المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمثال في القرآن جزء ثاني -02


حور العين
03-15-2016, 02:20 PM
من: الأخت / الملكة نــور
الأمثال في القرآن
جزء ثاني -02

الأمثال في القرآن
للدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ،
وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ،

من علامات قيام الساعة
الاهتمام بالمظهر دون الجوهر :

نحن الآن الشيء الأول في حياتنا التزيينات ، المحلات مزينة ،
البيوت مزينة ، الأسواق مزينة ، الزينة الآن ترتقي إلى المحل الأول
في حياة الناس اليوم ،

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا }
[ يونس : 24 ]

كل شيء هناك مهندس تصميم ، مهندس تزيين ،
كل شيء فيه مسحات جمالية ، طبعاً لا تجدون هذا في البلاد النامية كثيراً ،
لكن في البلاد المتقدمة التقدم المادي شيء واضح جداً ، الطرقات ، الحدائق ،
أي شيء يخطر على بالك فيه أذواق جمالية رائعة جداً ،
وهذا من علامات قيام الساعة .

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا }
[ يونس : 24 ]

هنا الشرك ، هذا النبات تألق ، وكان جميلاً ، وأمتع عينيك ،
وهذه الأرض

{ وَازَّيَّنَتْ }

أينما ذهب الشيء جميل ، لكن الشيء الجميل لا يقدر عليه إلا الغني ،
والفقير ماذا يفعل ؟
ينظر بعينيه ويتحسر بقلبه ،

لذلك الله عز وجل حينما قال :

{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }
[ التوبة : 103 ]

قال علماء التفسير :
[ تطهرهم أي تطهر الغني من الشح ، والفقير من الحقد ،
والشح كالمرض الخبيث لكنه يسري في النفس ، هناك مرض خبيث يسري
في الجسد فينهي حياة الإنسان ، والشح مرض خبيث يسري
في النفس ويهلكه ا. ]

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا }
[ يونس : 24 ]

هناك بلد شرقي كان يملك قنابل نووية كافية لتدمير الأرض خمس مرات ،
وهذا البلد القوي العملاق تداعى من الداخل ، أي لا خاض حرباً ،
وليس هناك قوة كبيرة قهرته ، ولكنه تداعى من الداخل :

{ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ }
[ الأحزاب : 25 ]

من توهم أنه قادر على كل شيء وقع في ذنب مهلك هو ذنب الشرك :

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ }
[ يونس : 24 ]

أين المشكلة ؟

{ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا }
[ يونس : 24 ]

حينما يتوهم الإنسان أنه قادر على كل شيء وقع في ذنب مهلك ،
هو ذنب الشرك ، لذلك هناك ذنب يغفر ، وذنب لا يترك ، وذنب لا يغفر ،
فالذي يغفر ما كان بين العبد وربه ،

أي ذنب ؟

ما كان بينك وبين الله حصراً ، لكن ما كان بينك وبين العباد
هذه الذنوب لا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة ،

لذلك قال تعالى :

{ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ }
[ الأحقاف : 31 ]

أي يغفر لكم بعض ذنوبكم التي بينكم وبين الله عز وجل ،
لكن ما كان بينك وبين العباد هذه الذنوب لا تغفر إلا إذا أديتها ،
أو إلا إذا سامحك الطرف الآخر .

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا }
[ يونس : 24 ]

اجعل هذه الحقيقة فردية ، أنت حينما تتوهم أنك تفعل ما تريد
وقعت في ذنب كبير، في ذنب الشرك ،
قل : إن شاء الله ،
قل : إذا راد الله،
قل : إذا سمح الله،

قال :

{ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي }
[ النمل : 40 ]

قل هذا من إكرام الله لي ،

لا تقل :

{ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي }
[ القصص : 78 ]

قالها قارون فأهلكه الله ، قال فرعون :

{ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ }

[ الزخرف : 51 ]

فأهلكه الله عز وجل .


بطولة الإنسان أن يعزو فضل الله إلى الله
لا إلى ذاته :

أي إنسان يقول : هذه من جهدي ، من خبرتي ، من اختصاصي ،
من علمي ، أي إنسان يعزو ما أكرمه به من فضل إلى ذاته وقع في الشرك ،
لذلك كلمات مهلكات : أنا ، ونحن ، ولي ، وعندي .

نحن :

{ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ }
[ النمل : 33 ]

قالها قوم بلقيس فأهلكهم الله .

لي :

{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ }
[ الزخرف : 51 ]

عندي :

{ قالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي }
[ القصص : 78 ]

أنا :

{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ }
[ الأعراف : 12 ]

الشيطان

فخمس كلمات مهلكات :
أنا ، ونحن ، ولي ، وعندي ،
أي عزوت فضل الله إلى جهدك لا إلى فضل الله عز وجل ،

{ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا
أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً }
[ يونس : 24 ]

هذا ملمح دقيق جداً ، قد تأتي الساعة على قوم ليلاً ،
وعلى قوم نهاراً ، أي الساعة تعم الأرض ،

{ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً
كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ }
[ يونس : 24 ]

الآن هناك مدن ، أصابها زلزال فاختفت ، الآن ترون في الأخبار
بالصين عشرات ألوف القتلى اختفوا تحت الأرض ،

{ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ }
[ يونس : 24 ]

كل بطولتك أن تعزو فضل الله إلى الله لا أن تعزوه إلى ذاتك ،
وهذا الدرس لا ينجو منه أحد .

من علامات الإيمان أن المؤمن الصادق يرى فضل الله عليه :

من هم قمم البشر؟
الصحابة الكرام ،

في بدر قال تعالى :

{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ }
[ آل عمران : 173 ]

مفتقرون إلى الله ،
هم هم وفيهم سيد الخلق في حنين قالوا :
[ ولن نُغْلَبَ مِنْ قِلَّةٍ ]
أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس

قال تعالى :

{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً
وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }
[ التوبة : 25 ]

هذا الدرس نحتاجه جميعاً كل دقيقة ، لا تقل أنا ، لا تعتد بقوتك ،
ولا بصحتك ، ولا بمالٍ ، ولا بنسبٍ ، اعتد بفضل الله عليك ،

{ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ
كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
[ يونس : 24 ]