المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاطفة النبي صلى الله عليه وسلم (02-03)


adnan
04-23-2015, 09:30 PM
الأخ / عبد العزيز محمد - الفقير إلي الله





عاطفة النبي صلى الله عليه وسلم (02-03)




وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين لم ينس وهو قائد الدولة الإسلامية كلها
طفلاً صغيرًا في المدينة اسمه أبو عمير له طائر يلعب به واسمه النغير.
فإذا رآه النبي ابتسم له وقال:

( يا أبا عمير كيف حال النغير )

ولم ينس شابًّا فقيرًا اسمه جليبيب فسعى ليزوجه حتى خطب وتهيأ
للزفاف فإذا بالمنادي للجهاد ينادي فذهب جليبيب مجاهدًا وبعد انتهاء
الغزوة يسأل النبي عن الشهداء فينساه الناس من بين الشهداء
لكن النبي لا ينساه فيقول:

( لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ )

ولما وجدوه ظل النبي يحمله على ذراعيه حتى حفروا له ووضعوه .
ولا يعرف عن جليبيب إلا هذا الموقف مما يدلك على انتباه النبي ورحمته
ورعايته حتى لغير المبرزين من الناس.

ويعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

( لا يرحم الله من لا يرحم الناس )

واعتبر النبي رجلاً لا يقبِّل أولاده رجلاً
قد نزع الله الرحمة من قلبه وقال:

( من لا يرحم لا يٌرحم )

عاطفة تلهب الدعوة لا تعوقها وقد يمكن أن نقول ونقول بلا انقطاع
في عاطفة النبي وقوتها وحرارتها وكيف كان صلى الله عليه وسلم ودودًا
ورقيقًا ورحيمًا ولينًا وسمحًا لكنما تظل بوارق تلك العاطفة وعظمتها
في أنها كانت في سبيل الدعوة ولم تقف يومًا عائقًا.

والذي يُعتاد من أصحاب القلوب الرقيقة والأخلاق السمحة والنفوس اللينة
هو تأثرهم السريع والعميق بما يعرض لهم في هذه الحياة فيصعب على
الكريم أن يهان ويشق على السمح أن يُقسى عليه ولا تطيق نفس الرحيم
الإيذاء وأشد ما يبتلى به الصادق أن يرمى بالكذب وأقسى ما يبتلى به
الأمين أن يُرمى بالخيانة ولا أكبر عند العاقل الوقور من أن يرمى
بالجنون والكهانة.
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=fimg&th=14ce5e4b20eaec29&attid=0.5&disp=emb&attbid=ANGjdJ8F2eiysisIAEUUJswUTLrfEML4pb147j4DpZ4 6scwbqv6rzqcKhTmjr8mzuNspeALMZDjVUboumd3YqIDSDwcyN 4j9rWZgyRRhLJ-8npkKVV1P6syOjdF1XJo&sz=w674-h668&ats=1429808297994&rm=14ce5e4b20eaec29&zw&atsh=1
وكل هذا تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تجنح به عاطفته
العميقة ونفسه الرقيقة نحو أن يترك أو يتخلى عن ذلك الطريق الوعر
وليبقى محتفظًا بمكانته في مكة وهو الكريم الأصل والرفيع النسب وهو
الصادق الأمين ولقد كان ذلك الأصل وتلك الرفعة مساحة أخرى من
المشقة واجهها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته. فإن (كريم الأصل
عريق النسب) أوذي أبلغ الإيذاء فقيل له لأول مرة وعند أول مواجهة:
(تبًّا لك) .

وأُطلق عليه (مُذَمّم) ورُميت عليه أمعاء الشياه وخُنق على حين غرة
حتى جحظت عيناه وغير ذلك من الإيذاء ولقد كان أبلغها وأشقها على
نفسه صلى الله عليه وسلم يوم الطائف .

ولقد رُمي (الصادق الأمين) بأنه كذَّاب وكاهن وساحر وشاعر بل ومجنون
وطفق عمه أبو لهب يمشي وراءه في طرقات مكة يحذر الناس
والحجيج منه .

فانظر كيف كان أثر كل هذا الإيذاء في نفسٍ رقيقة /
كرقة نفس محمد صلى الله عليه وسلم! وكيف وقعت على قلبٍ يسيل
بالعاطفة كقلب محمد صلى الله عليه وسلم! وعلى ذي أصل ونسب وشرف
رفيع كمحمد صلى الله عليه وسلم! وعلى ذي سيرة طاهرة وخلق قويم
طوال ما يقرب من نصف قرن قبل أن يجهر بدعوته!! انظر هذا ثم انظر
أيضًا كيف كانت عاطفته تلهب دعوته وتنير سبيله ولم تقف يومًا عائقًا.
ما فكر لحظة في أن يترك طريق المشقة لأن رقته وكرامته لم تتحمل كل
هذا الإيذاء ولم يُفضّل أن يبقى في المجتمع فاضلاً طاهرًا مصون النفس
مهيب الجناب على حساب أن يبقى المجتمع منكوبًا بالجاهلية.

وهنا بوارق عظمة العاطفة في نفسه صلى الله عليه وسلم
فلقد كانت تلهب الدعوة لم تكن تعوقها.