المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 55 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / ( العفــــو )


vip_vip
03-12-2011, 12:58 PM
55 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / ( العفــــو )
الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى


أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================

الحمد لله القويِّ الحليم ،


{ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }


[الشورى:25] .


أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ،


لا يسأل عما يفعل و هم يسألون ،


و أشهَد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له ، يُطاع فيشكُر ، و يُعصَى فيغفِر ،


{ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }


[القصص:70] ،


و أشهد أنَّ سيدنا و نبينا محمّدًا عبد الله و رسولُه و صفيّه و خليله ،


تركنا على المحجَّة البيضاء ، ليلُها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالِك ،


فصلوات الله و سلامه عليه ، وعلى آلهِ الطيِّبين الطاهرين ،


و على أصحابهِ و التابعين ، و من تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .


أمّـــا بعـــد :


فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، و خيرَ الهدَى هديُ سيدنا محمّد صلى الله عليه و سلم ،


و شرَّ الأمور محدثاتها ، و كلَّ محدثة بدعة ، و كلَّ بدعة ضلالة .



ألا فاتَّقوا الله عبادَ الله ، و أعلموا أنَّما هذه الحياة الدنيا متاع ، و أنَّ الآخرة هي دار القرار ،


{ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }


[المائدة:100] .


أيّها الناس ، سلامة صدرِ المرء من البغضاء و خُلوّ نفسِه من نزعةِ الانتصار


للنَّفس و التشَفِّي لحظوظِها لهي سِمَة المؤمن الصالح الهيّن اللَّيِّن الذي لا غلَّ فيه


و لا حسَد ، يؤثر حقَّ الآخرين على حقِّه ، و يعلم أنَّ الحياةَ دارُ ممرٍّ و ليسَت دار مَقرٍّ ؛


إذ ما حاجةُ الدنيا في مفهومه إن لم تكُن موصِلَةً إلى الآخرة ؛


بل ما قيمةُ عيشِ المرء على هذه الأرض و هو يَكنِزُ في قلبه حبَّ الذات و الغِلظة و الفَظاظَة


و يُفرِزُ بين الحين و الآخر ما يؤكِّد من خلالِه قَسوَةَ قلبِه و ضيق صدره ؟!


ما أكثَرَ الذين يبحَثون عن مصادرِ العزِّة و سبُلها و التنقيب عنها يمنةً و يَسرةً


مهما بلَغ الجَهدُ في تحصيلها ، مع كثرَتِها و تنوُّع ضُروبها ،


غيرَ أنَّ ثمَّةَ مصدرًا عظيمًا من مصادرِ العزَّة يغفل عنه جلُّ النّاس مع سهولَتِه


و قلَّة المؤونةِ في تحصيله دون إجلابٍ عليه بخيلٍ و لا رَجلٍ ؛


إنما مفتاحُه شيءٌ من قوَّةِ الإرادة و ذمِّ النفسِ عن استِتمامِ حظوظها و أستيفاءِ كلِّ حقوقِها ،


يتمثَّل هذا المفتاحُ في تصفِيَة القلب من شواغلِ حظوظ الذّات و حبِّ الأخذ دون الإعطاءِ .


هذه العزّةُ برمَّتها يمكِن تحصيلُها في ولوجِ المرء بابَ العفو و الصَّفح و التسامح و المغفرة ،


فطِيبُ النفس و حسنُ الظنّ بالآخرين و قَبول الاعتذار و إقالةُ العثرة و كَظم الغيظ


و العفوُ عن الناس كلُّ ذلك يعَدّ من أهمِّ ما حضَّ عليه الإسلام في تعامُل المسلمين


مع بعضِهم البعض . و مَن كانت هذه صفَته فهو خليقٌ بأن يكونَ من أهل العزَّة و الرفعة ؛


لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه و سلم قال :


(( ما نقَصَت صدقةٌ من مالٍ ، و ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عِزًّا ،


و ما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلا رفعَه ))


رواه مسلم ،


و في لفظٍ لأحمد :


(( ما مِن عبدٍ ظُلِمَ بمظلمةٍ فيُغضِي عنها لله إلاَّ أعزَّه الله تعالى بها ونصَره )) .


