المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث اليوم 24.09.1437


حور العين
06-29-2016, 03:50 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
حديث اليوم
( ممَا جَاءَ فِي: قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ
النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ )

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ وَمُحَمَّدٌ قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ رضي الله تعالى عنهم أجمعين

قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ

( أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي
قُبِضَ فَأْتِنَا فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ
مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ
إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ
بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ فَرُفِعَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ قَالَ
حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ سَعْدٌ
يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ
عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )

الشــــــــــــــــــروح

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبدان ومحمد‏)‏
هو ابن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي عثمان‏)
هو النهدي كما صرح به في التوحيد من طريق حماد عن عاصم‏.‏

وفي رواية شعبة في أواخر الطب عن عاصم سمعت أبا عثمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏
هي زينب كما وقع في رواية أبي معاوية عن عاصم المذكور
في مصنف ابن أبي شيبة‏.‏

قوله ‏(‏إن ابنا لي‏)‏
قيل هو علي بن أبي العاص بن الربيع، وهو من زينب كذا كتب الدمياطي
بخطه في الحاشية، وفيه نظر لأنه لم يقع مسمى في شيء من طرق
هذا الحديث‏.‏

وأيضا فقد ذكر الزبير بن بكار وغيره من أهل العلم بالأخبار أن عليا
المذكور عاش حتى ناهز الحلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه
على راحلته يوم فتح مكة، ومثل هذا لا يقال في حقه صبي عرفا،
وإن جاز من حيث اللغة‏.‏

ووجدت في الأنساب للبلاذري أن عبد الله بن عثمان بن عفان من رقية
بن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات وضعه النبي صلى الله عليه وسلم
في حجره وقال ‏"‏ إنما يرحم الله من عباده الرحماء ‏"‏ وفي مسند البزار
من حديث أبي هريرة قال ثقل ابن لفاطمة فبعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فذكر نحو حديث الباب وفيه مراجعة سعد بن عبادة في البكاء، فعلى هذا
فالابن المذكور محسن بن علي بن أبي طالب، وقد اتفق أهل العلم بالأخبار
أنه مات صغيرا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أولى أن يفسر
به الابن إن ثبت أن القصة كانت لصبي ولم يثبت أن المرسلة زينب، لكن
الصواب في حديث الباب أن المرسلة زينب وإن الولد صبية كما ثبت في
مسند أحمد عن أبي معاوية بالسند المذكور ولفظه ‏"‏ أتي النبي
صلى الله عليه وسلم بأمامة بنت زينب ‏"‏ زاد سعدان بن نصر في الثاني
من حديثه عن أبي معاوية بهذا الإسناد ‏"‏ وهي لأبي العاص بن الربيع
ونفسها تقعقع كأنها في شن ‏"‏ فذكر حديث الباب، وفيه مراجعة
سعد بن عبادة‏.‏

وهكذا أخرجه أبو سعيد بن الأعرابي في معجمه عن سعدان، ووقع في
رواية بعضهم أميمة بالتصغير، وهي أمامة المذكورة، فقد اتفق أهل العلم
بالنسب أن زينب لم تلد لأبي العاص إلا عليا وأمامة فقط، وقد استشكل
ذلك من حيث أن أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أن أمامة بنت أبي العاص
من زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم
حتى تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة، ثم عاشت
عند علي حتى قتل عنها‏.‏

