المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاسبة النَّفس


حور العين
10-19-2015, 06:32 PM
من:الأخت / الملكة نـــور
محاسبة النَّفس
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

( الكيّسُ مَن دانَ نَفسَهُ وعَملَ لما بَعدَ الموت والعاجزُ

مَن أتبَعَ نَفسَهُ هواها وتَمَنّى على اللّه الأماني )

(رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم)ـ

قال الله تعالى:
{ قَد أفلَحَ مَن زَكّاها وَقَد خابَ مَن دَسّاها }

فالمحاسبة خير وسيلة لتقويم اعوجاج النفس بين حين وآخر لغرض

تزكيتها . ويكون أساس المحاسبة هو مقارنة ما تفعله النفس مع ما يطلبه

الشرع. فإن كانت قد وفّتْ ، فهل يمكنها أن تزيد إحسانا ؟ وإن كانت

مقصّرَةً ، فما السبيل إلى تقويم اعوجاجها ؟ والوسيلة إلى تنفيذ ذلك هو

مخالفة هواها . قال الله تعالى:

{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *

فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }

ـ وقال الإمام علي رضي الله عنه:

إنما أخشى عليكم اثنين: طول الأمل ، وإتباع الهوى ، فإن طول الأمل

ينسي الآخرة وإن إتباع الهوى يصد عن الحق ، وإن الدنيا قد إرتحلت

مدبرة وإن الآخرة مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء

الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا

حساب ولا عمل .

إن على المرء أن يقاوم شهوات نفسه ولا يستسلم لها أبدا فكل شهوة

يستسلم لها يمكن أن تؤدي به إلى نار جهنم . فشهوة الطعام والشراب إن

استسلم لها أكل الحلال والحرام وربما ترك الصيام ، وشهوة الفرج إن

استسلم لها قادته إلى الفاحشة ، وشهوة الانتقام إن استسلم لها قادته إلى

الظلم ، وشهوة التسلط إن استسلم لها قادته إلى العجب والطغيان وشهوة

التكاثر بالأموال والأولاد إن استسلم لها قادته إلى اكتساب المال الحرام

وحسد الناس وظلمهم وعدم دفع الزكاة ، وشهوة النوم والخمول والكسل

تقوده إلى تَرْكِ الصلاة وترك الاكتساب ، وحب الحياة إن استسلم لها تَرَك

الجهاد. ويريد الله أن يُعِينَ المسلم على أن يكون حاكما لأهواء نفسه

بمخالفتها فيما ليس من صالحها . اسمع قوله تعالى:

{ لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }

وبَيَّن

{ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ }

. وقد أوضحت السنة المطهرة حدود مخالفة الهوى لأن هذه المخالفة

ليست مقصودة بذاتها بل لتقويم اعوجاج النفس وتطويعها ، وإلاّ إن زادت

عن حدها انقلبت إلى رهبانية مبتدعة ليس للمرء فيها من ثواب.

وقيل لأحد الصالحين:

إن فلانا يمشي على الماء ، فقال عندي أن من مكنّه الله تعالى من مخالفة

هواه فهو أعظم من المشي في الهواء.

وقال أبو سليمان الدارني:

من أحسن في ليله كوفئ في نهاره ، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله

، ومن صدق في ترك شهوة كوفئ مؤنتها ، والله أكرم من أن يعذب قلبا

ترك شهوة لأجله.

قال الله تعالى:
{ والّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهديَنَّهُم سُبُلَنا وإن اللّهَ لَمَعَ المُحسنينَ }