها واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث‏.‏ ‏

وفيها‏:
‏ غزا محمد بن مروان الصائفة فهزم الروم‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان في هذه السنة وقعة عثمان بن الوليد بالروم من ناحية
أرمينية، وهو في أربعة آلاف، والروم في ستين ألفاً، فهزمهم
وأكثر القتل فيهم‏.‏

وأقام للناس الحج في هذه السنة الحجاج وهو على مكة واليمن واليمامة،
وعلى الكوفة والبصرة بشر بن مروان، وعلى قضاء الكوفة شريح
بن الحارث، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة‏.‏وعلى إمرة خراسان
بكير بن وشاح، يعني‏:‏ الذي كان نائباً لعبد الله بن خازم والله أعلم‏.‏

وممن توفي فيها من الأعيان
غير من تقدم ذكره مع ابن الزبير
عبد الله سعد بن جثم الأنصاري
له صحبة وشهد اليرموك، وكان كثير العبادة والغزو‏.‏

عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي
أبو محمد له صحبة ورواية توفي بالمدينة‏.‏

مالك بن مسمع بن غسان البصري
كان شديد الاجتهاد في العبادة والزهادة‏.‏

ثابت بن الضحاك الأنصاري
له صحبة ورواية توفي بالمدينة‏.‏
يقال له‏:‏ أبو زيد الإشمالي، وهو من أهل البيعة تحت الشجرة‏.‏

زينب بنت أبي سلمى المخزومي
ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولدتها أمها بالحبشة، ولها رواية وصحبة‏.‏

توبة بنت الصمة
وهو الذي يقال له‏:‏ مجنون ليلى، كان توبة يشن الغارات على بني الحارث
بن كعب، فرأى ليلى فهواها وتهتك بها وهام بها محبة وعشقاً‏.‏وقال فيها
الأشعار الكثيرة القوية الرائقة، التي لم يسبق إليها ولم يلحق فيها لكثرة
ما فيها من المعاني والحكم‏.‏وقد قيل له مرة‏:‏ هل كان بينك وبين ليلى
ريبة قط‏؟‏فقال‏:‏ برئت من شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن كنت قط
حللت سراويلي على محرم‏.‏وقد دخلت ليلى على عبد الملك بن مروان
تشكو ظلامة‏.‏فقال لها‏:‏ ماذا رأى منك توبة حتى عشقك هذا العشق كله‏؟‏
فقالت‏:‏ والله يا أمير المؤمنين لم يكن بيني وبينه قط ريبة ولا خناً، وإنما
العرب تعشق وتعف، وتقول الأشعار فيمن تهوى وتحب مع العفة
والصيانة لأنفسها عن الدناءات‏.‏فأزال ظلامتها وأجازها‏.‏توفي توبة
في هذه السنة‏.‏

وقيل‏:‏ إن ليلى جاءت إلى قبره فبكت حتى ماتت والله أعلم‏.‏

تم الجزء الثامن من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء التاسع
وأوله سنة أربع وسبعين من الهجرة وما فيها من الحوادث‏.‏
نسأل الله التوفيق والإعانة‏.‏