المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم قول العلماء بعضهم في بعض


adnan
02-28-2015, 07:16 PM
الأخت / الملكة نـــور



حكم قول العلماء بعضهم في بعض

صيد الكتب
إعداد
فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب

حكم قول العلماء بعضهم في بعض :

قال ابن عبد البر رحمه الله، في جامعه:
عن عبد العزيز بن حازم قال: سمعت أبي يقول: العلماء كانوا فيما مضى
من الزمان إذا لقي العالم من هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة، وإذا
لقي من هو مثله ذاكره، وإذا لقي من هو دونه لم يزه عليه، حتى كان هذا
الزمان، فصار الرجل يعيب من هو فوقه، ابتغاء أن ينقطع منه حتى يُريَ
الناس أنه ليس به حاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من هو
دونه، فهلك الناس...

وعن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال:
خذوا العلم حيث وجدتم ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم
يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة...

قال أبو عمر:
هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما
عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في
العلم أمانته، وبانت ثقته وعنايته بالعلم، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن
يأتي في جرحته بينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات،
والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قال
لبراءته من الغل الحسد والعداوة والمنافسة وسلامته من ذلك كله، فذلك
يوجب قبول قوله من جهة الفقه والنظر.

وأما من لم تثبت إمامته، ولا عرفت عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ
والإتقان روايته، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد
في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه، والدليل على أنه لا
يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد
من الطاعنين، أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم في بعض
كلام كثير منه في حال الغضب، ومنه ما حمل عليه الحسد، ومنه ما كان
على جهة التأويل مما لا يلزم المقول فيه ما قاله القائل فيه، وقد حمل
بعضهم على بعض بالسيف تأويلا واجتهادا لا يلزم تقليدهم في شيء منه
دون برهان وحجة توجبه، ونحن نورد في هذا الباب من قول الأئمة الجلة
الثقاة السادة بعضهم في بعض، مما لا يوجب أن يلتفت فيهم إليه
ولا يخرج عليه ما يوضح لك صحة ما ذكرناه. وبالله التوفيق.

عن مغيرة قال: قال حماد:
لقيت عطاء وطاوسا ومجاهدا، فصبيانكم أعلم منهم بل صبيان صبيانكم.
قال مغيرة: هذا بغي منه.

وعن الزهري قال:
ما رأيت قوما أنقض لعرى الإسلام من أهل مكة ولا رأيت قوما أشبه
بالنصارى من السبئية. قال أحمد بن يونس يعني: الرافضة.

قال أبو عمر:
فهذا حماد بن أبي سليمان وهو فقيه الكوفة بعد النخعي القائم بفتواها
وهو معلم أبي حنيفة، وهو الذي قال فيه إبراهيم النخعي حين قيل له: من
نسأل بعدك؟ قال: حماد وقعد مقعده بعده، يقول في عطاء وطاوس ومجاهد
وهم عند الجميع أرضى منه وأعلم بكتاب الله وسنة رسوله وأرضى منه
حالا عند الناس وفوقه في كل حال ما ترى، ولم ينسب واحد منه إلى
الإرجاء وقد نسب إليه حماد هذا وعيب به وعنه أخذه أبو حنيفة والله أعلم.

وهذا ابن شهاب قد أطلق على أهل مكة في زمانه أنهم ينقضون عرى
الإسلام ما استثنى منهم أحدا وفيهم من جلة العلماء من لا خفاء بجلالته
في الدين، وأظن ذلك والله أعلم لما روي عنهم في الصرف ومتعة النساء.

وعن الأعمش قال:
ذكر إبراهيم النخعي عند الشعبي فقال: ذاك الأعور الذي يستفتيني بالليل
ويجلس يفتي الناس بالنهار، قال: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: ذاك الكذاب
لم يسمع من مسروق شيئا.

قال أبو عمر:
معاذ الله أن يكون الشعبي كذابا، بل هو إمام جليل والنخعي مثله جلالة
وعلما ودينا، وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمذاني، حدثني
الحارث وكان أحد الكذابين ولم يبن من الحارث كذب، وإنما نقم عليه
إفراطه في حب علي، وتفضيله له على غيره، ومن هاهـنا - والله أعلم –
كذبه الشعبي، لأن الشعبي يذهب إلى تفضيل أبي بكر وإلى أنه أول من
أسلم، وتفضيل عمر رضي الله عنه.

وعن أيوب قال:
قدم علينا عكرمة فلم يزل يحدثني حتى صرت بالمربد ثم قال:
أيحسن حَسَنُكم مثل هذا.

قال أبو عمر:
وقد علم الناس أن الحسن البصري يحسن أشياء لا يحسنها عكرمة
وإن كان عكرمة مقدما عندهم في تفسير القرآن والسير