المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزُّهد


حور العين
07-23-2015, 05:03 PM
الأخت / الملكة نـــور
الزُّهد

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال

يا رسول الله دلّني على عمل إذا عملته أحبني الله

وأحبني الناس فقال:

( إزهد في الدُنيا يحبّكَ اللّهُ وإزهد فيما عند الناسِ يُحبّك الناس )

(إبن ماجه وغيره بأسانيد حسنة)

. ضرب الله تعالى أمثلة عديدة للدنيا

{ كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ

فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ }

ـ ووصفها بأنها لعب ولهو وأنها متاع الغروروحذر منها

{ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا }

.ـ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أخذ رسول الله بمنكبي فقال:

( كن في الدُنيا كأنكَ غريب أو عابرَ سبيل )

، وكان إبن عمر يقول:

إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء ، وخذ من

صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك

قيل في شرح ذلك أن لا يتعلق القلب بالدنيا ، إلاّ كما يتعلق الغريب في غير

وطنه حيث لا ينبغي له أن يشتغل بما لا ضرورة له. والدار الآخرة هي

وطن المؤمن وليست الدنيا.

قال سفيان الثوري:

الزهد في الدنيا ليس بأكل الغليظ ولا بلبس العباء ولكنه قصر الأمل.

يحكى أن شيخا معروفا بالزهد كان يسكن في بغداد ، أتاه أحد تلامذته

مستأذنا إياه بالسفر في حاجة إلى الشام ، فقال له إن هناك رجلا صالحا

فيها ، فإذهب إليه وأقرئه مني السلام وإطلب منه أن يدعو لي ، فتخيل

التلميذ في ذهنه حال ذلك الرجل أن يكون أزهد من شيخه ، فلما ذهب

التلميذ إلى الشام ، سأل عن الرجل فأرشد إلى قصر مهيب فعجب أن يكون

الرجل المقصود هو صاحب هذا القصر ، ولما أستأذن على الرجل وجده

محاطا بالأبهة والخدم ، لكنه وجده متواضعا كريما . فلما أبلغه تحيات

الشيخ البغدادي ، سأله ألم يطلب شيئا قال بلى طلب أن تدعو له ، فرفع

الرجل يديه إلى السماء وقال: أللهم أخرج حب الدنيا من قلبه. فازداد

التلميذ عجبا على عجبه ، ثم ودّعه عائدا إلى بغداد. ولما زار شيخه سأله

عن سفره وفيما إذا كان قد لقي الرجل الصالح ، قال نعم ولكنه إستحيى أن

يخبره بمضمون دعوته ، فسأله الشيخ وهل طلبت منه أن يدعو لي قال

نعم قال فما كانت دعوته قال قال اللهم أخرج حب الدنيا من قلبه ، قال

صدق والله يا ولدي ، لايغرنك مظهر الزهد علي ، أترى ما حولي من

المتاع ، فنظر التلميذ فلم يجد سوى حصير وإبريق ماء ورأى متاعا باليا

لا يكاد يؤبه له ، قال فإن قلبي معلق بهذا المتاع حتى إني لأستيقظ في

الليل ألتمس الإبريق خشية أن يكون قد سرق.

قال الإمام أحمد بن حنبل:

الزهد على ثلاثة أوجه: ترك الحرام وهو زهد العوام ، وترك الفضول من

الحلال وهو زهد الخواص ، وترك ما يشغل العبد عن الله وهو زهد

العارفين .

وقال الفضيل بن عياض:

جعل الله الشر كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا وجعل الخير كله في

بيت واحد وجعل مفتاحه الزهد.

وقال الحارث المحاسبي:

خيار هذه الأمة الذين لا تشغلهم آخرتهم عن دنياهم ولا دنياهم عن

آخرتهم ،

ولذلك كان الإمام علي رضي الله عنه يقول:

إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .

أما الزهد فيما عند الناس فهوعدم الطمع بما في أيديهم ، والقناعة بما

قسم الله تعالى من رزق وعدم التكالب على الدنيا بجمع الحلال والحرام

والشبهة ، بل تحرّي ما هو حلال خالص وإن كان قليلا وقليل من يفعل

ذلك اليوم . وعلى المؤمن أن لا ينظر إلى من هو فوقه في الأمور الدنيوية

بل ينظر إلى من هو دونه حتى يزداد شكرا لله تعالى ، ولا ينظر في أمور

الآخرة إلاّ إلى من هو فوقه كي يُقتدى بهم فيزداد تقوى.