المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مرض التقاطع الاجتماعي


حور العين
07-05-2015, 06:33 PM
الأخ الدكتور / نور المعداوي
مرض التقاطع الاجتماعي
أحمد المحمدي المغاوري

قال تعالى

{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)

أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23).}

[سورة محمد].

لست ممن يطالبون بمقاطعة مواقع التواصل، لكن الأمر جد خطير

فهذه تجاربي ولكم الحكم،

أهي مواقع للتواصل؟ أم للتقاطع أم أن المشكلة في ثقافتنا الحالية

وفي كيفية التعامل مع تلك المواقع والأجهزة؟

أم أن أصل وحل هذه المشكلة هي في العودة إلى الله ؟!

** زارني صديقٌ، حبيبٌ إلى قلبي.وكلكم أحبابي.هو وأهله.في بيتي.

وبعد دقائق من الترحاب امسك بالموبايل واخذ يقلب كفيه وأصابعه ويكتب

ثم يبتسم ثم ينبهر وأنا ناظرا إليه وانتظر أن ينتهي،فقدمت له الضيافة

فأخذها بيده وعينه على الموبايل،تركته وجلست أشاهد التلفاز.وتساءلت

ماذا يجري وما هذا الذي يحول بيني وبين صديقي؟ ولماذا اجتمعنا إذاً؟

لا شك لكي نتواصل ونتراحم.فقمت لتوي وقلت له مداعبامحمود.

محمود.محمود"قم واذهب إلى بيتك"فضحك.قلت نعم!! قم واذهب

إلى بيتك"فلماذا جئت؟

نحن لم ير بعضنا بعضا منذ زمن، فيكفينا التواصل عبر هذا الجهاز

اللعين!!!وقد اكتفى الناس بالتواصل عن طريقة ولم يعد أحد يزور احد

حتى ولو كان بجوار بيته" فالموبايل قد قطع المسافات والضحكات

والنظرات والسلامات والتراحمات وابن السقا !!!مات.تلك هي مواقع

"التقاطع" الاجتماعي الآن يا محمود..ترك السقا محمود الموبايل، فلم

يمت!! وبدأنا الحوار وتبادلنا الحديث والذكريات.


** يا سعد المواقع والموبايل ببناتنا وأولادنا وأقاربنا وجيراننا وزوجاتنا

وأزواجنا فلقد وصل إلى قلوبهم واستقر في أحشائهم وحل هو الصديق

والقريب والزوج والجار.الخ.ففي عمله ومسجده وركوبه وبيته بل في

موقف العزاء تجده، وتأتيه الرسائل عبر الفيسبوك والتوتير والانستجرام

والوتس أب والواتس أم والواتس عم! وا .وا!!ولا يعرف متى وكيف

يجيب على هذا وهذا وذاك!! حتى وصل الأمر أن أصبح الموبايل معه

في الغرفة والسرير والسيارة بل ودورة المياه أعزكم الله.


**انتهيت من صلاتي بالمنطقة الذي اسكن فيه، فوجدت بنات صغار

يجلسن معا فوقفت برهة لأطمأن هل ابنتي معهن.فإذا بالبنات كل واحدة

منهن بيدها موبايل ولآب توب.فوقفت أنظر متعجبا،فلا يدور حديث

بينهن،وكلهن في صمت وتمرق بعينها لما في يدها بل ربما ترسل الواحدة

رسالة للأخرى وهي بجانبها !!وقلت في نفسي فلماذا يجلسن معا ولما

لا يكتفين بأجهزة "التقاطع" الاجتماعي ليتواصلوا عبر الأثير!!

لا حول ولا قوة إلا بالله.

