المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 03.08.1437


حور العين
05-10-2016, 07:18 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ حماية النبي صلى الله عليه وسلم
للتوحيد بتحريم وسائل الشرك وطرقه ]

لقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أمر التوحيد وحذر عن الشرك غاية
التحذير، فكل أمر بالتوحيد ونهي عن الشرك حماية لأمر التوحيد، ولكن
المقصود بهذه المسألة هنا ما جاء عنه في التحذير وسده للطرق الموصلة
للشرك، إذ به يتحقق الإنسان من معرفة الشرك فيحذره بالابتعاد عن
وسائله، ولما خفي على كثير من الناس في الأزمنة المتأخرة هذا الأمر
وقعوا في الشرك وإن زعموا أنه ليس بشرك.

فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغلو في تعظيم المخلوق،
إذ الغلو في تعظيمه يؤدي إلى استشعار القلب بالخوف والرهبة منه
والرجاء فيه، فيصرف إليه عندئذ شيئاً من حقوق الله تعالى. فمن
هذه الوسائل المنهي عنها:

الأول (1) : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الغلو
في مدحه بما قد يفضي إلى عبادته فقال:

( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم
إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) .

الثاني : نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور وعن
اتخاذها عيداً، وعن اتخاذها مساجد، فقال لما ذكرت له أم سلمة
رضي الله عنها: أنها رأت كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الصور قال:

( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح
بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور،
أولئك شرار الخلق عند الله )

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس ليال:

( إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد
اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي
خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون
قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد
إني أنهاكم عن ذلك )

. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:

( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً،
وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )

. كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور كما قال جابر
بن عبد الله رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه) . وكذلك نهى عن الصلاة
عند القبور سواء بني عليها مسجد أو لا لقوله:

( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها )

. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلك الأمور كلها الدالة على
تعظيم القبر لئلا يفضي ذلك إلى عبادتهم وطلب قضاء الحوائج من
الموتى، ويدل على أن هذا هو المراد ما أشار به إلى صنيع الأمم السابقة،
وكذلك لأن هذا هو أصل ابتداء الشرك في الناس كما تقدم . وقد قال
ابن قدامة معللاً للنهي عن اتخاذ القبور مساجد ومصلى: (لأن تخصيص
القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها،
وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام: تعظيم الأموات باتخاذ صورهم
ومسحها والصلاة عندها) اهـ.

الثالث: النهي عن الوفاء بالنذر بالذبح لله تعالى في مكان يذبح فيه لغير
الله أو يقام فيه عيد من أعياد الجاهلية. فعن ثابت بن الضحاك
رضي الله عنه قال:

( نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال:
فهل كان فيه عيد من أعيادهم. قالوا: لا، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر
في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم )

. فقوله في آخر الحديث

( فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله )

يفيد أن الوفاء بالنذر في المكان الذي فيه أمر من أمور الجاهلية معصية
لله، ففي هذا سد لذريعة الشرك وإبعاد للمسلمين عن التشبه
بالمشركين في تعظيم أوثانهم .

الرابع: النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها صيانة للصلاة
وللمصلين المسلمين أن يشبهوا الكفار في سجودهم لها وعبادتهم
لها وللشيطان.

وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد عمرو بن عبسة بقوله:

( صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى
ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها
الكفار... (إلى أن قال): حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة
حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ
يسجد لها الكفار) .

وهذا كله حماية للتوحيد.

وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما يؤدي إلى إساءة الظن
برب العالمين وعدم تقديره حق قدره. ومن ذلك الألفاظ التي فيها التسوية
بين الله وبين المخلوق، فعن قتيلة:

( أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون
وتقولون: ما شاء الله وشئت وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي
صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة
وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئت ) اهـ.

فجعل المخلوق مساوياً للخالق باللفظ في المشيئة أو التعظيم فيه إساءة
ظن برب العالمين واستنقاص له، إذ هو المتعالي العظيم الذي له الخلق
والأمر سبحانه. وإن هذه التسوية نهي عنها وإن لم يعتقد قائلها ذلك
بقلبه، وقد تكون مثل هذه الألفاظ شركاً أكبر إذا قصدها قائلها بقلبه.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين