المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة النقفور ملك الأرمن واسمه الدمستق


حور العين
03-03-2016, 02:13 PM
من:الأخ / مصطفى آل حمد
ترجمة النقفور ملك الأرمن واسمه الدمستق
من كتاب البداية و النهاية لابن كثير يرحمه الله

الذي توفي في سنة ثنتين -وقيل خمس وقيل ست
-وخمسين وثلاثمائة لا رحمه الله‏.‏

كان هذا الملعون من أغلظ الملوك قلباً، وأشدهم كفراً، وأقواهم بأساً،
وأحدهم شوكة، وأكثرهم قتلاً وقتالاً للمسلمين في زمانه، استحوذ
في أيامه لعنه الله على كثير من السواحل، وأكثرها انتزعها من أيدي
المسلمين قسراً، واستمرت في يديه قهراً، وأضيفت إلى مملكة الروم قدراً‏.‏

وذلك لتقصير أهل ذلك الزمان، وظهور البدع الشنيعة فيهم وكثرة
العصيان من الخاص والعام منهم، وفشو البدع فيهم، وكثرة الرفض
والتشيع منهم، وقهر أهل السنة بينهم، فلهذا أديل عليهم أعداء الإسلام،
فانتزعوا ما بأيديهم من البلاد مع الخوف الشديد ونكد العيش والفرار من
بلاد إلى بلاد، فلا يبيتون ليلة إلا في خوف من قوارع الأعداء وطوارق
الشرور المترادفة، فالله المستعان‏.‏

وقد ورد حلب في مائتي ألف مقاتل بغتة في سنة إحدى وخمسين، وجال
فيها جولة، ففر من بين يديه صاحبها سيف الدولة ففتحها اللعين عنوة،
وقتل من أهلها الرجال والنساء ما لا يعلمه إلا الله، وخرب دار سيف
الدولة التي كانت ظاهر حلب، وأخذ أموالها وحواصلها وعددها وبدد
شملها، وفرق عددها، واستفحل أمر الملعون بها فإنا لله
وإنا إليه راجعون‏.‏

وبالغ في الاجتهاد في قتال الإسلام وأهله، وجدّ في التشمير،
فالحكم لله العلي الكبير‏.‏

وقد كان لعنه الله لا يدخل في بلد إلا قتل المقاتلة وبقية الرجال، وسبى
النساء والأطفال، وجعل جامعها اصطبلاً لخيوله، وكسر منابرها،
واستنكث مأذنتها بخيله ورجله وطبوله‏.‏

ولم يزل ذلك دأبه وديدنه حتى سلط الله عليه زوجته فقتلته بجواريها
في وسط مسكنه‏.‏

وأراح الله منه الإسلام وأهله، وأزاح عنهم قيام ذلك الغمام ومزق شمله،
فلله النعمة والأفضال، وله الحمد على كل حال‏.‏
واتفق في سنة وفاته موت صاحب القسطنطينية‏.‏

فتكاملت المسرات وخلصت الأمنية، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وتذهب السيئات، وبرحمته تغفر الزلات‏.‏

والمقصود أن هذا اللعين - أعني النقفور الملقب بالدمستق ملك الأرمن -
كان قد أرسل قصيدة إلى الخليفة المطيع لله،
نظمها له بعض كتّابه ممن كان قد خذله الله وأذله،
وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وصرفه عن الإسلام وأصله،
يفتخر فيها بهذا اللعين ويتعرض لسب
الإسلام والمسلمين، ويتوعد فيها أهل حوزة الإسلام بأنه سيملكها كلها
حتى الحرمين الشريفين، عما قريب من الأعوام، وهو أقل وأذل وأخس
وأضل من الأنعام، ويزعم أنه ينتصر لدين المسيح عليه السلام
ابن البتول‏.‏

وربما يعرض فيها بجناب الرسول عليه من ربه التحية والإكرام،
ودوام الصلاة مدى الأيام‏.‏

ولم يبلغني عن أحد من أهل ذلك العصر أنه رد علبه جوابه، إما لأنها لم
تشتهر، وإما لأنه أقل من أن يردوا خطابه لأنه كالمعاند الجاحد‏.‏