المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخوف من الله عز وجل (01_02 )


حور العين
05-08-2015, 09:11 PM
الأخت / غـــرام الغـــرام
الخوف من الله عز وجل
إعداد الاستاذ / يحي بن محمدالمازني
الجزء الأول - 02

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن.

إن الخوف من الله عز وجل هو من أعلى مراتب التقوى
إذ لا يصل الإنسان إلى منازل التقوى العالية إلا بخوفه من الله سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى:

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
[ الأنفال: 2 ]

وقال تعالى:

{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
[ المؤمنون: 60 ]

( سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن هذِهِ الآيةِ
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ }
قالت عائشةُ : أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ
قالَ لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ
ويتصدَّقونَ ، وَهُم يخافونَ أن لا تُقبَلَ منهُم
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ )
وسوف نستهل هذه الرسالة بالحديث عن خوف رسولنا عليه الصلاة والسلام
الذي كان أتقى الناس، وأخوف الناس من ربه عز وجل.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية )

فقد كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه آثار الخوف
إذا تغيرت عليه الأحوال، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

) ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً
حتى أرى لهواته، إنما كان يبتسم، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً،
عرف ذلك في وجهه،
فقالت: يا رسول الله، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء
أن يكون فيها مطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية!
فقال: يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيها العذاب؟
فلقد عذب الله قوماً بالريح، ولقد رأى قوم العذاب
فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا )

وكان من شدة خوفه عليه الصلاة والسلام ووقوفه بين يدي ربه يبكي
حتى يسمع لصدره أزيز.
فعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال:

[ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسمعت لصدره
أزيزاً كأزيز المرجل من خوف الله عز وجل ]

فهذا بعض من صور خوف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلنقف الآن
على أحوال الملائكة عليهم السلام وخوفهم من ربهم عز وجل،
يقول الله تعالى في مدح الملائكة:

{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }
[ الأنبياء: 26-28 ]

وقال تعالى:

{ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ
وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
[ النحل: 49-50 ]

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( يا جبريل مالي لا أرى ميكائيل ضاحكاً قط
قال جبريل: إن ميكائيل لم يضحك قط منذ أن خلق الله النار )

وعن جابر رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام:

( مررت ليلة أُسري بي إلى الملأ الأعلى،
وإذا بجبريل عليه السلام كالحلس البالي من خشية الله فعرفت مكانه )

فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام وهؤلاء الملائكة عليهم السلام
كانوا مع شدة طاعتهم لربهم عز وجل يخافونه،
ثم نأتي بعد ذلك إلى خوف الصحابة رضي الله عنهم من ربهم،
وكيف كانت مراقبتهم لربهم وخوفهم منه رضي الله عنهم وأرضاهم.
فهذا الصديق رضي الله عنه عندما دخل بستاناً فرأى طائراً
على غصن شجرة فبكى وقال:

[ يا ليتني مثل هذا الطائر لا لي ولا علي ]
وكان الفاروق عمر رضي الله عنه يبكي ويخاطب نفسه ويقول:

[ ويلك يا ابن الخطاب إن لم يغفر الله لك ]

وأما علي رضي الله عنه فقد صلى يوم صلاة الفجر بالكوفة،
ثم بعد أن صلى جلس مطرقاً وعليه آثار الكآبة، ثم قام وقال كلاماً
ما أدركته الجمعة التي بعدها حتى لقي الله قال:

[ لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت شيئاً يشبههم،
كانوا يصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم كأمثال ركب المعزى
من البكاء قد باتوا لله سجداً وقياماً يتلون كتاب الله ويرواحون بين أقدامهم
وجباههم، فإذا طلع الفجر ذكروا الله فمادوا كما تميد الشجر في يوم الريح،
الله لكأن القوم باتوا غافلين ]
فما رؤي ضاحكاً ولا مبتسماً.



تابعونا فى الجزء الثانى ان شاء الله تعالى