**يقول صديقي :

عدت من عملي مشتاق لأولادي فرح بلقائهم ،فتحت الباب فإذا بهم

لا أراهم كما هو المعتاد يسرعون إلي فرحين بقدومي يسلمون علي

ويقبلون يدي،فهذا على كتفي وهذا بيدي اليمنى وهذه بيدي اليسرى

ناديت عليهم فرد احدهم بصوت خافت فاتر.نعم يا بابا..دخلت غرفتي

وخلعت ملابسي.وناديت على زوجتي وهي تعد الطعام وسألتها أين

الأولاد؟ فقالت مستغربة ألا تعرف!!مع الأجهزة التي اشتريتها لهم

ومواقع"التقاطع" الاجتماعي.

صعدت إلى ولدي وسلمت فلم يرد واسأله فلم يجب!! ينفخ فهو مشغول

بين لعب على جهاز وتواصل مع آخر ومشاهدة للتلفاز.نزلت وذهبت إلى

بناتي فإذا بهن منهمكات في الأجهزة إياها.ذهبت إلى غرفتي وجلست

ساعة وكادت الدمعة تفر من عيني فلم يعبأ بي أولادي فقمت وقطعت

وصلة النت..فهاجوا وماجو وسمعت صراخ وضجيج بالبيت فقلت

الحمد لله بالبيت صوت وأولادي قد عادوا إلي.عجبي

**كنا ونحن صغار نخرج من بيوتنا ونلعب مع أصدقائنا بالشارع

وبالدراجة وبالكرة و خالاويــــــــص لسه.ونبقى بالساعات وأمي

مطمئنه.أما وقد كبرت وظهر الموبايل. زاد القلق ففي كل خطوة تسألني

أين أنت الآن؟ بل ويأتني في خلال ساعة اتصالات من هذا ومن ذاك، متى

تصل؟وهات معك!!ولا تتأخر!! نعم هي مفيدة ولكنها مقيدة

.فأين الآمان الذي كنا نعيشه زمان!؟

** يقول حبيب آخر ذهبت مع زوجتي إلى المطعم في لمسة شاعرية

.فنظرت حولي وقلت لزوجتي لاحظي معي، معظم الجلوس يمسك

بالموبايل وبدلا من تبادل النظرات والكلمات في هذا الجو الرومانسي حيث

الأجساد قريبه ولكن القلوب بعيدة!! فلماذا جاءوا وأي لمسة عاطفية هذه

!؟لا حول ولا قوة إلا بالله يخرب بيت.....سألته زوجته ماذا ستفعل أنت

الآن؟ ضحك وقال بالطبع لن أكون مثلهم. بل ........ الحمد لله

**كنت حينما انظر إلى الأجنبي في الثمانينات والتسعينات وهم يحملون

أجهزة "التقاطع" هذه والتي لا تفارقهم،كنت أحسدهم وأقول مثقفين

ومتقدمين مش رجعيين مثلنا.وبعد دخولها لمجتمعاتنا علمت الآن لماذا

هم متقطعين الأواصر ماديين.جامدي الحس فلا غيرة عندهم ،لأنهم رأوا

في هذه الأجهزة حلا لمشكلاتهم الروحية والنفسية.أما نحن فمعنا كنوز

لا تعد ولا تحصى، ديننا،قرأننا،سنة نبينا،التي تحضنا على التواصل

والتراحم.فحيهلا لأيام زمان.وتقارب المكان،كان يا ما كان. كان فيه آمان.

** لن أضع الحلول لهذه المشكلة. فالحل بين أيدينا "ديننا"

كالإبل في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها "محمول" للأسف

المحمول ورآنا ورآنا حتى في بيت الشعر!! إذا لا محالة منة فهو نعمة

ولكن شكرها أن نفهم ونعرف ونعيد النظر في ثقافتن في"التواصل"

والتعامل مع المواقع وكيفية ضبط أوقاتنا وتوجيه أولادنا وقبل كل هذا

أخي، فكفانا تمزق، فالأمر جد خطير. ويحتاج إلى وفقه فأحفظ الله

يحفظك.اللهم أحفظ بيوتنا وأولادنا من كل سوء. ودبر لنا

فإنا لا نحسن التدبير.