المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم15.02.1437


حور العين
11-27-2015, 12:40 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ تفاضل صفات الله ودلالة ذلك
المطلب الثاني: تفاضل الصفة الواحدة ]
التفاضل في صفات الله قد يقع في الصفة الواحدة، فتكون الصفة الواحدة

متفاضلة، ومن أدلة ذلك: تفاضل صفة الحب والبغض،

قال صلى الله عليه وسلم:

( أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها )

. و (أحب) و (أبغض) صيغة تفضيل، وقال صلى الله عليه وسلم:

( أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم )

. وقال صلى الله عليه وسلم:

( أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام

سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق يهريق دمه )

. وكذا تفاضل صفة اليد كما في حديث:

( يمين الله ملآى. لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار, أرأيتم ما

أنفق منذ خلق السماوات والأرض. وبيده الأخرى القبض

يرفع ويخفض)) (4)

قال ابن تيمية:

(فبين صلى الله عليه وسلم أن الفضل بيده اليمنى والعدل بيده الأخرى،

ومعلوم أنه مع أن كلتا يديه يمين فالفضل أعلى من العدل، وهو سبحانه

كل رحمة منه فضل, وكل نقمة منه عدل، ورحمته أفضل من نقمته) قال:

(ولهذا كان المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ولم يكونوا

عن يده الأخرى وجعلهم عن يمين الرحمن تفضيل لهم، كما فضل في

القرآن أهل اليمين وأهل الميمنة على أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة،

وإن كانوا إنما عذبهم بعدله، وكذلك الأحاديث والآثار جاءت بأن أهل

قبضة اليمين أهل السعادة, وأهل القبضة الأخرى هم أهل الشقاوة).

ومن تفاضل الصفة الواحدة من صفات الله، تفاضل صفة الكلام، والدلائل

عليه كثيرة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك: أن

القرآن كلام الله وقد فضله على سائر كتبه التي سبقته وهي كلها كلامه

سبحانه وتعالى، قال تعالى:

{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ

وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }

[المائدة: 48].
واختص الله القرآن من بين سائر كلامه بخصائص، فاختصه بأن تكفل

سبحانه بحفظه بأن تحدى الخلق أن يأتوا بمثله, أو بمثل عشر سور منه,

أو بمثل سورة منه، وغير ذلك من خصائصه، وتخصيص القرآن بأحكام

وفضائل توجب تشريفه وتفضيله، على غيره مما أنزل الله على رسله،

وقد قال سبحانه:

{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم

مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }

[الزمر: 55]،
وقال:

{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ }

[الزمر: 23].
ثم القرآن نفسه متفاضل، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

تفضيل بعض آياته وسوره على غيرها، فمن ذلك:

حديث أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال قلت:

الله ورسوله أعلم. قال: يا أبا المنذر, أتدري أي آية من كتاب الله

معك أعظم؟ قال قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال: فضرب

في صدري وقال: والله ليهنك العلم أبا المنذر ) .

فهذه آية من كلام الله وهي آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، ووردت

أحاديث فيها تخصيص بعض الآيات من كتاب الله بفضائل، كما ثبت في

الآيتين من آخر البقرة أن من قرأهما في ليلة كفتاه ، وكذا ثبت في بعض

السور، نحو قوله صلى الله عليه وسلم:

( يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه

سورة البقرة وآل عمران )

. فهذا في تفضيل هاتين السورتين من كلام الله، وفي حديث ابن عباس

قال:

( بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً

من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم

يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال هذا ملك نزل إلى الأرض.

لم ينزل قط إلا اليوم. فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما

نبي قبلك. فاتحة الكتاب, وخواتيم سورة البقرة. لن تقرأ بحرف

منهما إلا أعطيته )

. وقال صلى الله عليه وسلم:

( قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن )

. وقال:
( والذي نفسي بيده لتعدل ثلث القرآن )

ووردت أحاديث عديدة يطول حصرها فيها ما ذكر من تخصيص بعض

الآيات والسور بفضائل، وجميعها يدل على أن كلام الله يتفاضل،

قال الغزالي:

(لعلك تقول: قد توجه قصدك في هذه التنبيهات إلى تفضيل بعض القرآن

على بعض, والكل قول الله تعالى فكيف يفارق بعضها بعضاً؟ وكيف يكون

بعضها أشرف من بعض؟ فاعلم: أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى

الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات، وبين سورة الإخلاص وسورة

تبت، وترتاع من اعتقاد الفرق نفسك الجوارة، المستغرقة بالتقليد، فقلد

صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، فهو الذي أنزل عليه القرآن،

وقد دلت الأخبار على شرف بعض الآيات و على تضعيف الأجر في بعض

السور المنزلة

ونقل السيوطي عن العز بن عبد السلام قوله:

(كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره، فـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أفضل من

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ

. فهذا من وجوه تفاضل صفة الكلام ومن وجوهها

أيضاً ما قاله ابن تيمية:

(فإذا كان المخبر به أكمل وأفضل كان الخبر به أفضل وإذا كان المأمور

به أفضل كان الأمر به أفضل وقد قال تعالى:

{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ

أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }

[الشورى: 51].

قال ابن تيمية:

(معلوم أن تكليمه من وراء حجاب أفضل من تكليمه بالإيحاء وبإرسال

رسول، ولهذا كان من فضائل موسى عليه السلام أن الله كلمه تكليماً

وقال:

{ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي

وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ }

[الأعراف: 144].

ولقد قال تعالى:
{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا

أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

[البقرة: 106].
قال ابن تيمية:

(أخبر أنه يأت بخير منها أو مثلها، وهذا بيان من الله لكون تلك الآية قد

يأتي بمثلها تارة أو خير منها أخرى فدل ذلك على أن الآيات تتماثل تارة

وتتفاضل أخر

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعيندر