المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم13.02.1437


حور العين
11-25-2015, 10:24 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ المبحث السابع: الرد على الأفكار الخاطئة
حول عقيدة الصحابة والتابعين
في الصفات ]
وقد ابتدع هذا القول فرق الابتداع على مختلف مشاربها، وأولهم

المعتزلة؛ الذين حكموا عقولهم بالنصوص الشرعية، بزعم أن العقائد

لا تثبت عندهم إلا إذا بلغ الخبر حد التواتر، وهذا الشرط الذي وضعوه كان

دافعه المنهج المبتدع الذي اختطوه في رد معظم العقائد التي جاءت على

لسان النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى.

يقول الشيخ عمر الأشقر:

(والناظر في كلام سلفنا الصالح يعلم أنهم كانوا يثبتون العقائد بنصوص

القرآن والحديث، لا يفرقون بين المتواتر والآحاد، ولا يفرقون في

الاحتجاج بين العقائد والأحكام، ولم يعرف أحد خالف في هذا من الصحابة

والتابعين وأتباع التابعين، ولا من الأئمة المرضيين؛ أمثال الأئمة الأربعة،

وكان السلف الصالح وما يزال أتباعهم ينكرون أشد الإنكار على الذين

يرغبون إلى ترك الأحاديث والنصوص، والاحتكام إلى العقل،

ويسفهون من قال بذلك.

ونبتت نابتة ترفض الاحتجاج والأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد, وعندما

سئل هؤلاء عن مستندهم وجدناهم يستدلون بحجة الخوارج والمعتزلة،

الذين رفضوا أحاديث الآحاد في العقائد والأحكام، فنراهم يقولون:

الأحاديث الآحاد لا تفيد اليقين, والعقائد لا تبنى إلا على اليقين)

وعلماء أهل السنة مجمعون على الأخذ بخبر الآحاد

في العقائد قال الإمام الشافعي:

(فقال لي قائل: احدد لي أقل ما تقوم به الحجة على أهل العلم؛ حتى يثبت

عليهم خبر الخاصة؟ فقلت: خبر الواحد عن الواحد حتى ينتهي به إلى

النبي صلى الله عليه وسلم أو من انتهى به إلى دونه) .

ثم يفصل قوله هذا، فيقول :

(فإن قال قائل: أذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد بنص خبر، أو دلالة

فيه، أو إجماع فقلت له: أخبرنا سفيان بن عبدالملك بن عمير عن

عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود عن أبيه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها، وأداها فرب حامل

فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل

عليهن قلب مسلم، إخلاص العمل لله، والنصيحة للمسلمين,

ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم )

فلما ندب رسول الله إلى سماع مقالته، وحفظها، وأدائها إمرءاً يؤديها،

والامرؤ واحد، دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة

على من أدى إليه، لأنه إنما يؤدي عنه حلال, وحرام يجتنب, وحد يقام،

ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دين ودنيا) .

وقال ابن الأثير:

(فإن الصحيح من المذاهب والذي ذهب إليه الجماهير من سلف الأئمة

من الصحابة، والتابعين، والفقهاء والمتكلمين: أنه لا يستحيل التعبد بخبر

الواحد عقلاً، ولا يجب التعبد عقلاً، وأن لا تنحصر، وإنفاذ رسول الله

صلى الله عليه وسلم رسله، وقضاته، وأمراءه وسعاته إلى الأطراف، وهم

آحاد, وبإجماع الأمة على أن العامي مأمور باتباع المفتي وتصديقه، مع

أنه ربما يخبر عن ظنه، فالذي يخبر عن السماع الذي لا شك فيه

أولى بالتصديق).

ويقول ابن القيم رحمه الله:

(وأما المقام الثامن: وهو انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه

الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها؛ فهذا لا يشك فيه من له أقل

خبرة بالمنقول؛ فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها

بعضهم من بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقها

عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم، تلقاها

بالقبول والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقها عن التابعين كذلك

وكذلك تابع التابعين مع التابعين, هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث

كما يعلمون عدالة الصحابة وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم

صلى الله عليه وسلم، والغسل من الجنابة وأعداد الصلوات وأوقاتهم،

ونقل الأذان والتشهد، والجمعة والعيدين، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين

نقلوا أحاديث الصفات، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها، جاز

عليهم ذلك في نقل غيرها مما ذكرناه, وحينئذ فلا وثوق لنا بشيء نقل لنا

عن نبينا صلى الله عليه وسلم البتة، وهذا انسلاخ من الدين والعلم

والعقل، على أن كثيراً من القادحين في دين الإسلام قد طردوه، وقالوا،

لا وثوق لنا بشيء من ذلك البتة).

