المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيشوا بشريتكم


هيفولا
02-05-2016, 11:54 AM
عيشوا بشريتكم



سعد شاب يتيم الأب ...وولد وحيد لأمه .......
كم ترجّته أن يكفّ عن قراره في السفر وسكبت لأجل ذلك العبرات؟؟
إلا أن الشاب متحمس للجهاد ودحر قوات الروس المتمركزة على جبال قندهار ...
كلُّ من حوله ..توسّلوا إليه أن يبقى مع أمه وليجاهد فيها ...
فهي بالكاد تقوى على الحركة ...
لكنه لم يستمع لأحد...اندفع لهذا القرار دون وعي ...
وانضم مع ركب المجاهدين المتدرّبين هناك.
مرّت أسابيع .. ليفاجئ سعد الجميع بعودته ...
.وقـد تغــيّر كثيرا في هيئته وسمته ونظرته للحياة والناس.
عاد خاملاً فاتراً شارد النظرات والفكر ..أخبرهم أنّه صُدم بالمجاهدين..
.فهم يأكلون اللحم ويشربون البيبسي ..؟؟!!
وقد كان يظنّهم يأكلون الشجر ويربطون بطونهم من الجوع ..ولا يجدون الماء إلا قليلا ..


حقيقة سعد هذا ذكرني بفتاة رأت في إحدى المكتبات كتابا لفت اهتمامها ولما أن أرادت أن تتصفّحه ..
أشار عليها من له دراية بالكتب بأنّ هذه الكتاب لا يناسب سنّها الصغير
غير أنّ المراهق معاند في بعض الأحيان ..فإن قلت له لا تقرأ وكأنّك تحثّه على القراءة .
..وتجبره على الفضول والتطفـّل.
ولم يكن من الفتاة إلا أن استرقت النظر للكتاب والتهمت ما فيه بساعات ...
ثم فغرت فاها دهشة لتقول : يا إلهي... الصحابة (بشر)


لقد كان كتاباً موجّهاً للدعاة إلى الله .. يحكي فيه عن بشرية الصحابة والتابعين.
.. وأنّهم يأكلون كما نأكل ويشربون كما نشرب ويخطئون كما نخطىء.


لا أدري كيف تكوّنت لديها أو لـدى سعد هذه النظرة ...
ربّما من قصص قرئت عن صالحين قضوا الليل كلّه في تهجّد وآخرين عكفوا على العبادة
وطلّقوا الدنيا بالثلاث أو لبسوا الخشن من الثياب

ومنهم من عاش زاهدا في الزواج وتورّع عن الاستمتاع فيها
ومنهم من لم يضحك في حياته إلا مرة وقد كانت سهواً.


كل هذه السلوكيات جعلتنا نظنّ أنّها هي التي ترقى بالروح .


.ونسينا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كان يأكل ويشرب

.. ويلبس ويتزوج النساء .. ويسمو بالروح عذوبة ونقاء
وأنّ بعض الممارسات التي تكلّفها البعض إنّما كانت رهبانية ا
بتدعوها ما كتبناها عليهم ....
وهي ذات النظرة التي يتخذها الشاب والفتاة نحو كل من الدعاة والعلماء

..وبأنّهم مثاليون ..


فهم لا يصدر عنهم أيّ خطأ وزلل...
و مبرّءون من كل عيب ونقص ..

حتى وإن لم يفصح بهذه النظرة إلا أنّها متغلغلة في كيانه ..



فإن وجد يوماً زلة من عالم أو شيخ ..

نسف الدين وأهله وسبّ كل العلماء واتّهم المسلمين بالتخلف والنفاق


وتركيب اللحى المستعارة واتّهم المحجبات بالإثم وزيف الشكل والرجعية .


. وربّما عمّم النظرة حتى لا يكاد يسلم منه مسلم...


ليس من إسلامه نصيب إلا الشهادتين
وما ذاك ..إلا لأنه أغفل طبيعة النفس البشرية التي خلقت لتخطىء وتتوب

وتذنب ثم تستغفر ( قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ

لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُم).


والمعنى أن تشعر بالذنب وكأنه جبل عظيم جاثم فوق قلبك

..و لو أنكم لم تشعروا بذنوبكم لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون أي إذا أذنبوا أحسوا بذنوبهم.



لذا عيشوا بشريتكم (كلوا واشربوا ولاتسرفوا) .




..وابتعدوا عن تقمّص دور الملائكة

... وخلّوا عنكم هذه الأحكام وإسقاط دور الآلهة على البشر .


. فذا منافق ووذاك يزعم أنّه رجل صالح وقد فعل وفعل من الخطأ..
كما أننا مطالبون بالحذر وأن نوضّح ما قد يخطر على البال من أمر سوء أمام الناس


كقوله صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين شاهدا معه امرأة يحدثها:

"على رسلكما إنها صفية" أي زوجتي ..
وأما من يضع نفسه في مواطن التهمة فلا يلومنّ من أساء الظن به..
قوموا إلى حياتكم وعانقوها كما يحب ربّنا ويرضى


..والله يعلم ما تصنعون .








راق لي كثيرا


هيفولا