المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا الراحة بالصلاة ؟


حور العين
02-07-2016, 01:07 PM
من: الأخت / الملكة نــور
لماذا الراحة بالصلاة ؟

أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل

كما يستريح التعبان إذا وصل إلى مأمنه و منزله و قرَّ فيه ،

و سكن و فارق ما كان فيه من التعب و النصب.

و تامل كيف قال صلى الله عليه وسلم :

( أرحنا بالصّلاة )

و لم يقل : أرحنا منها ، كما يقوله المتكلف الكاره لها ،

الذي لا يصليها إلا على إغماض و تكلف ،

فهو في عذاب ما دام فيها ، فإذا خرج منها وجد راحة قلبه و نفسه ؛

و ذلك أنَّ قلبه ممتلئ بغيره ، و الصلاة قاطعة له عن أشغاله

و محبوباته الدنيوية ، فهو معذَّب بها حتى يخرج منها ،

و ذلك ظاهر في أحواله فيها ، من نقرها ،

و التفات قلبه إلى غير ربه ، و ترك الطمأنينة و الخشوع فيها ،

و لكن قد عَلِمَ أنَّه لا بدّ له من أدائها ، فهو يؤديها على أنقص الوجوه ،

قائل بلسانه ما ليس في قلبه و يقول بلسان قلبه حتى نصلي

فنستريح من الصلاة ، لا بها. فهذا لونٌ و ذاك لونٌ آخر .

ففرق بين :

* مَن كانت الصلاة لجوارحه قيداً ثقيلاً ،

و لقلبه سجناً ضيقا حرجاً ، و لنفسه عائقا ،

* و بين مَن كانت الصلاة لقلبه نعيماً ،

و لعينه قرة و لجوارحه راحة ، و لنفسه بستاناً و لذة.

فالأول :

الصلاة سجن لنفسه ،
و تقييد لجوارحه عن التورط في مساقط الهلكات ،
و قد ينال بها التكفير و الثواب ،
أو ينال من الرحمة بحسب عبوديته لله تعالى فيها ،
و قد يعاقب على ما نقص منها.

و القسم الآخر :

الصلاة بستان له ، يجد فيها راحة قلبه ،
و قرّة عينه ، و لذَّة نفسه ، و راحة جوارحه ، و رياض روحه ،
فهو فيها في نعيم يتفكَّه ، و في نعيم يتقلَّب يوجب له القرب الخاص و الدنو ،
و المنزلة العالية من الله عزَّ و جل ، و يشارك الأولين في ثوابهم ،
بل يختص بأعلاه ، و ينفرد دونهم بعلو المنزلة و القربة ،
التي هي قدر زائد على مجرد الثواب .

أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة