المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عش دوماً مع الله تعالى


هيفولا
11-12-2015, 07:22 AM
عش دوماً مع الله تعالى









د- جاسم المطوع

من أدعية النبي صلي الله عليه وسلم (اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا)
لفت نظري هذا الدعاءفاستدعيت " همي " يوماً من داخل قلبي ، حتى أصارحه ويصارحني ،
فقلت : يا همي ما هي أصناف الهموم عندكم ؟
قال : عندنا الهموم صنفين : إما هم دنيوي أو أخروي ،
قلت : وكيف أعرف نفسي ، وأصنف همي ؟
قال : تستطيع أن تعرف همك من العلامات التي ذكرها ابن قيم الجوزية –رحمه الله – حين قال :
إذا أصبح العبد وأمسى ليس همه إلا الله وحده : تحمل الله سبحانه حوائجه كلها ،
وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته ،
وأما من كان همه الدنيا وما فيها حمله الله هموم الدنيا وغمومها وأنكادها ،
ووكله إلى نفسه ، فشغل قلبه عن محبته بمحبه الخلق ، ولسانه عن ذكره بذكرهم ،
وجوارحه عن طاعته بخدمتهم ، وإشغالهم فهو يكدح كدح الوحوش
قلت : أريد أن أسالك سؤلاً ولكني مستحى لأني مقصر في حق ربي ،
قال : لا تتردد فحوارنا هذا سيساعدك علي جعل همك للآخرة ،
قلت : كيف أعرف أن همي أخروي ؟
قال : إنه لسؤال جيد ومهم وقد كفانا إجابته الإمام " المحاسبي " رحمه الله
عندما وصف نظرة الناس لمن كان همه الآخرة فقال :
يحسبه الجاهل صميتاً عيياً وحكمته أصمتته ،
ويحسبه الأحمق مهذاراً والنصيحة لله أنطقته ، لا يتعرض لما لا يعينه ،
ولا يتكلف فوق ما يكفيه ، الناس منه في راحة ، وهو من نفسه في تعب ،
قد أمات بالورع حرصه ، وحسم بالتقي طمعه ، وأفنى بنور العلم شهواته
قلت : إنه لوصف جميل ولكني سمعت مرة أنه من جعل الدنيا همه أعطاه الله ما تمنى ،
ومن جعل الآخرة همه رزقه الله الآخرة وأقبلت عليه الدنيا ،
فهل هذا صحيح ؟
قال : نعم وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله :
(من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله ،
وأتته الدنيا وهى راغمة ،
ومن كانت الدنيا همه ، جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ،
ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له )
، قلت : لم أفهم عبارة (جعل الله فقره بين عينيه) ؟
قال : يعني الفقر يكون ساكن ومقيم بين عينيه
فمهما كان لديه من النعم من مال وصحة وزوجة وأولاد وسكن وأمن وعمل ،
فإنه دائما يرى نفسه فقير ومحتاج لأن عينه لا تري إلا الفقر الذي أمامها
ولا يستطعم بلذة النعمة أو يستمتع بها ،
وهذا حال أكثر الناس
قلت : والله كلامك صحيح فإني أعرف رجلا يملك مليون دينار
فلما قيل له إن زكاتك خمسة وعشرين ألفا قال إنها كثيرة ،
فعينه رأت الخمسة والعشرين ألفا وهي نسبة 2.5%
وهو حق الفقراء ولم ترى التسعمائة وخمسة وسبعون ألفا
وهي نسبة 75% والتي في ملكه ،
قال : نعم هذا صحيح وبعض الناس يرى النعمة التي عند الآخرين
ولا يرى الخير الكبير الذي ينعم به ، فهذا ممن جعل الله فقره بين عينيه

قلت : أنا أتمنى أن يكون همي الآخرة فأعطيها الأولوية في حياتي ،
قال : لقد ذكرت لك كيف تجعلها أولوية في حياتك ،
وإن أركان الإسلام تساعدنا على ذلك
فقد جعل الله لنا في اليوم خمس صلوات حتى يكون القلب بين حالتين ،
إما في الصلاة ، أو في انتظار الصلاة ،
فيعيش دوماً مع الله تعالى ولا تشغله الدنيا بمشاغلها ،
وأما الصيام فأنت تعيش ثلاثين يوما في السنة مع الله تعالى في الليل والنهار
وأما الحج فمرة في العمر ،
فكل هذه تساعد القلب ليكون همه الآخرة فيسعد في الدنيا والآخرة
ومع هذا نقول لك
(ولا تنسى نصيبك من الدنيا)

هيفولا:o