المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثم دخلت سنة أربع وثلاثمائة


حور العين
11-26-2015, 07:12 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ثم دخلت سنة أربع وثلاثمائة
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله
فيها

عزل المقتدر وزيره أبا الحسن علي بن عيسى بن الجراح، وذلك لأنه

وقعت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة، فسأل الوزير أن يُعفى

من الوزارة فعزل ولم يتعرضوا لشيء من أملاكه‏.‏

وطلب أبو الحسن بن الفرات فأعيد إلى الوزارة بعد عزله عنها خمس

سنين، وخلع عليه الخليفة يوم التروية سبع خلع، وأطلق إليه ثلاثمائة

ألف درهم، وعشرة تخوت ثياب، ومن الخيل والبغال والجمال شيء كثير،

وأقطع الدار التي بالحريم فسكنها، وعمل فيها ضيافة تلك الليلة فسقى

فيها أربعين ألف رطل من الثلج‏.‏

وفي نصف هذه السنة

اشتهر ببغداد أن حيواناً يقال له‏:‏ الزرنب، يطوف بالليل يأكل الأطفال من

الأسرّة ويعدو على النيام فربما قطع يد الرجل وثدي المرأة وهو نائم‏.‏

فجعل الناس يضربون على أسطحتهم على النحاس من الهواوين وغيرها

ينفرونه عنهم، حتى كانت بغداد بالليل ترتج من شرقها وغربها، واصطنع

الناس لأولادهم مكبات من السعف وغيرها، واغتنمت اللصوص هذه

الشوشة فكثرت النقوب وأخذت الأموال، فأمر الخليفة بأن يؤخذ حيوان

من كلاب الماء فيصلب على الجسر ليسكن الناس عن ذلك،

ففعلوا فسكن الناس ورجعوا إلى أنفسهم واستراح الناس من ذلك‏.‏

وفيها‏:‏ قلد ثابت بن سنان الطبيب أمر المارستان ببغداد

في هذه السنة، وكانت خمساً، وكان هذا الطبيب مؤرخاً‏.‏

وفيها‏:‏ ورد كتاب من خراسان بأنهم وجدوا قبور شهداء

قد قتلوا في سنة سبعين من الهجرة مكتوبة أسماؤهم

في رقاع مربوطة في آذانهم، وأجسادهم طرية كما هي، رضي الله عنهم‏.‏ ‏‏

وفيها توفي من الأعيان‏:‏

لبيد بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن صالح

ابن عبد الله بن الحصين بن علقمة بن نعيم بن عطارد بن حاجب،

أبو الحسن التميمي الملقب فروجة، قدم بغداد وحدث بها، وكان ثقة حافظاً‏.‏

يوسف بن الحسين بن علي

أبو يعقوب الرازي، سمع أحمد بن حنبل وصحب ذا النون،

وكان قد بلغه أن ذا النون يحفظ اسم الله الأعظم فقصده ليعلمه إياه،

قال‏:‏ فلما وردت عليه استهان بي وكانت لي لحية طويلة ومعي ركوة طويلة‏.‏

فجاء رجل يوماً فناظر ذا النون فأسكت ذا النون،

فقلت له‏:‏ دع الشيخ وأقبل عليّ‏.‏

فأقبل فناظرته فأسكته، فقام ذو النون فجلس بين

يدي وهو شيخ وأنا شاب، ثم اعتذر إلي‏.‏

فخدمته سنة ثم سألته أن يعلمني الاسم الأعظم، فلم يبعد مني

ووعدني، فمكثت عنده بعد ذلك ستة أشهر، ثم أخرج إلي طبقاً

عليه مكبة مستوراً بمنديل، فقال لي‏:‏ اذهب بهذا الطبق إلى صاحبنا فلان‏.‏

قال‏:‏ فجعلت أفكر في الطريق ما هذا الذي أرسلني به‏؟‏

فلما وصلت الجسر فتحته فإذا فأرة ففرت وذهبت، فاغتظت غيظاً

شديداً، وقلت‏:‏ ذو النون سخر بي، فرجعت إليه وأنا حنق فقال لي‏:‏

ويحك إنما اختبرتك، فإذا لم تكن أميناً على فأرة فإن لا تكون أميناً

على الاسم الأعظم بطريق الأولى، اذهب عني فلا أراك بعدها‏.‏

وقد رُئي أبو الحسين الرازي هذا في المنام بعد موته فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك‏؟‏

فقال‏:‏ غفر لي بقولي عند الموت‏:‏ اللهم إني نصحت الناس قولاً

وخنت نفسي فعلاً، فهب خيانة فعلي لنصح قولي‏.‏

يموت بن المزرّع بن يموت

أبو بكر العبدي من عبد القيس، وهو ثوري، وهو ابن أخت الجاحظ‏.‏

قدم بغداد وحدث بها عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني،

وأبي الفضل الرياشي، وكان صاحب أخبار وآداب وملح، وقد غير اسمه بمحمد

فلم يغلب عليه إلا الأول، وكان إذا ذهب يعود مريضاً فدق الباب فقالوا‏:‏ من‏؟‏

فيقول‏:‏ ابن المزرع ولا يذكر اسمه لئلا يتفاءلوا به‏.