ويجاب بأن المراد بقوله في حديث الباب ‏"‏ أن ابنا لي قبض ‏"‏ أي قارب
أن يقبض، ويدل على ذلك أن في رواية حماد ‏"‏ أرسلت تدعوه إلى ابنها
في الموت ‏"‏ وفي رواية شعبة ‏"‏ أن ابنتي قد حضرت ‏"‏ وهو عند
أبي داود من طريقه أن ابني أو ابنتي، وقد قدمنا أن الصواب قول من قال
ابنتي لا ابني، ومؤيده ما رواه الطبراني في ترجمة عبد الرحمن بن عوف
في المعجم الكبير من طريق الوليد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
عن أبيه عن جده قال ‏"‏ استعز بأمامة بنت أبي العاص فبعثت زينب بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه تقول له ‏"‏ فذكر نحو حديث أسامة
وفيه مراجعة سعد في البكاء وغير ذلك، وقوله في هذه الرواية ‏"‏ استعز
‏"‏ بضم المثناة وكسر المهملة وتشديد الزاي أي اشتد بها المرض
وأشرفت على الموت، والذي يظهر أن الله تعالى أكرم نبيه صلى الله عليه وسلم
لما سلم لأمر ربه وصبر ابنته ولم يملك مع ذلك عينيه من الرحمة
والشفقة بأن عافى الله ابنة ابنته في ذلك الوقت فخلصت من تلك الشدة
وعاشت تلك المدة، وهذا ينبغي أن يذكر في دلائل النبوة والله المستعان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقرئ السلام‏)‏
بضم أوله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن لله ما أخذ وله ما أعطى‏)
‏ قدم ذكر الأخذ على الإعطاء - وإن كان متأخرا في الواقع - لما يقتضيه
المقام، والمعنى أن الذي أراد الله أن يأخذه هو الذي كان أعطاه، فإن أخذه
أخذ ما هو له، فلا ينبغي الجزع لأن مستودع الأمانة لا ينبغي له أن يجزع
إذا استعيدت منه، ويحتمل أن يكون المراد بالإعطاء إعطاء الحياة لمن
بقي بعد الميت، أو ثوابهم على المصيبة، أو ما هو أعم من ذلك‏.‏

و ‏"‏ ما ‏"‏ في الموضعين مصدرية، ويحتمل أن تكون موصولة والعائد
محذوف، فعل الأول التقدير لله الأخذ والإعطاء، وعلى الثاني لله الذي أخذه
من الأولاد وله ما أعطى منهم، أو ما هو أعم من ذلك كما تقدم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكل‏)‏
أي من الأخذ والإعطاء - أو من الأنفس - أو ما هو أعم من
ذلك، وهي جملة ابتدائية معطوفة على الجملة المؤكدة، ويجوز في كل
النصب عطفا على اسم أن فينسحب التأكيد أيضا عليه، ومعنى العندية
العلم فهو من مجاز الملازمة، والأجل يطلق على الحد الأخير وعلى
مجموع العمر، و قوله ‏(‏مسمى‏)‏ أي معلوم مقدر أو نحو ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولتحتسب‏)
‏ أي تنوي بصبرها طلب الثواب من ربها، ليحسب لها ذلك من عملها
الصالح قوله ‏(‏فأرسلت إليه تقسم‏)‏ وقع في حديث عبد الرحمن بن عوف
أنها راجعته مرتين وأنه إنما قام في ثالث مرة، وكأنها ألحت عليه في ذلك
دفعا لما يظنه بعض أهل الجهل أنها ناقصة المكانة عنده، أو ألهمها الله
تعالى أن حضور نبيه عندها يدفع عنها ما هي فيه من الألم ببركة دعائه
وحضوره، فحقق الله ظنها‏.‏

والظاهر أنه امتنع أولا مبالغة في إظهار التسليم لربه، أو ليبين الجواز
في أن من دعي لمثل ذلك لم تجب عليه الإجابة بخلاف الوليمة مثلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقام ومعه‏)‏
في رواية حماد ‏"‏ فقام وقام معه رجال ‏"‏ وقد سمي
منهم غير من ذكر في هذه الرواية عبادة بن الصامت وهو في رواية
عبد الواحد في أوائل التوحيد‏.‏

وفي رواية شعبة أن أسامة راوي الحديث كان معهم‏.‏

وفي رواية عبد الرحمن بن عوف أنه كان معهم، ووقع في رواية شعبة
في الأيمان والنور وأبي أو أبي كذا فيه بالشك هل قالها بفتح الهمزة
وكسر الموحدة وتخفيف الياء أو بضم الهمزة وفتح الموحدة والتشديد،
فعلى الأول يكون معهم زيد بن حارثة أيضا لكن الثاني أرجح لأنه ثبت في
رواية هذا الباب بلفظ ‏"‏ وأبي بن كعب ‏"‏ والظاهر أن الشك فيه من شعبة
لأن ذلك لم يقع في رواية غيره والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرفع‏)‏
كدا هنا بالراء‏.‏

وفي رواية حماد ‏"‏ فدفع ‏"‏ بالدال وبين في رواية شعبة أنه وضع
في حجره صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفي هذا السياق حذف والتقدير فمشوا إلى أن وصلوا إلى بيتها فاستأذنوا
فأذن لهم فدخلوا فرفع، ووقع بعض هذا المحذوف في رواية عبد الواحد
ولفظه ‏"‏ فلما دخلنا ناولوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونفسه تقعقع قال‏.‏
حسبت أنه قال كأنها شن‏)‏
كذا في هذه الرواية، وجزم بذلك في رواية حماد ولفظه ‏"‏ ونفسه تقعقع
كأنها في شن ‏"‏ والقعقعة حكاية صوت الشيء اليابس إذا حرك، والشن
بفتح المعجمة وتشديد النون القربة الخلقة اليابسة، وعلى الرواية الثانية
شبه البدن بالجلد اليابس الخلق وحركة الروح فيه بما يطرح في الجلد من
حصاة ونحوها‏.‏

وأما الرواية الأولى فكأنه شبه النفس بنفس الجلد وهو أبلغ قي الإشارة
إلى شدة الضعف وذلك أظهر في التشبيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ففاضت عيناه‏)
‏ أي النبي صلى الله عليه وسلم وصرح به في رواية شعبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال سعد‏)
‏ أي ابن عبادة المذكور، وصرح به في رواية عبد الواحد، ووقع في رواية
ابن ماجه من طريق عبد الواحد ‏"‏ فقال عبادة بن الصامت ‏"‏ والصواب
ما في الصحيح‏.‏

قوله ‏(‏ما هذا‏)
‏ في رواية عبد الواحد ‏"‏ فقال سعد بن عبادة أتبكي ‏"‏ زاد أبو نعيم
في المستخرج ‏"‏ وتنهي عن البكاء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال هذه‏)‏
أي الدمعة أثر رحمة، أي أن الذي يفيض من الدمع من حزن القلب بغير
تعمد من صاحبه ولا استدعاء لا مؤاخذة عليه، وإنما المنهي عنه الجزع
وعدم الصبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإنما يرحم الله من عباده الرحماء‏)
في رواية شعبة في أواخر الطب ‏"‏ ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء ‏
"‏ ومن في قوله من عباده بيانية، وهي حال من المفعول قدمه فيكون
أوقع، والرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة ومقتضاه أن رحمة الله
تختص بمن اتصف بالرحمة وتحقق بها بخلاف من فيه أدنى رحمة، لكن
ثبت في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود وغيره ‏"‏ الراحمون
يرحمهم الرحمن ‏"‏ والراحمون جمع راحم فيدخل كل من فيه أدنى رحمة،
وقد ذكر الحربي مناسبة الإتيان بلفظ الرحماء في حديث الباب بما حاصله
أن لفظ الجلالة دال على العظمة، وقد عرف بالاستقراء أنه حيث ورد
يكون الكلام مسوقا للتعظيم، فلما ذكر هنا ناسب ذكر من كثرت رحمته
وعظمته ليكون الكلام جاريا على نسق التعظيم، بخلاف الحديث الآخر فإن
لفظ الرحمن دال على العفو فناسب أن يذكر معه كل ذي رحمة وإن قلت،
والله أعلم‏.‏

وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز استحضار ذوي الفضل
للمحتضر لرجاه بركتهم ودعائهم وجواز القسم عليهم لذلك، وجواز
المشي إلى التعزية والعيادة بغير إذن بخلاف الوليمة، وجواز إطلاق اللفظ
الموهم لما لم يقع بأنه يقع مبالغة في ذلك لينبعث خاطر المسؤول في
المجيء للإجابة إلى ذلك، وفيه استحباب أبرار القسم وأمر صاحب
المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت ليقع وهو مستشعر بالرضا مقاوما
للحزن بالصبر، وإخبار من يستدعي بالأمر الذي يستدعى من أجله،
وتقديم السلام على الكلام، وعيادة المريض ولو كان مفضولا
أو صبيا صغيرا‏.‏

وفيه أن أهل الفضل لا ينبغي أن يقطعوا الناس عن فضلهم ولو ردوا أول
مرة، واستفهام التابع من إمامه عما يشكل عليه مما يتعارض ظاهره،
وحسن الأدب في السؤال لتقديمه قوله ‏"‏ يا رسول الله ‏"‏ على الاستفهام‏.‏
وفيه الترغيب في الشفقة على خلق الله والرحمة لهم والترهيب من قساوة
القلب وجمود العين، وجواز البكاء من غير نوح ونحوه‏.‏

اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك

سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .