المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين


حور العين
10-19-2015, 06:42 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين هـ
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله
في المحرم منها
دخل رأس رافع بن هرثمة إلى بغداد فأمر الخليفة بنصبه في الجانب

الشرقي إلى الظهر، ثم بالجانب الغربي إلى الليل‏.‏

وفي ربيع الأول منها

خلع على محمد بن يوسف بن يعقوب بالقضاء بمدينة أبي جعفر المنصور

عوضاً عن ابن أبي الشوارب بعد موته بخمسة أشهر وأيام، وقد كانت

شاغرة تلك المدة‏.‏ وفي ربيع الآخر منها ظهرت بمصر ظلمة شديدة

وحمرة في الأفق حتى كان الرجل ينظر إلى وجه صاحبه فيراه

أحمر اللون جداً‏.‏

وكذلك الجدران، فمكثوا كذلك من العصر إلى الليل ثم خرجوا إلى الصحراء

يدعون الله ويتضرعون حتى كشف عنهم‏.‏

وفيها‏:‏

عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر فحذره ذلك

وزيره عبد الله بن وهب، وقال له‏:‏ إن العامة تنكر قلوبهم ذلك وهم

يترحمون عليه ويترضون عنه في أسواقهم وجوامعهم، فلم يلتفت إليه

بل أمر بذلك وأمضاه وكتب به نسخاً إلى الخطباء بلعن معاوية وذكر فيها

ذمه وذم ابنه يزيد بن معاوية وجماعة من بني أمية، وأورد فيها أحاديث

باطلة في زم معاوية وقرئت في الجانبين من بغداد، ونهيت العامة عن

الترحم على معاوية والترضي عنه، فلم يزل به الوزير حتى قال له فيما

قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن هذا الصنيع لم يسبقك أحد من الخلفاء إليه، وهو

مما يرغب العامة في الطالبيين وقبول الدعوة إليهم، فوجم المعتضد عند

ذلك لذلك تخوفاً على الملك، وقدر الله تعالى أن هذا الوزير كان ناصبياً

يكفر علياً فكان هذا من هفوات المعتضد‏.‏

وفيها‏:‏

نودي في البلاد لا يجتمع العامة على قاص ولا منجم ولا جدلي ولا غير

ذلك، وأمرهم أن لا يهتموا لأمر النوروز، ثم أطلق لهم النوروز فكانوا

يصبون المياه على المارة وتوسعوا في ذلك وغلوا فيه حتى جعلوا

يصبون الماء على الجند والشرط وغيرهم، وهذا أيضاً من هفواته‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ وفيها وعد المنجمون الناس أن أكثر الأقاليم ستغرق

في زمن الشتاء من كثرة الأمطار

والسيول وزيادة الأنهار، وأجمعوا على هذا الأمر فأخذ الناس كهوفاً في

الجبال خوفاً من ذلك، فأكذب الله تعالى المنجمين في قولهم فلم يكن عام

أقل مطراً منه، وقلت العيون جداً وقحط الناس في كل بقعة حتى استسقى

الناس ببغداد وغيرها من البلاد مراراً كثيرة‏.‏

وفيها‏:‏

كان يتبدى في دار الخلافة شخص بيده سيف مسلول في الليل فإذا أرادوا

أخذه انهزم، فدخل في بعض الأماكن والزروع والأشجار والعطفات التي

بدار الخلافة فلا يطلع له على خبر، فقلق من ذلك المعتضد قلقاً شديداً

وأمر بتجديد سور دار الخلافة والاحتفاظ به، وأمر الحرس من كل جانب

بشدة الاحتراس فلم يفد ذلك شيئاً، ثم استدعى بالمغرمين ومن يعاني علم

السحر وأمر المنجمين فعزموا واجتهدوا فلم يفد ذلك شيئاً فأعياهم أمره‏.‏

فلما كان بعد مدة اطلع على جلية الأمر وحقيقة الخبر فوجده خادماً خصياً

من الخدام كان يتعشق بعض الجواري من حظايا المعتضد التي لا يصل

إليها مثله ولا النظر إليها من بعيد، فاتخذ لحاً مختلفة الألوان يلبس كل

ليلة واحدة، واتخذ لباساً مزعجاً فكان يلبس ذلك ويتبدى في الليل في شكل

مزعج فيفزع الجواري وينزعجن وكذلك الخدم، فيثورون إليه من كل

جانب فإذا قصدوه دخل في بعض العطفات ثم يلقي ما عليه أو يجعله في

كمه أو في مكان قد أعده لذلك، ثم يظهر أنه من جملة الخدم المتطلبين

لكشف هذا الأمر، ويسأل هذا وهذا ما الخبر‏؟‏

والسيف في يده صفة من يرى أنه قد رهب من هذا الأمر، وإذا اجتمع

الحظايا تمكن من النظر إلى تلك المعشوقة ولا حظها وأشار إليها بما

يريده منها وأشارت إليه، فلم يزل هذا دأبه إلى زمن المقتدر فبعثه في

سرية إلى طرسوس فنمت عليه تلك الجارية، وانكشف أمره وحاله

وأهلكه الله‏.‏

وفيها‏:‏

‏ اضطرب الجيش المصري على هارون بن خمارويه فأقاموا له بعض

أمراء أبيه يدير الأمور ويصلح الأحوال، وهو أبو جعفر بن أبان، فبعث

إلى دمشق - وكانت قد منعت البيعة تسعة أشهر بعد أبيه، واضطربت

أحوالها - فبعث إليهم جيشاً كثيفاً مع بدر الحمامي والحسن بن أحمد

الماذرائي فأصلحا أمرها واستعملا على نيابتها طفح بن خف، ورجعا

إلى الديار المصرية والأمور مختلفة جداً‏.‏

وفيها وتوفي من الأعيان‏:‏

أحمد بن المبارك أبو عمر المستملي

الزاهد النيسابوري يلقب بحكمويه العابد، سمع قتيبة وأحمد وإسحاق

وغيرهم واستملى على المشايخ ستاً وخمسين سنة، وكان فقيراً رث

الهيئة زاهداً، دخل يوماً على أبي عثمان سعيد بن إسماعيل وهو في

مجلس التذكير، فبكى أبو عثمان وقال للناس‏:‏ إنما أبكاني رثاثة ثياب رجل

كبير من أهل العلم أنا أجله عن أن أسميه في هذا المجلس، فجعل الناس

يلقون الخواتم والثياب والدراهم حتى اجتمع من ذلك شيء كثير بين يدي

الشيخ أبي عثمان، فنهض عند ذلك أبو عمرو المستملى فقال‏:‏

أيها الناس أنا الذي قصدني الشيخ بكلامه، ولولا أني كرهت

أن يتهم بإثم لسترت ما ستره‏.‏

فتعجب الشيخ من إخلاصه ثم أخذ أبو عمرو ذلك المجتمع من المال فما

خرج من باب المسجد حتى تصدق بجميعه على الفقراء والمحاويج‏.‏

كانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة‏.‏

إسحاق بن الحسن

ابن ميمون بن سعد أبو يعقوب الحربي، سمع عفان وأبا نعيم وغيرهما‏.‏

وكان أسن من إبراهيم الحربي بثلاث سنين، ولما توفي إسحاق نودي له

بالبلد فقصد الناس داره للصلاة عليه، واعتقد بعض العامة أنه إبراهيم

الحربي، فجعلوا يقصدون داره فيقول إبراهيم‏:‏ ليس إلى هذا الموضع

قصدكم وعن قريب تأتونه، فما عمر بعده إلا دون السنة‏.‏

إسحاق بن محمد بن يعقوب الزهري عمر تسعين سنة، وكان ثقة صالحاً‏.‏

إسحاق بن موسى بن عمران الفقيه أبو يعقوب الإسفراييني الشافعي‏.‏

عبد الله بن علي بن الحسن بن إسماعيل أبو العباس الهاشمي،

كانت إليه الحسبة ببغداد وإمامة جامع الرصافة‏.‏

عبد العزيز بن معاوية العتابي من ولد عتاب بن أسيد بصري، قدم بغداد

وحدث عن أزهر السمان وأبي عاصم النبيل‏.‏

يزيد بن الهيثم بن طهمان أبو خالد الدقاق ويعرف بالباد‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ والصواب أن يقال‏:‏ البادي لأنه ولد توأماً

وكان هو الأول في الميلاد‏.‏

روى عن يحيى بن معين وغيره وكان ثقة صالحاً‏.‏