المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلمة حق


vip_vip
05-18-2010, 09:59 AM
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه


إلى الإسلام ، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي


، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم


بصرى ليدفعه إلى قيصر


، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس ، مشى من


حمص إلى إيلياء شكرا لما أبلاه الله ، فلما جاء قيصر كتاب


رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال حين قرأه : التمسوا لي


ها هنا أحدا من قومه ، لأسألهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .


قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان : أنهكان بالشأم في


رجال من قريش قدموا تجارا ، في المدة التي كانت بين


رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، قال أبو سفيان :


فوجدنا رسول قيصر ببعض الشأم ، فانطلق بي وبأصحابي ،


حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه ، فإذا هو جالس في مجلس


ملكه ، وعليه التاج ، وإذا حوله عظماء الروم ، فقال


لترجمانه : سلهم أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم


أنه نبي ، قال أبو سفيان : فقلت : أنا أقربهم إليه نسبا ، قال


: ما قرابة ما بينك وبينه ؟ فقلت : هو ابن عمي ، وليس في


الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري ، فقال قيصر :


أدنوه ، وأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفي ، ثم قال


لترجمانه : قل لأصحابه : إني سائل هذا الرجل عن الذي


يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه ، قال أبو سفيان : والله لولا


الحياء يومئذ ، من أن يأثر أصحابي عني الكذب ، لكذبته حين


سألني عنه ، ولكني استحييت أن يأثروا الكذب عني فصدقته


، ثم قال لترجمانه : قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم ؟ قلت :


هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول أحد منكم قبله ؟


قلت : لا ، فقال : كنتم تتهمونه على الكذب قبل أن يقول ما


قال ؟ قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت :


لا ، قال : فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل


ضعفاؤهم ، قال : فيزيدون أو ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون ،


قال : فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت :


لا ، قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن الآن منه في مدة نحن


نخاف أن يغدر - قال أبو سفيان : ولم يمكني كلمة أن أدخل


فيها شيئا أنتقصه به لا أخاف أن تؤثر عني غيرها - قال :


فهل قاتلتموه أو قاتلكم ؟ قلت : نعم ، قال : فكيف كانت حربه


وحربكم ؟ قلت : كانت دولا وسجالا ، يدال علينا المرة وندال


عليه الأخرى ، قال فماذا يأمركم ؟ قال : يأمرنا أن نعبد الله


وحده لا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد أباؤنا ،


ويأمرنا بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ،


وأداء الأمانة . فقال لترجمانه حين قلت ذلك له : قل له :


إني سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه ذو نسب ، وكذلك الرسل


تبعث في نسب قومها ، وسألتك : هل قال أحد منكم هذا القول


قبله ، فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول


قبله ، قلت رجل يأتم بقول قد قيل قبله ، وسألتك : هل كنتم


تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ، فزعمت أن لا ، فعرفت


أنه لم ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله ، وسألتك :


هل كان من آبائه من ملك ، فزعمت أن لا ، فقلت لو كان من


آبائه ملك ، قلت يطلب ملك آبائه ، وسألتك : أشراف الناس


يتبعونه أم ضعفاؤهم ، فزعمت أن ضعفاؤهم اتبعوه ، وهم


أتباع الرسل ، وسألتك : هل يزيدون أو ينقصون ، فزعمت


أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم ، وسألتك هل يرتد أحد


سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فزعمت أن لا ، فكذلك الإيمان


حين تخلط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد ، وسألتك هل يغدر


، فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل لا يغدرون ، وسألتك : هل


قاتلتموه وقاتلكم ، فزعمت أن قد فعل ، وأن حربكم وحربه


تكون دولا ، ويدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى ، وكذلك


الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة ، وسألتك : بماذا يأمركم ،


فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ،


وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم ، ويأمركم بالصلاة ، والصدق


والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، قال : وهذه صفة


النبي ، قد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أظن أنه منكم ،


وإن يك ما قلت حقا ، فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ،


ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده


لغسلت قدميه . قال أبو سفيان : ثم دعا بكتاب


رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه :


( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله ،


إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد :


فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله


أجرك مرتين ، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين ، و :


{ يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد


إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون


اللهفإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } ) .


قال أبو سفيان : فلما أن قضى مقالته علت أصوات الذين من


حوله من عظماء الروم ، وكثر لغطهم ، فلا أدري ما قالوا ،


وأمر بنا فأخرجنا ، فلما أن خرجت مع أصحابي وخلوت بهم ،


قلت لهم : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، هذا ملك بني الأصفر


يخافه ، قال أبو سفيان : والله ما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره


سيظهر ، حتى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره .



الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر:


صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2941


خلاصة حكم المحدث: [صحيح]