المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومائة


adnan
03-10-2015, 07:48 PM
الأخ / مصطفى آل حمد





ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومائة للهجرة النبوية الشريفة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله


فيها
غزا معاوية وسليمان ابنا أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بلاد الروم‏.‏

وفيها
قصد شخص يقال له‏:‏ عمار بن يزيد، ثم سمي‏:‏ بخداش، إلى بلاد خراسان
ودعا الناس إلى خلافة محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فاستجاب له
خلق كثير، فلما التفوا عليه دعاهم إلى مذهب الخرمية الزنادقة، وأباح لهم
نساء بعضهم بعضاً، و زعم لهم أن محمد بن علي يقول ذلك، وقد كذب
عليه فأظهر الله عليه الدولة فأخذ فجيء به إلى خالد بن عبد الله القسري
أمير العراق وخراسان، فأمر به فقطعت يده وسل لسانه ثم صلب بعد ذلك‏.‏

وفيها
حج بالناس محمد بن هشام بن إسماعيل أمير المدينة‏.‏
وقيل‏:‏ إن إمرة المدينة كانت مع خالد بن عبد الملك بن مروان‏.‏
والصحيح أنه كان قد عزل وولي مكانه محمد بن هشام بن إسماعيل،
وكان أمير العراق القسري‏.‏

وفيها كانت وفاة‏:‏
علي بن عبد الله بن عباس
ابن عبد المطلب، القرشي الهاشمي، أبو الحسن، ويقال‏:‏ أبو محمد،
وأمه زرعة بنت مسرح بن معد يكرب الكندي، أحد ملوك الأربعة الأقيال
المذكورين في الحديث الذي رواه أحمد، وهم‏:‏ مسرح، وحمل، ومخولس،
وأبضعة، وأختهم العمردة‏.‏

وكان مولد علي هذا يوم قتل علي بن أبي طالب، فسماه أبوه باسمه،
وكنَّاه بكنيته، وقيل‏:‏ إنه ولد في حياة علي وهو الذي سماه وكناه ولقبه
بأبي الأملاك، فلما وفد على عبد الملك بن مروان أجلسه معه على السرير
وسأله عن اسمه وكنيته فأخبره، فقال له‏:‏ ألك ولد‏؟‏قال‏:‏ نعم، ولد لي ولد
سميته محمداً‏.‏فقال له‏:‏ أنت أبو محمد، وأجزل عطيته، وأحسن إليه‏.‏
وقد كان علي هذا في غاية العبادة والزهادة، والعلم والعمل، وحسن
الشكل، والعدالة والثقة، كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة‏.‏

قال عمرو بن علي الفلاس‏:‏
كان من خيار الناس، وكانت وفاته بالجهمة من أرض البلقاء في هذه
السنة، وقد قارب الثمانين‏.‏

وقد ذكر ابن خلكان‏:‏
أنه تزوج لبابة بنت عبد الله بن جعفر، التي كانت تحت عبد الملك
بن مروان، فطلقها، وكان سبب طلاقه إياها أنه عض تفاحة ثم رمى بها
إليها، فأخذت السكين فحزت من التفاحة ما مس فمه منها، فقال‏:‏ ولم
تفعلين هذا‏؟‏ فقالت‏:‏ أزيل الأذى عنها - وذلك لأن عبد الملك كان أبخر
فطلقها عبد الملك‏.‏

فلما تزوجها علي بن عبد الله بن عباس هذا نقم عليه الوليد بن عبد الملك
لأجل ذلك، فضربه بالسياط، وقال‏:‏ إنما أردت أن تذل بنيَّها من الخلفاء،
وضربه مرة ثانية لأنه اشتهر عنه أنه قال‏:‏ الخلافة صائرة إلى بيته،
فوقع الأمر كذلك‏.‏

وذكر المبرد‏:‏
أنه دخل على هشام بن عبد الملك ومع ابناه‏:‏ السفاح والمنصور وهما
صغيران، فأكرمه هشام وأدنى مجلسه، وأطلق له مائة وثلاثين ألفاً،
وجعل علي بن عبد الله يوصيه بابنيه خيراً، ويقول‏:‏ إنهما سيليان الأمر،
فجعل هشام يتعجب من سلامة باطنه وينسبه في ذلك إلى الحمق، فوقع
الأمر كما قال‏.‏

قالوا‏:‏ وقد كان علي في غاية الجمال وتمام القامة، كان بين الناس كأنه
راكب، وكان إلى منكب أبيه عبد الله، وكان عبد الله إلى منكب أبيه
العباس، وكان العباس إلى منكب أبيه عبد المطلب، وقد بايع كثير من
الناس لابنه محمد بالخلافة قبل أن يموت علي هذا قبل هذه السنة
بسنوات، ولكن لم يظهر أمره حتى مات فقام بالأمر من بعده ولده عبد الله
أبو العباس السفاح، وكان ظهوره في سنة اثنيتن وثلاثين،
كما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏

عمرو بن شعيب