فهذِه هي العِزَّة يا باغيَ العزة ، و هذه هي الرِّفعة يا من تنشُدُها .


إنها رِفعة و عِزّة في الدنيا و الآخرة ، كيف لا و قد وعد الله المتَّصفِين بها بقولِه :


{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *


الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ


وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }


[آل عمران:133، 134] ؟!


و الكاظِمونَ الغيظَ ـ عباد الله ـ هم الذين لا يُعْمِلون غضَبَهم في الناس ،


بل يكفّون عنهم شرَّهم ، و يحتسِبون ذلك عند الله عز و جل ،


أمّا العافون عن الناس فهم الذين يعفونَ عمَّن ظلمَهم في أنفسهم ،


فلا يبقَى في أنفِسهم موجِدَة على أحدٍ . و من كانت هذه سجيَّته فليبشِر بمحبَّةِ الله له


حيث بلَغَ مقامًا من مقاماتِ الإحسان ،


{ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }


[آل عمران:134] .


و إذا أحسن العبد أحبَّه الله ، و من أحبَّه الله غفَر له و رحمة ،


{ إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ }


[الأعراف:56] .


العفو ـ عبادَ الله ـ شِعار الصالحين الأنقِيَاء ذوِي الحِلم و الأناة و النّفس الرضيّة ؛


لأنَّ التنازلَ عن الحقِّ نوعُ إيثارٍ للآجلِ على العاجل و بسطٍ لخُلُقٍ نقيٍّ تقيٍّ


ينفُذ بقوّةٍ إلى شِغاف قلوب الآخرين ، فلا يملِكون أمامه إلا إبداءَ نظرةِ إجلالٍ


و إكبار لمن هذه صفتُه و هذا ديدَنُه .


إنَّ العفو عن الآخرين ليس بالأمرِ الهيِّن ؛


إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار و الانتقامِ للنفس ،


و لا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس و رغباتها


و إن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى :


{ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ }


[الشورى:41] ،


غيرَ أنَّ التنازل عن الحقّ و ملكةَ النفس عن إنفاذِه لهو دليلٌ على تجاوزِ المألوفِ


و خَرق العادات . و مِن هنا يأتي التميُّز عن العُموم ،


و هذا هو الشَّديد الممدوحُ الذي يملِك نفسه عند الغضب كما في الصحيحَين و غيرهما


عن النبي صلى الله عليه و سلم ،


و قد أخرج الإمام أحمَد في مسنده قولَ النبيِّ صلى الله عليه و سلم :


(( من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق


حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء )) .



أيّها المسلمون ، إنَّ شريعتَنا الغرّاء يوم حضَّت المسلمِين على التخلُّق


بخلقِ العفو و التجاوُز لم تقصِر ذلك في نطاقٍ ضيق أو دائرة مغلَقَة ،


بل جعلتِ الأمرَ فيه موسَّعًا ليشمَلَ جوانبَ كثيرةً من شؤونِ التّعامُل العَامّ و الخاصّ ،


فلقد جاء الحضُّ من الشارع الحكيم للقيادة الكُبرى و أهلِ الولاية العظمى بذلك ؛


لأنَّ تمثُّل القيادَةِ بسيما العفوِ و التسامُح أمارةٌ من أمارات القائدِ الناجحِ


كما أمرَ الله نبيَّه صلى الله عليه و سلم في قولِه :


{ خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ }


[الأعراف:199] ،


و كما في قوله تعالى :


{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ


فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }


[آل عمران:195] .


بل إنَّ الحضَّ على العفوِ قد تعدَّى إلى ما يخصّ تبايُع الناس و شراءَهم و مدايناتهم ،


فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم :


(( من أقال مسلمًا بيعتَه أقال الله عثرتَه ))


رواه أبو داود و ابن ماجه ،


و قال صلوات ربى و سلامه عليه و على آله و صحبه :


(( كان تاجرٌ يدايِن الناس ، فإذا رأَى معسِرًا قال لفتيانه :


تجاوَزوا عنه لعلَّ الله أن يتجاوز عنّا ، فتجاوَز الله عنه ))


رواه البخاري و مسلم .


وجاء رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ،


كم نعفو عن الخادم ؟ فصمَت ، ثم أعادَ عليه الكلام فصمَت ، فلمّا كان في الثالثة قال :


(( أعفوا عنه في كلِّ يومٍ سبعين مرة ))


رواه أبو داود والترمذي .


و بعدُ يرعاكم الله : فإنّ العفو و التجاوز لا يقتضِي الذّلَّةَ و الضعف ،


بل إنه قمَّة الشجاعة و الامتنانِ و غلَبَة الهوى ،


لا سيَّما إذا كان العفوُ عند المقدِرَة على الانتصار ،


فقد بوَّب البخاريّ رحمه الله في صحيحه بابًا عن الانتصارِ من الظالم لقوله تعالى :


{ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ }


[الشورى:39] ،


و ذكَرَ عن إبراهيم النخعيّ قوله :


" كانوا يكرَهون أن يُستَذَلّوا ، فإذا قدروا عفَوا " ،


قال الحسن بنُ علي رضي الله تعالى عنهما :


( لو أنَّ رجلاً شتَمني في أذني هذه واعتذر في أُذني الأخرَى لقبِلتُ عذرَه ) ،


و قال جعفرُ الصادِق رحمه الله :


" لأن أندمَ على العفوِ عشرين مرّةً أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة مرة واحدة " ،


ثم إنَّ بعض الناس ـ عباد الله ـ قد بلغ من القسوةِ ما لا يمكن معها أن يعفوَ لأحد


أو يتجاوَز عنه ، لا ترونَ في حياته إلاّ الانتقام و التشفِّي .


ترونَه و ترونَ أمثالَه كمثَل سماءٍ إذا تغيَّم لم يُرجَ صَحوُه ، و إذا قَدر لا يُنتَظَر عفوه ،


يغضِبُه الجرمُ الخفيّ ، و لا يرضيه العذرُ الجليّ ،


حتى إنّه ليرَى الذنبَ و هو أضيقُ من ظلِّ الرمح ،


و يعمَى عن العذرِ و هو أبيَنُ من وضَح النهار .


ترونَه ذا أُذنين يسمَع بإحداهما القولَ فيشتطّ و يضطرب ،


و يحجبُ عن الأخرَى العذرَ و لو كان له حجّةٌ و برهان .


و مَن هذه حالُه فهو عدوُّ عقلِه ،


و قد استولى عليه سلطان الهوَى فصرفَه عن الحسنِ بالعفوِ إلى القبيح بالتَّشفِّي ،


تقول عائشة رضي الله تعالى عنها :


{ ما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئًا قطّ بيده ، و لا امرأة و لا خادمًا ،


إلا أن يجاهِدَ في سبيل الله ، و ما نيل منه شيء قطّ فينتَقِم من صاحبه


إلاّ أن يُنتَهَك شيء من محارِم الله فينتَقِم لله عز و جل } .


رواه مسلم .


ألا إنَّ الانتصارَ للنفس من الظلمِ لحقّ ، و لكنَّ العفوَ هو الكمالُ و التّقوى ،


{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }


[الشورى:40] .


باركَ الله لي و لكم في القرآنِ العظيم ،


و نفعني و إيّاكم بما فيه من الآيات و الذّكر الحكيم ،


قد قلت ما قلت ، إن صوابًا فمن الله ، و إن خطأً فمن نفسي و الشيطان ،


و أستغفر الله إنّه كان غفّارًا .



http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/download?mid=1%5f66455%5fAOkNw0MAAORcTTjMFQKoEQUwm sA&pid=9&fid=adnan&inline=1



الحمد لله المحمودِ في عليائِه ، حمدًا يليق بعظمته و كبريائِه ،


أحمده تعالى و أشكره ، و أثني عليه و أستغفِره ، و أسأله المزيدَ من فضله و عطائِه ،


و أشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له تبارك في صفاته و أسمائه ،


و أشهد أن سيدنا و نبينا محمّدًا عبده و رسوله و خيرتُه من خلقه و أنبيائه ،


صلّى الله عليه و على آله و أصحابه و التابعين و مَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم لقائِه .


و بعد : فأتّقوا الله أيها المسلمون ،


و أعلَموا أنَّ حث الشريعة على العفوِ و التجاوُز لم يكن مقتصِرًا على العفو


في الظاهرِ دون الباطن ، بل إنَّه عمَّ الظاهر و الباطنَ معًا ،


فأطلق على الظاهر لفظَ العفو ، و أطلق على الباطنِ لفظ الصَّفح ،


و العفوُ و الصفح بينهما تقارُبٌ في الجملة ، إلاَّ أنَّ الصفحَ أبلغ من العفو ؛


لأنَّ الصفح تجاوزٌ عن الذنبِ بالكلية و أعتباره كأن لم يكن ،


أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاطَ اللوم الظاهر دونَ الباطن ،


و لذا أمَر الله نبيَّه صلى الله عليه و سلم به في قولِه :


{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ }


[الحجر:85] ،


و هو الذي لا عتاب معه .


و قد جاءتِ الآيات متضَافِرةً في ذكرِ الصفح و الجمعِ بينه و بين العفو كما في قولِه تعالى :


{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }


[المائدة:13] ،


وقوله :


{ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ }


[البقرة:109] ،


و قوله سبحانه :


{ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي القُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ


وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا


أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }


[التوبة:22] ،


و قوله سبحانه :


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًا لَّكُمْ فَاحْذَرُوَهُمْ


وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }


[التغابن:14] .


العفو و الصّفح ـ عباد الله ـ هما خلُقُ النبيّ صلى الله عليه و سلم ،


فأين المشمِّرون المقتَدون ؟!


أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار و الأنتقام ؟!


أين هم من خُلُق سيِّد المرسَلين صلى الله عليه و سلم ؟!


سئِلَت أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها و عن أبيها


عن خلُق رسولِ الله صلى الله عليه و سلم فقالت :


( لم يكن فاحِشًا و لا متفحِّشًا و لا صخَّابًا في الأسواق ،


و لا يجزِي بالسيِّئة السيئة ، و لكن يعفو و يصفح ) .


رواه أحمد و الترمذي و أصله في الصحيحين .


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :


{وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *


وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }


[الشورى:36، 37] .


هذا وصلّوا ـ يرحمكم الله ـ على خير البريّة و أزكى البشريّة


محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم


صاحبِ الحوض و الشفاعة ، فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه ،


و ثنَّى بملائكته المسبِّحة بقدسه ، و أيّه بكم أيها المؤمنون ،


فقال جل و علا عز من قائل سبحانه :


{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }


[الأحزاب:56] ،


و قال صلوات ربى و سلامه عليه :


(( من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا )) .


اللهم صلّ على محمد و على آل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ...


اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على نبيِّنا محمَّد بن عبد الله ،


النّبيّ المصطفَى و الرسول المجتَبى و الحبيب المرتَضَى ،


و على آله و أصحابه و من سارَ على نهجِهم و اقتفى ،


يا خير من تجاوز و عفا .


اللَّهمّ أعزَّ الإسلام و المسلمين ، و أَذِلّ الشركَ و المشركين ، و دمّر أعداءَ الدين...


و الدعاء بما تحبون و من خالقكم ترجون


فأنه بنا لطيف خبير سبحانه و تعالى


أنتهت