المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمثال النبوية 3


حور العين
12-28-2015, 05:44 PM
من:الأخ الزميل / إبراهيم أحمد
موقع يسارعون في الخيرات الصديق
الأمثال النبوية-3

من أمثال فضائل الأعمال في الحديث النبوي

النفس البشرية تتطلع دائما إلى ما يحقق لها السعادة والنجاح ,

ويكفل لها الفوز والفلاح , ويعود عليها بالنفع والمصلحة ,

وهي تخشى وتضيق من كل ما يجلب لها الشقاء ,

ويعود عليها بالضرر والهم والحزن ,

ومن هنا كان الترغيب في بعض الأعمال وذكر فضائلها ,

والترهيب من أعمال أخرى وذكر مساوئها , له أثره البالغ

في حث النفوس على الخير والفضيلة , وإبعادها عن الشر والرذيلة ،

ففي الترغيب تشويق للعمل , وحث على البذل , وحفز للهمة ,

وشحذ للعزيمة ,

وفي الترهيب تخويف وردع , وتحذير من طول الأمل ,

ودفع إلى تطهير النفس من الأرجاس ،

من أجل ذلك ضرب النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأمثال

في أبواب فضائل الأعمال تحقيقا لهذا الغرض ،

نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ثلاثة نماذج :

النموذج الأول :

في بيان حثه عليه الصلاة والسلام على الصدقة والإنفاق في سبيل الله ,

و تحذيره من البخل والإمساك ،

وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه

أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

( مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جُبَّتان من حديد

من ثُدَيِّهما إلى تراقيهما , فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت

أو ـ وفرت ـ على جلده حتى تخفىَ بنانه وتعفوَ أثره ,

وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزِقت كل حلقة مكانها ,

فهو يوسِّعها ولا تتسع )

رواه البخاري .

ففي هذا الحديث ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً للبخيل

والمتصدق حيث شبههما برجلين أراد كل واحد منهما أن يلبس درعا

ليستتر به من سلاح عدوه , وهما الجُبَّتان أو الجُنَّتان

كما في بعض الروايات ,

فأدخل كل واحد من الرجلين درعه من جهة رأسه ,

وعالجها لتنزل على جسمه , والعادة في الدروع أنها تلبس في الصدر ,

لتغطي المساحة بين ثدي الإنسان وترقوته , من أجل كمال الوقاية والتحصن ,

( فأما المنفق )

فهو كمن لبس درعا واسعة ساترة لجميع بدنه , فهي من الوسع

بحيث يستطيع معها صاحبها أن يمد يده ويتحرك بكل سهولة ويسر ,

وهي أيضاً من الطول والستر والحصانة بحيث تغطي جميع جلده

وأطراف أصابعه وتخفي كل آثاره ,

( وأما البخيل )

فهو كمن لبس درعاً ضيقة جداً قد استحكمت عليه حلقاتها ,

فلم تدع له مجالاً لكي يمد يده ويحركها بحريه , ولايستطيع مع ذلك

كأن يوسعها أويتحكم فيها

* ومقصود المثل أن الجواد والمنفق إذا همّ بالصدقة انفسح لها صدره ,

وطابت بها نفسه , فتوسعت في الإنفاق والبذل ,

بخلاف البخيل الذي كلما همّ بالصدقة شحت نفسه , فضاق صدره ,

وانقبضت يداه

* والحديث يشير أيضاً إلى أن الإنسان إذا عود نفسه البذل والعطاء

صار ذلك سجية له وعادة

وكذلك إذا عودها الشح والإمساك اعتاد ذلك فلا يستطيع بعدها

التخلص منه , ولذلك قيد عليه الصلاة والسلام هذا الدرع بكونه من حديد ,

إشارة إلى أن القبض والإمساك من جِبِلّة الإنسان وفطرته

مما يحتاج معه إلى مدافعة ومغالبة .

النموذج الثاني :-

فهو ترغيبه عليه الصلاة السلام في الصلوات الخمس ,

وحثه على المحافظة عليها , فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك

في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات

هل يبقي من درنه شيء قالوا : لايبقى من درنه شيء

قال : فذلك مَثَل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا )

متفق عليه .

ففي هذا الحديث شبه النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس

في تطهيرها للمسلم من الذنوب بالنهر الجاري في تنظيفه للبدن

من الأوساخ , وبدأ المثل بهذا الاستفهام الذي يدل على التأكيد والتقرير ,

فكما أنه لا يمكن أن يتصور وجود شيء من الأقذار والأوساخ

في بدن الإنسان وصاحبه يغتسل كل يوم خمس مرات ,

فكذلك لا يتصور أن يبقى شيء من ذنوب العبد وخطاياه وهو يتطهر منها

كل يوم خمس مرات بهذه الصلوات المفروضات ,

ولذلك كان جواب الصحابة رضي الله عنهم يحمل معنى التأكيد ،

فلم يكتف الصحابة بقولهم لا بل أعادوا اللفظ للتأكيد والمبالغة

في نفي الدرن ،

وفي الحديث أيضا تمثيل للذنوب والمعاصي بأنها أقذار وأوساخ

يتدنس الإنسان بفعلها ,

ولذلك فهو يحتاج إلى أن يتطهر منها على الدوام .

النموذج الثالث :-

ترغيبه عليه الصلاة والسلام في الذكر , وبيان فضل الذاكر على غيره ،

وذلك في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وفيه

قال صلى الله عليه وسلم :

( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت )

رواه البخاري .

فذكر الله تعالى حياة القلب , وغذاء الروح , وهو يصل العبد بربه ,

ويوثق الرابطة بينه وبين خالقه ، وهذه هي الحياة الحقيقية حياة القلوب

والأرواح , لا حياة الأجساد والأشباح ، والذي لا يذكر الله

هو في الحقيقة ميت وإن عاش بين الأحياء ,

كما قال الشاعر :

[ فنسيان ذكر الله مـــــوت قـــــلوبهم وأجـسامهم قـبل الـقبور قبور .

وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور . ]

هذه بعض النماذج التي حث النبي صلى الله عليه وسلم

فيها على أعمال معينة عن طريق ضرب الأمثال

وغيرها كثير مما لم يذكر .