وقد أتى ابن القيم رحمه الله بواحد وعشرين دليلاً على صحة خبر الآحاد،

وقال إن مقصود المبتدعة هو رد الأخبار في مسائل العقيدة حسب أصولهم

الفاسدة, مع أنهم يحتجون بأخبار الآحاد؛ لتأييد بدعتهم، فيقول: (وأما هذا

القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال، فلا بد من نقله بطريق

التواتر؛ لوقوع العلم به حتى أخبر عنه القدرية، والمعتزلة وكان مقصدهم

منه رد الأخبار, وتلقفه منهم بعض الفقهاء الذين لم يكن لهم في العلم قدم

ثابت, ولن يقفوا على مقصودهم من هذا القول, ولو أنصف أهل الفرق

في الأمة لأقروا بأن خبر الواحد يوجب العلم، فإنك تراهم مع اختلافهم في

طرائقهم وعقائدهم يستدل كل فريق منهم على صحة ما يذهب إليه بالخبر

الواحد – ترى أصحاب القدر يستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم:

( كل مولود يولد على الفطرة ).

وبقوله عن ربه:

( خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين ) .

وترى أهل الإرجاء يستدلون بقوله:

( من قال لا إله إلا الله، دخل الجنة )

وذكر احتجاج الشيعة، والخوارج ثم قال: إلى غير ذلك من الأحاديث التي

يستدل بها أهل الفرق، ومشهور معلوم استدلال أهل السنة بالأحاديث،

ورجوعهم إليها، فهذا إجماع منهم على القول بأخبار الآحاد, وكذلك أجمع

أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله،

ومسائل القدر، والرؤية وأصول الإيمان, والشفاعة، والحوض, وإخراج

الموحدين المذنبين من النار، وفي صفة الجنة, وفي الترغيب, والترهيب،

والوعد, والوعيد)

وقد ترتب على عدم احتجاج هؤلاء المبتدعة بخبر الآحاد أن أنكروا جملة

من عقائد الإسلام التي آمن بها الصحابة والتابعون، وجمهور الأمة من

بعدهم، حيث يقول الشيخ الألباني: (أنكروا جملة من العقائد؛ منها:

1- نبوة آدم – عليه السلام، وغيره من الأنبياء الذين

لم يذكروا في القرآن.

2- أفضلية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، على غيره من الأنبياء.

3- شفاعته صلى الله عليه وسلم العظمى في المحشر.

4- شفاعته لأهل الكبائر من أمته.

5- معجزاته صلى الله عليه وسلم كلها ما عدا القرآن، ومنها معجزة

انشقاق القمر فإنها مع ذكرها في القرآن تأولها بما ينافي الأحاديث

الصحيحة المصرحة بانشقاق القمر معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

6- صفاته البدنية, وبعض شمائله الخلقية.

7- الأحاديث التي تتحدث عن بدء الخلق, وصفة الملائكة, والجن, والجنة,

والنار, وأنهما مخلوقتان, وأن الحجر الأسود من الجنة.

8- خصوصياته مثل دخول الجنة، ورؤية أهلها، وما أعد للمتقين,

وإسلام قرينه من الجن، وغير ذلك.

9- القطع بأن العشرة المبشرين بالجنة من أهل الجنة.

10- الإيمان بعذاب القبر.

11- الإيمان بسؤال منكر ونكير في القبر.

12- الإيمان بضغطة القبر.

13- الإيمان بالميزان ذي الكفتين يوم القيامة.

14- الإيمان بالصراط.

15- الإيمان بالحوض.

16- دخول سبعين ألفاً من أمته الجنة بغير حساب.

17- الإيمان بكل ما صح في الحديث عن صفة القيامة، والحشر, والنشر.

18- الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.

19- الإيمان بالقلم الذي كتب كل شيء.

20- الإيمان بالعرش والكرسي حقيقة لا مجازاً.

21- الإيمان بأن القرآن كتاب الله حقيقة لا مجازاً.

22- الإيمان بأن أهل الكبائر لا يخلدون في النار (12) وغيرها.

حتى عدد 30 معتقداً يفضي عدم الأخذ بأحاديث الآحاد إلى إنكارها

وعدم الاعتقاد بها.

وهكذا تبدو خطورة هذا الانحراف الذي قالت به فرق الابتداع التي ردت

عقائد الإسلام, التي آمن بها الصحابة الكرام الذين تلقوها عن الصادق

المصدوق، وكانت لهم بشرى من الله نالوا بها الرضوان والثواب العظيم،

وكانت وما زالت الأمة على هذه المعتقدات لم تهزها في نفوسهم زوابع

أهل الفتنة على مر الأزمان والحمد لله رب العالمين

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين