المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم27.03.1437


حور العين
01-07-2016, 01:44 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ الآثار الإيمانية لاسم الله المتكبر والكبير ]

1) إن الله أكبر من كل شيء، وأكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته

وأكبر من أن نحيط به علماً. قال تعالى

{ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا }

[طه: 110]،

فالله جلت عظمته أكبر من أن نعرف كيفية ذاته أو صفاته ولذلك نهينا

عن التفكر في الله لأننا لن ندرك ذلك بعقولنا الصغيرة القاصرة المحدودة،

فقد قال صلى الله عليه وسلم

( تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله عز وجل ).

وقد وقع الفلاسفة في ذلك وحاولوا أن يدركوا كيفية وماهية ربهم بعقولهم

فتاهوا وضلوا ضلالاً بعيداً ولم يجنوا سوى الحيرة والتخبط والتناقض

فيما سطروه من الأقوال والمعتقدات.

فمن أراد معرفة ربه وصفاته فعليه بطريق الرسول صلى الله عليه وسلم

لأنه أعلم الخلق بالله وصفاته، فعليه أنزل الكتاب العزيز الذي لا تكاد الآية

منه تخلو من صفة لله سبحانه سواء كانت ذاتية أو فعلية أو اسم من

أسمائه الحسنى، وعليه أيضاً أنزلت السنة الشارحة والمفصلة للكتاب،

فطريقه صلى الله عليه وسلم هو الطريق الأسلم ومنهجه هو المنهج

الأقوم، فمن اتبعه كان من الناجين، ولذلك بين في الحديث الصحيح أن

الفرقة الناجية هي ما كان عليه هو وأصحابه رضوان الله عليهم

أجمعين في المعتقد والعبادة والسلوك.

2) إن التكبر لا يليق إلا به سبحانه وتعالى، فصفة السيد التكبر

والترفع وأما العبد فصفته التذلل والخشوع والخضوع.

وقد توعد الله سبحانه المتكبرين بأشد العذاب يوم القيامة. قال تعالى

{ فَاليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ

فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ }

[الأحقاف: 20].

وقال

{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ }

[الزُّمر: 60].

واستكبارهم هذا: هو رفضهم الانقياد لله ولأمره ورفضهم عبادة ربهم

كما قال تعالى

{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ }

[الصَّفات: 35]،

فرفضوا الإذعان لكلمة التوحيد وقوله سبحانه

{ أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ }

[الجاثية: 31]

يبين أنهم رفضوا الحق الذي جاءت به الرسل وردوه ولم يقبلوه،

وقوله سبحانه

{ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ }

[الشعراء: 111]

يبين أنهم احتقروا أتباع الرسل لكونهم من ضعفة الناس وفقراءهم فلم

يدخلوا في جماعتهم ولم يشاركوهم في الإيمان بما جاءت به الرسل.

وكان الكبر سببا للطبع على قلوبهم فلم تعد تعرف معروفا ولا تنكر منكرا.

قال تعالى

{ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }

[غافر: 35].

فالحاصل أن الكبر كان سببا في هلاك الأمم السابقة بل كان السبب في

هلاك إبليس عليه لعنة الله وطرده من رحمة الله لأنه أبي أن يسجد لآدم

صلى الله عليه وسلم واستكبر على أمر ربه سبحانه، قال تعالى

{ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ }

[البقرة: 34].

3) ولا يكاد يخلو طاغية في الأرض من هذا المرض العضال، الذي كثرت

الآيات فيه والأحاديث المحذرة منه، والآمرة بالتواضع.

ودواؤه أن يتذكر العبد دوماً أنه لا حول له ولا قوة إلا بربه وأن الله

هو الكبير المتعال على الخلق أجمعين، القادر على الانتقام من الأقوياء

للضعفاء والمساكين كما جاء في قوله تعالى

{ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ

وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا }

[النساء: 34]

أي والنساء اللاتي تتخوفون أن يعصين أزواجهن فذكروهن بالله فإن هي

رجعت وإلا هجرها فإن أقبلت وإلا ضربها ضربا غير مبرح فإذا أطاعت

المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله فلا سبيل له عليها،

وقوله إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير

سبب فإن الله العلي الكبير وليهن، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن

فذكر الله الرجال بأنه هو العلي الكبير ليحذرهم من الظلم والتكبر

والطغيان على المرأة الضعيفة.

4) والكبر يمنع أيضا من طلب العلم والسؤال عنه، لأن المتكبر يترفع عن

الجلوس بين يدي العالم للتعلم ويرى أن في ذلك مهانة له ويؤثر البقاء

على الجهل فيجمع بين الكبر والجهل، بل قد يجادل ويناقش ويخوض في

المسائل بدون علم حتى لا يقال أنه لا يعلم فيصغر عند الناس،

قال تعالى ذكره

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ

ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ }

[الحج: 8-9].

أي ومن الناس من يجادل في الله بغير علم صحيح ولا نقل صريح بل

بمجرد الرأي والهوى وإذا دعي إلى الحق ثنى عطفه أي لوى رقبته

مستكبراً عما يدعى إليه من الحق كقوله تعالى

{ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ }

فأخبر تعالى أن له في الدنيا الخزي وهو الإهانة والذل لأنه استكبر عن

آيات الله فجوزي بنقيض قصده وله في الآخرة عذاب النار المحرقة.

ونحوه قوله تعالى

{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ

إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }

[غافر: 56].

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين